اتصل بنا
 

لا تخذلونا

للتواصل مع الكاتب:

نيسان ـ نشر في 2019-02-27 الساعة 15:28

لا تخذلونا ـ بقلم: ابراهيم قبيلات
نيسان ـ إبراهيم قبيلات...لا ينكر أحد أن مستشفيات مجمل محافظاتنا وألويتنا في حالة خصومة دائمة مع أطباء الاختصاص، وكأنه قدر الناس من الفقراء أن يكونوا متأهبين للموت عند اول عارض صحي، فلا أطباء مختصين ولا معدات طبية، هناك لا يوجد سوى أسرة وأطباء مقيمين وممرضين وشيء من علاجات مسكنة للأمراض.
ندرك كل ذلك جيداً، وندرك معه حق الأطباء بأن يحلموا بمستقبل أفضل لهم ولأسرهم، وندرك أيضاً حق الأطباء في تحسين رواتبهم وفرصهم في الحياة؛ سعيا للعيش الكريم، لكن بالمقابل عليهم رفع مستوى الوطنية في وجدانهم، وتفهّم حاجة البلد لهم بعد أن مكنتهم وسلّحتهم بالخبرة والمعرفة، وصاروا عناوين يقصدها الجميع بعد أن صقلوا مهاراتهم عبر برامج للتدريب للحصول على رغد الاختصاص...نحن لا نريدهم أنانيين حد الوجع، نريدهم بلسما لأرواحنا قبل أوجاعنا.
في الحقيقة، أحسنت وزارة الصحة وهي تضع قدمها على السكة الصحيحة في تعديل مسار أطباء الاختصاص، في وقت تقول الأخبار أن عدد أطباء الاختصاص لا يتجاوزون 800 طبيب في كل مستشفياتنا، وهو ما يفسر "توحش" بعض أطباء القطاع الخاص، ووصول مجرد كشفيتهم إلى أرقام فلكية.
في البدء، يتدربون على أجسادنا، ثم ينسى بعضهم مقصاً أو إبرة أو شيئاً من مستلزمات طبية في بطن مريض، فينسون كل ذلك مع أول طائرة للخليج أو فرصة للغرف من آبار القطاع الخاص "الارتوازية"، إنهم لا يتوقفون عند حاجة البلد ومواطنيها لخبراتهم وكفاءاتهم، بل ينطلقون كالسهم إلى أحلام الثراء.
بالنسبة للوزارة فإن التحاق الأطباء العامين ببرامج التدريب للحصول على الاختصاص يعني توقيعهم عقداً يتضمن شروط الوفاء بالالتزام بالخدمة في الوزارة.
ما الذي يحدث عقب ذلك؟
تقول تجارب الناس اليومية على مدى السنوات الماضية إن جلهم وما أن ينفض غبار فترة التدريب والحصول على شهادة الاختصاص حتى يهجر مستشفيات الوزارة، حاجين صوب القطاع الخاص أو للعمل في الخارج بعد أن يقوموا بتسديد الالتزام المالي بالتقسيط المريح، تاركين وراءهم مستشفيات وزارة الصحة التي قامت بتدريبهم خالية من معظم الاختصاصات؛ ما يؤدي حتما الى تدني مستوى الخدمة الطبية من جهة، و تعريض صحة المواطن للخطر من جهة أخرى.
حاولت الوزارة عبر عقود جديدة أن تنسف الشروط السهلة السابقة، لصالح شروط جديدة تسعى إلى ثني هؤلاء الاطباء عن ترك الوزارة قبل الإيفاء بالالتزام والخدمة في مستشفيات الوزارة، مقابل تدريبهم وتمكينهم في المهنة، بعد أن ثبتت رغبتهم الجامحة في مجرد الحصول على الاختصاص أما المواطنون والبلد فلهم الله.
من غير المفهوم موقف مجلس نقابة الاطباء الحالي ونقباء سابقين ورئيس اللجنة الصحية في مجلس النواب المشجع للاطباء على ترك العمل في مستشفيات ومراكز وزارة الصحة بعد حصولهم على شهادة الاختصاص وقيامهم في الوقت نفسه بانتقاد الوزارة لعدم تأمينها الخدمة الصحية بشكل أفضل في مستشفياتها.
إذا سلمنا بخيار ورغبة هذا الفريق فإننا - وعن سبق إصرار– نغفل مستوى الخدمة في مستشفيات وزارة الصحة؛ ليبقى متدنيا، فيضطر المجتمع لمراجعة مستشفيات القطاع الخاص مباشرة او ان يتم تحويلهم الى مؤسسات طبية اخرى؛ تكلف البلد أموالاً طائلة ولا أحد يعلم من سيستأثر بتلك المبالغ المالية التي ستحولها وزارة الصحة لتلك المؤسسات مقابل المعالجة.
السؤال الذي يطرح نفسه، هو؛ أين كان مجلس النقابة وبعض النقباء السابقين ورئيس اللجنة الصحية في مجلس النواب عندما قام وزراء سابقون بتفريغ وزارة الصحة من الاطباء والكفاءات لصالح القطاعات الطبية الاخرى؟ ثم أين كان هؤلاء عندما سلق وزير صحة سابق وابتدع نظام ابتعاث خاصا، أوفد من خلاله اطباء للتدريب في المؤسسات الاخرى، وهم اصلا ليسوا موظفين في الوزارة فأخذوا حقوق غيرهم؟.
لربما الجواب "من دهنه قليله" وهو أن ابناءهم او بناتهم او أبناء انسبائهم وأبناء حاشيتهم هم المستفيدون من تلك الفوضى.

نيسان ـ نشر في 2019-02-27 الساعة 15:28


رأي: ابراهيم قبيلات

للتواصل مع الكاتب:

الكلمات الأكثر بحثاً