السیادة علی الجولان
نيسان ـ نشر في 2019-03-26 الساعة 10:08
نيسان ـ لا یمكن فھم قرار الرئیس دونالد ترامب بالاعتراف بسیادة إسرائیل على مرتفعات الجولان خارج إطار الانتخابات الإسرائیلیة. القرار تدخل واضح من الرئیس الأمیركي لتقویة حظوظ بنیامین نتنیاھو في الفوز بالانتخابات القادمة عبر إعطائھ تنازلا جدیدا وإظھار نجاحھ الإقلیمي سیاسیا واستراتیجیا.
لن یغیر القرار الواقع المیداني لمرتفعات الجولان لأنھا محتلة منذ العام 1967 ،وباستثناء لحظات زمنیة معدودة في حرب العام 1973 بقیت الجولان تحت السیطرة الإسرائیلیة الكاملة. الجدید والخطیر بالقرار أنھ ینسف مبدأ الأرض مقابل السلام الذي مثّل الأساس الذي قامت علیھ العملیة السلمیة برمتھا.
منطوق القرار سیاسیا یقول إن الجولان لم تعد محتلة و“لن“ تعود لتكون جزءا من سوریة لأن السیادة فیھا أصبحت لإسرائیل. الجولان بموجب القرار لیست أرضا محتلة، كما یقول القانون الدولي، وإنما ونظرا لأھمیتھا الاستراتیجیة یقرر السید ترامب أنھا جزء من إسرائیل.
القرار الأمیركي یضرب بعرض الحائط القانون الدولي وأسس الشرعیة الدولیة التي تقوم علیھا منظومة العمل الدولي بما فیھا الأمم المتحدة. العجیب أن الذي یھدم المنظومة الدولیة ھي الدولة التي قادت إنشاءھا في أعقاب الحرب العالمیة الثانیة والمعني الأكبر باستدامتھا. ھذه وصفة خطیرة تضعف منظومة العمل الدولي وتذھب بالعالم والعلاقات الدولیة لزمن توازن القوى الذي انتج حروبا عالمیة وإقلیمیة عدة.
حروب أمیركا المباشرة مع العراق كانت تبرر أمام العالم والرأي العام الأمیركي أنھا بسبب تجاوزات على منظومة العمل الدولي سواء عند احتلال العراق للكویت أو خرق العراق لالتزاماتھ بعدم انتشار أسلحة الدمار الشامل. وبصرف النظر عن صحة ھذه التبریرات من عدمھا فقد بقیت مستخدمة، في حین یأتي السید ترامب الآن ویعلن عبر قراراتھ أن الولایات المتحدة لا تحترم الشرعیة الدولیة، ویقرر أن لا حاجة لھذه المنظومة بعد الآن، مستندا لتوازن القوى المنحاز لأمیركا وإسرائیل. الرئیس الأمیركي یظن أنھ بھذا القرار یحمي إسرائیل ویعزز من أمنھا، ولكنھ في الواقع یفعل العكس تماما فھو یقول لكل من یؤمن بمنظومة العمل الدولي علیكم بالقوة والحرب والعنف فلا سبیل لكم غیر ذلك.
اعتراف ترامب بسیادة إسرائیل على أراضي الجولان لیس نھایة الأمر، وإنما دخول النزاع حولھا مرحلة جدیدة أشد تعقیدا وصعوبة. بإسناد عربي، سوریة معنیة بمراجعة نھج التعامل مع ملف الجولان والنظر لتجارب مصر وفلسطین والأردن التي حققت مكتسبات مھمة من إسرائیل. الممانعة إذا لم تكن مدعومة بتوازن استراتیجي حقیقي، لا تبدو سوریة بصدد تحقیقھ، تصبح ضربا من التفریط بالمصالح.
لن یعیب سوریة الدخول بتسویة سیاسیة تعید لھا الأرض والحقوق كما فعلت الدول الأخرى، وھذا لن یمنع سوریة من استمرار نھج المواجھة السیاسیة والدبلوماسیة تماما كما فعلت وتفعل الدول العربیة الأخرى. دخول سوریة لمیدان العمل الدبلوماسي السیاسي والاقتصادي لمواجھة إسرائیل سیكون مھما لقضایاھا الوطنیة ولقضایا المنطقة وداعما للفلسطینیین في نضالھم لإحقاق الدولة واسترجاع الحقوق. سوریة كانت قد بدأت ذلك بالفعل وقت الرئیس الراحل حافظ الأسد، وكانت ھناك اتصالات في مرحلة ما بعده. البناء على ھذه الاتصالات سیكون سبیلا مھما لوقف التفرد الاستراتیجي الإسرائیلي تجاه قضایاھا العالقة مع سوریة.
