اتصل بنا
 

حازم عبد العظيم آخر من يعلم!

كاتب مصري

نيسان ـ نشر في 2015-07-15 الساعة 03:41

نيسان ـ

لم يكن "حازم عبد العظيم" ، القيادي بالحملة الانتخابية لقائد الانقلاب العسكري، أول من غادروا معسكر الانقلاب، ولن يكون آخرهم، وإن كان الجديد في حالته هو المبالغة في ظهوره في صورة "المختوم على قفاه" ، الذي يسري عليه ما يسري على بطل فيلم "الزوج آخر من يعلم" !.

فالرجل، انتظر حتى غادر القاهرة إلى العاصمة البريطانية "لندن" ، وعندما استشعر الأمان في "مدينة الضباب" ، أعلن كفره بالسيسي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما استقبله كثيرون بإعلان الشماتة، في كائن، كان من الذين شاركوا في إضفاء الديكور المدني على الانقلاب العسكري، وخان ثورة شارك فيها، وكان كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا، بتمكين الثورة المضادة، التي قادها عبد الفتاح السيسي، من أن تطوي صفحة يناير، لتتحول المحاكمات التي نصبت لرموز النظام البائد، إلى منصات للخطابة، والدعاية، وذكر المناقب، وما قدموه للوطن، وكأنهم في مهرجان انتخابي. في الوقت الذي زج بالثوار إلى السجون، ولم يتوفر لهم الحد الأدنى من الضمانات، ووضعوا في "أقفاص" عازلة للصوت، في سابقة لم تعرفها المحاكم المصرية في طول التاريخ وعرضه!.

أعرف كثيرين من الذين غادروا معسكر الانقلاب وتابوا من قريب، بعد أن تبين لهم الرشد من الغي، وبعد أن انقشع الغبار، فأمكنهم أن يدركوا أن عبد الفتاح السيسي ليس هو خيار الثورة، ولكنه خيار الثورة المضادة، وأن دوره ليس في أن يبعد الإسلام السياسي من المشهد، وإنما أن ينحي ثورة يناير، ويجرم كل ما حدث فيها، ويرد الاعتبار لمبارك ونجليه وسدنة عرشه!.

الجديد في حالة الدكتور "حازم عبد العظيم" ، يتمثل في الفترة التي قضاها مدافعاً عن حكم عسكري جاء على أنقاض الثورة، وعندما حلت الفكرة، لم يكن ما ساقه من مبررات، لوقوع الطلاق البائن بينه وبين السيسي، اكتشافاً يحتاج لكل هذا الوقت الذي قضاه "مخدوعاً" . فقد قال أنه لم يعجبه ما أسماه بزفة التطبيل والمسخرة في ألمانيا، فالشاهد أن المسخرة كانت شعار المرحلة ومنذ أول يوم، وفي كل المناسبات، كان التعبير عن التأييد يتم بهز البطون والعقول، على "واحدة ونص" ، وتتحول معه ميادين النضال سابقاً، إلى علب ليل، ما كان سبباً في تحول الاحتفالات إلى مهرجانات للتحرش، ولعله قرأ لكاتبة، تحمل درجة الدكتوراه، وفي صحيفة جادة، تعلن أنها رهن إشارة السيسي، لتصبح جارية في البلاط، وليس عليه إلا أن يغمز فقط بعينيه!.

ولعله قرأ لكاتب في صحيفة أخرى قام بدور "الغانية" ، معرباً في سلسلة مقالاته عن الوله والعشق. وكيف قامت صحيفة بنشر قصيدة لشاعر يعلن فيها أن نساءهم حبلي بنجم السيسي!.

وقد تحول المشهد السياسي بعد الانقلاب، إلى ميدان لضحايا الوَحَم، وقد بدا كثيرون في حالة فقدان للعقل، فيعلن قسيس الأصل فيه الوقار بحكم منصبه الديني أن من بين الأسباب التي جعلته يؤيد السيسي هو عشق النساء له، ويعلن سياسي مناضل كعبد الحليم قنديل نفس المعنى، بل إن السيسي نفسه وهو يدافع عن اختياره الحر المباشر للمتحدث العسكري لم يجد من الملكات لديه إلا بأنه "جاذب للنساء" !.

ولم يكن الأمر بحاجة لكل هذا الوقت، حتى يكتشف "حازم عبد العظيم" ، أن ما يجري في مصر هو حكم عسكري، يقدم أهل الثقة والولاء على أهل الخبرة والكفاءة، فهذه إحدى مواصفات الحاكم العسكري، الذي لم نكتشفه مؤخراً فقط، فمصر ترزح تحت حكم العسكر، منذ حركة ضباط الجيش في يوليو 1952، وهذا من المعروف من العسكر بالضرورة!.

