المذيعة تسألنا: من أنتم؟

نيسان ـ تسألنا المذيعة على احدى محطات الإذاعة غير المحلية ،من أنتم؟وتستغرب كيف يسمح متعطلو العقبة بوجود مندسين بينهم .!
ثم تسبل عينيها قليلا وتلقي علينا مواعظ "،و تبدأ رموشها الطويلة بالرفرفة سريعا من باب لزوم ما يلزم في هكذا برامج استعراضية، وتختم بفاصل ونواصل.
*
سيدتي:
هؤلاء أبناء الحراثين ،لم يتسنموا وزارة وليسوا خبراء في بهرج العاصمة ومجالس نميمتها وقد جاءوا من اقصى الوطن من العقبة ومعان يسعون ويطلبون رزقا وكرامة .
هؤلاء لا نجهلهم ونعرفهم من سيمائهم فهم ملح هذه الأرض ولا يعرفون المندس ولا يألفون هكذا مفردات ،فليست في قواميسهم ،ولا يعيبك سيدتي عدم معرفة موقع غرندل على خريطة هذا الوطن ولكن يعيبك الجهل بناسه الطيبين في بواديه وأريافه ومخيماته.
*
سيدتي:
هؤلاء رأيتهم الاربعاء قبل "خميس السيل" قرب الديوان تحت الجسر مقابل مجمع رغدان القديم ،حين كانت صرخات البرد والمطر تمزق النهار، وكانوا هناك في العراء وكان الإجهاد باديا على الوجوه المعانية ،وكنت أنت في غرفة الاستديو الدافئة تسألين من أنتم؟
*
سيدتي:
هؤلاء جاءوا من حيث ابتدأت الإمارة من معان ،وعلى امتداد الدرب الى عمان ،مروا بجرف الدراويش والحسا والقطرانة والجيزة ،وحيثما حلوا أحاطهم أهلهم بالعناق والزاد ،وحيثما وقع الليل آوتهم بيوت الله ولم يسألهم أحد : من أنتم ؟ أيسأل الانسان في وطنه؟
*
سيدتي:
هؤلاء لم يسمعوا تجريحك رغم ضجيج السوشال ميديا، ولم يتوقفوا عند اعتذارك، لأن الفرسان لا تضيرهم المعارك الوهمية، وقد فازوا بالإبل دون أن يشتموا أحدا.
سيدتي:
نترفق بك في الخطاب، فترفقي بالوطن وأهله،فلم نعرف في خطابنا الإعلامي مفردة "مندس" وأتضرع الى الرحمن الرحيم أن لا نعرفها ..وليست هكذا تورد الإبل أو تهبط الشهرة على المذيعات..
ولتعلمي سيدتي ان "المكياج الثقافي" هو ما يزين طلّة المذيعات لأنه الأجمل والأكثر امتدادا من الرموش الطويلة.