الغد
لن یغیر القرار الواقع المیداني لمرتفعات الجولان لأنھا محتلة منذ العام 1967 ،وباستثناء لحظات زمنیة معدودة في حرب العام 1973 بقیت الجولان تحت السیطرة الإسرائیلیة الكاملة. الجدید والخطیر بالقرار أنھ ینسف مبدأ الأرض مقابل السلام الذي مثّل الأساس الذي قامت علیھ العملیة السلمیة برمتھا.
منطوق القرار سیاسیا یقول إن الجولان لم تعد محتلة و“لن“ تعود لتكون جزءا من سوریة لأن السیادة فیھا أصبحت لإسرائیل. الجولان بموجب القرار لیست أرضا محتلة، كما یقول القانون الدولي، وإنما ونظرا لأھمیتھا الاستراتیجیة یقرر السید ترامب أنھا جزء من إسرائیل.
القرار الأمیركي یضرب بعرض الحائط القانون الدولي وأسس الشرعیة الدولیة التي تقوم علیھا منظومة العمل الدولي بما فیھا الأمم المتحدة. العجیب أن الذي یھدم المنظومة الدولیة ھي الدولة التي قادت إنشاءھا في أعقاب الحرب العالمیة الثانیة والمعني الأكبر باستدامتھا. ھذه وصفة خطیرة تضعف منظومة العمل الدولي وتذھب بالعالم والعلاقات الدولیة لزمن توازن القوى الذي انتج حروبا عالمیة وإقلیمیة عدة.
حروب أمیركا المباشرة مع العراق كانت تبرر أمام العالم والرأي العام الأمیركي أنھا بسبب تجاوزات على منظومة العمل الدولي سواء عند احتلال العراق للكویت أو خرق العراق لالتزاماتھ بعدم انتشار أسلحة الدمار الشامل. وبصرف النظر عن صحة ھذه التبریرات من عدمھا فقد بقیت مستخدمة، في حین یأتي السید ترامب الآن ویعلن عبر قراراتھ أن الولایات المتحدة لا تحترم الشرعیة الدولیة، ویقرر أن لا حاجة لھذه المنظومة بعد الآن، مستندا لتوازن القوى المنحاز لأمیركا وإسرائیل. الرئیس الأمیركي یظن أنھ بھذا القرار یحمي إسرائیل ویعزز من أمنھا، ولكنھ في الواقع یفعل العكس تماما فھو یقول لكل من یؤمن بمنظومة العمل الدولي علیكم بالقوة والحرب والعنف فلا سبیل لكم غیر ذلك.
اعتراف ترامب بسیادة إسرائیل على أراضي الجولان لیس نھایة الأمر، وإنما دخول النزاع حولھا مرحلة جدیدة أشد تعقیدا وصعوبة. بإسناد عربي، سوریة معنیة بمراجعة نھج التعامل مع ملف الجولان والنظر لتجارب مصر وفلسطین والأردن التي حققت مكتسبات مھمة من إسرائیل. الممانعة إذا لم تكن مدعومة بتوازن استراتیجي حقیقي، لا تبدو سوریة بصدد تحقیقھ، تصبح ضربا من التفریط بالمصالح.
لن یعیب سوریة الدخول بتسویة سیاسیة تعید لھا الأرض والحقوق كما فعلت الدول الأخرى، وھذا لن یمنع سوریة من استمرار نھج المواجھة السیاسیة والدبلوماسیة تماما كما فعلت وتفعل الدول العربیة الأخرى. دخول سوریة لمیدان العمل الدبلوماسي السیاسي والاقتصادي لمواجھة إسرائیل سیكون مھما لقضایاھا الوطنیة ولقضایا المنطقة وداعما للفلسطینیین في نضالھم لإحقاق الدولة واسترجاع الحقوق. سوریة كانت قد بدأت ذلك بالفعل وقت الرئیس الراحل حافظ الأسد، وكانت ھناك اتصالات في مرحلة ما بعده. البناء على ھذه الاتصالات سیكون سبیلا مھما لوقف التفرد الاستراتیجي الإسرائیلي تجاه قضایاھا العالقة مع سوریة.
الغد
نيسان ـ نشر في 2019-03-26 الساعة 10:08
رأي: د. محمد حسين المومني