لقد بدا "حازم عبد العظيم" في ذهول وهو يعلن أن من بين أسباب خروجه من معسكر السيسي، هو اعتراف السيسي بأن في السجون "مظاليم" ، فهل كان الأمر يحتاج للاعتراف، وهو الذي أعلنته المنظمات الحقوقية موثقاً، لرجل قام بالمجازر، وزج بعشرات الآلاف إلى السجون ولم يسلم من بطشه النساء والأطفال؟!.

ما يؤكد أن الأمر ليس اكتشافاً، وإن ظهر "عبد العظيم" في "صورة المذهول" ، أنه وهو الذي شارك في حملة السيسي الانتخابية، ذكر من بين أسباب انسحابه الآن، أنه لم يعجبه أثناء الحملة "عدم وجود برنامج سياسي مكتوب، أو حتى رؤية مكتوبة" !.

فاللافت أنه مر على هذا الاكتشاف أكثر من عام، ومع هذا استمر "حازم عبد العظيم" في الحملة الانتخابية، بل استمر على تأييده لحاكم ليس لديه رؤية سياسية أو برنامج مكتوب، لنكتشف الآن أن هذا لم يكن يعجب أحد أفراد حملته الداعين له والمبشرين به!.

ولا أظن أنه عبقرية السيسي قد أذهلته، وهو يعلن عن توصله لحل مشكلة البطالة بألف سيارة لبيع الخضار، وحل مشكلة الطاقة باللمبات الموفرة، ليكون هذا سبباً في التحاقه بحملته الانتخابية!.

وهل كان يحتاج لعامين من الانقلاب العسكري، ولعام من الحكم المباشر للسيسي ليتوصل "حازم عبد العظيم " لما أعلنه في برنامج "عمرو أديب" : "الإعلام كله موجه وماشي بالتليفون ولا يُسمح بانتقاد السيسي" . فهل اكتشف هذا فجأة الآن، وعند اكتشافه لطمَ الخدود، وشقَ الجيوب، ودعا بدعاء الجاهلية؟!. وهو أمر يعرفه الجنين في بطن أمه ومنذ اليوم الأول للانقلاب العسكري!.

في الواقع، أن كل هذا لم يكن اكتشافاً توصل إليه صاحبنا بعبقريته المعروفة، ولعل الاكتشاف الحقيقي هو أنه اكتشف أن ما تحت القبة، ليس شيخاً، وأن "الحداية لا تحدف كتاكيت" .. كما يقول المثل الشعبي، ويعرفه القدماء المصريين منذ النشأة والتكوين!.

وتكمن المشكلة، أن هناك من الذين ينتمون لثورة يناير، يئسوا من الترقي الوظيفي، فقد تجاوز الرئيس محمد مرسي شركاء الثورة، وليسوا كلهم من كان يحلم بأن يكون وزيراً كـ "حازم عبد العظيم" ، فمنهم من كان يرضي غروره أن يكون "في الصورة" ، وأبو سفيان يحب الفخر، ومما أوغر الصدور، أن الحكم انشغل بالمؤلفة قلوبهم، من الذين ينتمون للنظام البائد، على حساب رفقاء الميدان!.

ووصلت شهوة الانتقام ذروتها بقيام القوى التي ينتمي لها "حازم عبد العظيم" ، بمحاولة اقتحام مبني جماعة الإخوان في المقطم، واعتدوا على من فيه، وتحولوا إلى شبيحة في تعاملهم وشاهدنا المذكور في قلب الأحداث وفي يده حجر !.

هؤلاء، شاركوا في الانقلاب العسكري جنباً إلى جنب مع دولة مبارك، وكانوا كالذي أراد أن يغيظ زوجته فخصى نفسه، فالثورة هتفت بسقوط حكم العسكر وهم ساهموا في عودة هذا الحكم، وبانتهازية اعتقدوا أن العسكري الجديد سوف يستعين بهم لإسباغ مشروعية مدنية على انقلابه، لكن تبين أن الحاجة كانت "لمسافة السكة" وبحسب ما كتبت في بداية الانقلاب على الحكم المدني، إذ قلت "إن السيسي يريدكم لمسافة السكة" !.

بعد الحملة الانتخابية، فوجئ "حازم عبد العظيم" بأنه خرج من "المولد بلا حمص" وهو الطامع في منصب وزير الاتصالات منذ بداية الثورة، فظهر في صورة "المخدوع" ، وهو يعلن انسحابه من العمل السياسي، فلم يكن وقد اكتشف الخديعة يستطيع أن يعارض السيسي، لأنه يعلم أنه أمام ديكتاتور، لا يرقب في معارضيه إلاً ولا ذمة، لنكتشف أن الهجوم على الرئيس محمد مرسي لم يكن مرده لشجاعتهم الذاتية، وإنما لديمقراطية الرئيس، فها هم أمام القمع يعلنون الانسحاب والاعتزال، فليس كل الطير يُؤكل لحمه.

إن الثورة المصرية تنفي خبثها.


المصدر : الراية

نيسان ـ نشر في 2015-07-15 الساعة 03:41

الكلمات الأكثر بحثاً