اتصل بنا
 

الجذور الاجتماعية للسياسة الأميركية

كاتب وباحث أردني - رئيس مجلس إدارة نماء للاستشارات الاستراتيجية

نيسان ـ نشر في 2019-04-02 الساعة 12:07

الجذور الاجتماعية للسياسة الأميركية ـ بقلم:
نيسان ـ قرار ضم الجولان وقبلھ القدس وما سیأتي بعده من ضم للضفة الغربیة أو على الأقل أجزاء منھا لإسرائیل لیس مرتبطا فقط بوجود ترامب ومجموعتھ في البیت الأبیض والخارجیة الأمیركیة والدفاع. وإنما یتجاوز ذلك لما یمثله ھؤلاء داخل المجتمع الأمیركي.
وعلى الرغم من أن معظم الدول العربیة ووزارات خارجیتھا تُفضل التعامل مع إدارات جمھوریة لأنھا ”أكثر وضوحاً“ (بغض النظر عن ماذا یعني ذلك الآن!) إلا ان ھذا التفكیر والتحالفات الناجمة عنه
غیر قابلة للاستدامة لعدة أسباب اجتماعیة-سیاسیة داخل الولایات المتحدة.
ولأسباب أخرى ترتبط بسیاسات الدول العربیة في العلاقة مع الولایات المتحدة.
الأسباب السیاسیة-الاجتماعیة الأمیركیة تتجذر بموقف الرأي العام الأمیركي من دعم إسرائیل مقارنة بالفلسطینیین.
في العام 1978 كانت نسبة مؤیدي إسرائیل بین جمیع الأمیركیین 45 % وفي العام 2018 بقیت 46 ،% مقارنة بـ 14 % و16 % للفلسطینیین في ذات الفترة حسب بیانات مركز بیو للأبحاث.
تتجذر في ھذا الموقف عدة دلائل استراتیجیة: إسرائیل ھي الحلیف الذي یكسب الحروب ورأس حربة متقدمة للولایات المتحدة في المنطقة؛ الأكثر تلقیاً للدعم عسكریاً واقتصادیاً وتكنولوجیاً؛ وھي الأكثر زیارة من قبل الأمیركیین في الشرق الأوسط.
راھناً تأتي قرارات ترامب استمرارا في الاستجابة لقاعدتھ الانتخابیة من الیمین الإنجیلي المتصھین (البیض البروتستانتیین)– وھم أشد داعمي ترامب من الیمین الجمھوري.
بالنسبة لھم دعم إسرائیل ذو أبعاد دینیة وله ترجمة سیاسیة الیوم من خلال ممثلي ھؤلاء في الإدارة مثل مایك بنس نائب الرئیس، جون بولتون مستشار الأمن القومي، وبومبیو وزیر الخارجیة، وفي
الكونغرس.
وتطور دعم إسرائیل بین الجمھوریین عموماً من 49 % العام 1978 إلى 79% الیوم.
ویقابل ذلك انخفاض تأیید إسرائیل بین الدیمقراطیین من 46 % عالام 1978 إلى 27 % العام 2018 على الرغم من أن الصوت الیھودي الأمیركي أكثر حضوراً داخل الحزب الدیمقراطي منھ داخل الجمھوري.
أما تأیید الفلسطینیین بین الجمھوریین فینحصر بنحو 6 % الیوم بینما كانت النسبة العام 2001 نحو 16 .% وارتفع تأیید الفلسطینیین بین داعمي الحزب الدیقراطي من 21 % العام 2001 إلى 25 % الیوم.
وھناك أیضاً اختلاف داخل الحزبین حسب درجة المحافظة والتقدمیة في تأیید إسرائیل والفلسطینیین.
ففي داخل الحزب الجمھوري، أید 81 % من المحافظین داخل الحزب الجمھوري اسرائیل العام 2018 ،وكانت النسبة 56%
العام 2001 .
اما بین معتدلي ولیبرالیي الحزب الجمھوري فكانت النسب 70 % العام 2018،
و 41 % العام 2001 .بینما تراجع تأیید الفلسطینیین عند الطرفین داخل الحزب الجمھوري.
من 12 % إلى 5 % بین المحافظین، ومن 21 % إلى 8 % بین المعتدلین واللیبرالیین داخل الحزب الجمھوري.
وھذا مؤشر على أن العمل مع الجمھوریین لحل الصراع العربي الاسرائیلي أكثر صعوبة من العمل مع الحزب الدیمقراطي من الناحیة الایدیولودجیة.
أما داخل الحزب الدیمقراطي، كان تأیید إسرائیل بین المحافظین الدیمقراطیین (Reagan 37) Democrats % العام 2001 والآن 35 ،% ووصل التأیید لإسرائیل بینھم 53% قبل عدة سنوات.
انخفض تأیید إسرائیل بین اللیبرالیین الدیمقراطیین من 48 % العام 2001 إلى 18 % الآن، وبقي ینخفض بشكل تدریجي منذ ذلك التاریخ وحتى الآن.
أما تأیید الفلسطینیین بین محافظي الحزب الدیمقراطي فبلغ نحو 17 % العام 2018 وھو شبیه بما كان علیه العام 2001 .بینما ارتفع تأیید الفلسطینیین بین لیبرالیي الحزب الدیمقراطي من 18% العام 2001 إلى 35 % العام 2018 ،ھذا تحول مھم ینبغي أن یتطور أكثر لتحسین البیئة التفاوضیة للعرب قلیلاً في حال بقیت الولایات المتحدة متمسكة بملف عملیة السلام كما كانت منذ العام 1992.
ترامب أوفى لناخبیھ الحالیین وناخبیي جناحھ السیاسي في المستقبل بما وعدھم به في منطقتنا، مدعوماً باللوبي الاسرائیلي ودوره المھم في حسم الصراعات الانتخابیة.
ویتجه ھؤلاء نحو إسرائیل أكثر وأكثر.
إذا أراد العرب العمل بشكل إستراتیجي طویل الأمد فھناك تغیر مھم بین داعمي الحزب الدیمقراطي والجناح اللیبرالي الأكثر تقدمیةً داخله یمیل أكثر للتأیید الفلسطینیین وبالتالي أكثر إنصافاً لھم وللقضیة العربیة في الصراع مع إسرائیل.
ھذا لا یعني انحیازاً للعرب بقدر ما ھو نظام قیمي مختلف عن ذاك الذي یحكم الیمین المتدین والمرتبط بمصالح النفط والغاز والسلاح.
* رئیس مجلس إدارة نماء للاستشارات الاستراتیجیة

نيسان ـ نشر في 2019-04-02 الساعة 12:07


رأي: د. فارس بريزات كاتب وباحث أردني - رئيس مجلس إدارة نماء للاستشارات الاستراتيجية

الكلمات الأكثر بحثاً