في الطريق إلى عين جنا

نيسان ـ صور من الكرم والترحاب الأردني الأصيل الممزوج بابتسامة حقيقية، نموذج من الطِباع الريفية النبيلة التي مازالت حاضرة رغم بساطة العيش وقسوته في بعض الأحيان، دلالة وإرشاد في أعلى مستويات اللباقة مسبوق بعبارة (تفضلوا) لئوكد أن الخير في الأردن باقٍ ومتاصل في نفوس أبنائه مهما ارهقتهم الحكومات بضرائبها، ومهما خيّبت ظنونهم بقرارتها واستراتيجياتها التي لا تساوي ثمن حبرها والورق، رحلة قصيرة لكنها مليئة بالعبر الغائبة عن عين المسؤول وشاشات الإعلام التي عادت ما تُلمّع زبائن بأعينهم قد تجري بينهم بعض المناقلات، قيم وأخلاق وسجايا حقيقية دونما تجميل أو تزيين جُبِلت عليها النفوس فنطقت بها الألسن، طبيعة خلابة تُعطي جرعات من الأمل أنه لا زال في العمر متسع، بقعة زراعية خصبة تبعث نداءات استغاثة علّها تجد من يعيرها اهتماما ً فتغدو سلة غذاء ومصدر إنتاج، اشجارا وارفة خضراء تسرد حكايات الآباء والأمهات والأجداد الذين شمّروا عن سواعدهم ورووا بحبات عرقهم جذورها وثمارها، شباب في عمر الورود يتوقدون رجولة و ونخوة ونشوةً يخافون الغد الذي حْمّلوا همهُ صغاراً منذ نعومة اظفارهم وارهقهم كباراً حتى اضحوا كهولا ً في ربيع أعمارهم، أعمدة ومدرجات تّحدّث الزائرين عن عراقة المكان وتاريخه الضارب في أعماق الزمن الممتد من أيام الرومان إلى يومنا هذا وكيف استطاعوا أن يواجهوا الكوارث الطبيعية والأمطار الغزيرة والحد من خسائرها رغم بساطة الإمكانات والأدوات ولم يتذرعوا بحجج واهية هشة لأن هدفهم كان بناء أوطانهم وإعلاء بنيانها، مشاتل ومطاعم ومتاجر ألبان أقامها أصحابها بجهد فردي واعتماد على الذات ليعطوا درسا حقيقياً لتنمية المحافظات وكيف يمكن أن تكون عاملاً أساسيا ًفي الحد من الهجرة وتفريغ القرى والمدن من سكانها الباحثين عن الوظائف وسبل العيش دونما زيادة في الضرائب أو فرضا للرسوم كما حال الحكومات عندما أرادت الإعتماد على الذات الذي أصبح مفهوماً مرادفاً للغلاء والتضخم وتراجع الخدمات وترديها في بعض الحالات، مجالس بلدية تؤدي خدمة للمواطنين وتحاول أن تُحدِثَ فرقاً في معنى الخدمة العامة فعلاً وقولاً فتديم الصيانة لمجاري الأودية والسيول لتمنع الضرر قبل وقوعه ولتتجنب تشكيل اللجان، وتُعطي درساً في تكريم الشهداء رغم شُح مواردها فتقيم نُصباً تذكارية وتدشن مبان وتُسمي شوارع بأسمائهم لأنهم بنظر أعضائها الأحق بالتكريم، إلى عين جنا تحية المحبة والمودة .