أن تأتي متأخرة
محمد جميل خضر
قاص واعلامي اردني
نيسان ـ نشر في 2019-02-28 الساعة 08:08
نيسان ـ لقد صمتنا كثيراً كي يتاح الوقت الكافي والكافر لاستفحال ظواهر من أمثال محمد المجالي وغيره.
صمتنا على تعهير فكرة الأوبريت التي أبدع بها فنانون صادقون من أمثال الموسيقي الدكتور محمد واصف، وبكلفة تصل إلى عشر ما أقيم تحت العنوان نفسه ولكن بالاتجاه الآخر المحوّط بالنصب والفساد والتكسب تحت عنوان (رزق العقّال .....).
صمتنا إلى اليوم الذي يَدِلَقُ مسيءٌ بوجوهنا آخر طلقة في جعبة اللا أخلاق: (طقّوا.. موتوا.. سيروا على أقدامكم أو أنحاركم أو عجزكم عن إيقاف أمثالي.. باختصار: بلْطوا البحر). وبرأيي لو بلّطناه لكان أجدى لنا، وكنا وجدنا له آخِراً يمكن أن نصله لنخرج أطفالنا من مستنقع ملحه الدامي.
صمتنا حين رأينا فاقدي المَلَكات والإمكانيات والمؤهلات يحتلّون شاشاتنا الوطنية، ويعبثون بمنجزاتنا الجمالية والتراثية. يصرخون بأصوات نشاز: (إحنا كبار البلد)، فلا نجد جواباً سوى أن نتفشّش بكرسيٍّ في بيوتنا حزينٌ ومركونٌ فنترفّش في بطنه ونحيله خشباً عاجزاً عن صد الركلات.
لم يحددوا لنا مواصفات محددة لطبقة كبار البلد ورغم ذلك صمتنا، نضرب أخماساً بأسداس حول ماهية هؤلاء الكبار: هل يفرّخون من مكان آخر غير أرحام الأمهات؟ هل يحتاجون لأكثر من التسعة المتسعة المكررة منذ انتقل الخلق من التوالد عبر الضلوع إلى التناسل الطبيعيّ أو الأنابيبيّ المحتاج للأسابيع الأربعين نفسها في الحالتين؟ هل أولئك الكبار لا يحتاجون لممارسة العمليات البيولوجية التي قد تفرض نفسها أحياناً كسؤال للوجود نفسه بعد أكلة باذخة، أو تراكم سوائل من مختلف التصنيفات الحرام والحلال؟ هل يحملون في جيوبهم الخلفية لصق مؤخراتهم بوليصة القَدَر؟
صمتنا حتى اختنقنا بصمتنا. قالوا لنا الأمن والأمان فصدقنا غير مدركين أن أهم شروط الأمن تحقيق العدالة. وأن لا أمان لمن باع دينه. وأن الفلاة الممتدة علمتنا قيم السوادي وهذه ليس من بينها كل ما اقترفوه بحقنا.
أيها المشّاءون بنعالٍ من صبركم ولظى أيامكم وبرد حجرات نومكم، إياكم أن تتوقفوا عن المسير. حتى حجرات نومهم فلا نامت أعين الجبناء. حتى سبات إدارة ظهورهم لنا فنحن لسنا فرق توقيت بين نصابٍ ومتكسِّبٍ وطامعٍ بمنصب ولاحنٍ بحروف يعرب. نحن صرخة عامل المنجم بوجه ابنة الملك في مسرحية يوجين يونيسكو: أنا إنسان. نحن الناس كل الناس. صمتنا كثيراً، ولكن أن تأتي متأخرة خير من أن لا تأتي أبدا.
صمتنا على تعهير فكرة الأوبريت التي أبدع بها فنانون صادقون من أمثال الموسيقي الدكتور محمد واصف، وبكلفة تصل إلى عشر ما أقيم تحت العنوان نفسه ولكن بالاتجاه الآخر المحوّط بالنصب والفساد والتكسب تحت عنوان (رزق العقّال .....).
صمتنا إلى اليوم الذي يَدِلَقُ مسيءٌ بوجوهنا آخر طلقة في جعبة اللا أخلاق: (طقّوا.. موتوا.. سيروا على أقدامكم أو أنحاركم أو عجزكم عن إيقاف أمثالي.. باختصار: بلْطوا البحر). وبرأيي لو بلّطناه لكان أجدى لنا، وكنا وجدنا له آخِراً يمكن أن نصله لنخرج أطفالنا من مستنقع ملحه الدامي.
صمتنا حين رأينا فاقدي المَلَكات والإمكانيات والمؤهلات يحتلّون شاشاتنا الوطنية، ويعبثون بمنجزاتنا الجمالية والتراثية. يصرخون بأصوات نشاز: (إحنا كبار البلد)، فلا نجد جواباً سوى أن نتفشّش بكرسيٍّ في بيوتنا حزينٌ ومركونٌ فنترفّش في بطنه ونحيله خشباً عاجزاً عن صد الركلات.
لم يحددوا لنا مواصفات محددة لطبقة كبار البلد ورغم ذلك صمتنا، نضرب أخماساً بأسداس حول ماهية هؤلاء الكبار: هل يفرّخون من مكان آخر غير أرحام الأمهات؟ هل يحتاجون لأكثر من التسعة المتسعة المكررة منذ انتقل الخلق من التوالد عبر الضلوع إلى التناسل الطبيعيّ أو الأنابيبيّ المحتاج للأسابيع الأربعين نفسها في الحالتين؟ هل أولئك الكبار لا يحتاجون لممارسة العمليات البيولوجية التي قد تفرض نفسها أحياناً كسؤال للوجود نفسه بعد أكلة باذخة، أو تراكم سوائل من مختلف التصنيفات الحرام والحلال؟ هل يحملون في جيوبهم الخلفية لصق مؤخراتهم بوليصة القَدَر؟
صمتنا حتى اختنقنا بصمتنا. قالوا لنا الأمن والأمان فصدقنا غير مدركين أن أهم شروط الأمن تحقيق العدالة. وأن لا أمان لمن باع دينه. وأن الفلاة الممتدة علمتنا قيم السوادي وهذه ليس من بينها كل ما اقترفوه بحقنا.
أيها المشّاءون بنعالٍ من صبركم ولظى أيامكم وبرد حجرات نومكم، إياكم أن تتوقفوا عن المسير. حتى حجرات نومهم فلا نامت أعين الجبناء. حتى سبات إدارة ظهورهم لنا فنحن لسنا فرق توقيت بين نصابٍ ومتكسِّبٍ وطامعٍ بمنصب ولاحنٍ بحروف يعرب. نحن صرخة عامل المنجم بوجه ابنة الملك في مسرحية يوجين يونيسكو: أنا إنسان. نحن الناس كل الناس. صمتنا كثيراً، ولكن أن تأتي متأخرة خير من أن لا تأتي أبدا.
نيسان ـ نشر في 2019-02-28 الساعة 08:08
رأي: محمد جميل خضر قاص واعلامي اردني