اتصل بنا
 

على هامش النووي الإيراني .. ليس أمام السعودية إلا النموذج التركي

كاتب أردني وخبير مياه

نيسان ـ نشر في 2015-07-17 الساعة 05:56

نيسان ـ

مكمن الخطر الحقيقي في الاتفاق الإيراني الغربي على برنامج إيران النووي هو في تثبيت إيران كشريك للغرب مجتمعا في منطقة الشرق الأوسط وكأن أمريكا والغرب يريدون أن يثبتوا إيران كأكبر لاعب في سياسات المنطقة. سياسة تحتاج لجناح وضمن خطوط الغرب الحمراء.

إن الإيحاءات الأمريكية لما يمثله هذا الاتفاق من خطر عسكري محتمل على دول المنطقة هو لأغراض تجارية بحتة بهدف تحقيق أكبر قدر من عقود توريد السلاح للمنطقة مع ضمان تفوق إسرائيل بكل تأكيد بل وإبقاء العرب تحت ابتزاز عقود التسليح.

الأخطر هو ما سيمنحه الاتفاق من مزايا اقتصادية لإيران برفع العقوبات عنها تمكنها من إدارة صراعها مع دول المنطقة والمملكة العربية السعودية تحديدا بسهولة ويسر.

وحسب تصريحات المرشد الأعلى للثورة الإسلامية ليست أولوية إيران هو رفاه الشعب الإيراني في هذه المرحلة. الأولوية القصوى لإيران هو تحقيق امبراطورية فارس وبعد ذلك يكون رفاه الإيرانيين تحصيل حاصل.

ستحاول إيران ضمان كسب المعركة في العراق والتخلص من الشيعة العرب والسنة العرب مجتمعين لصالح شيعة العراق ذوو الأصول الإيرانية وما زج الحشد الشعبي الشيعي العراقي في معارك طاحنة مع تنظيم الدولة الإسلامية إلا لتحقيق هدفين أساسيين: التخلص من القوة الضاربة للشيعة العرب والتخلص من السنة تحت غطاء إرهاب تنظيم الدولة الإسلامية وما حرق مناطق السنة التي يتم طرد تنظيم الدولة منها إلا دليل على ذلك.

المطلوب أولا أن تكون العراق إيرانية بزج أكبر عدد من العراقيين الشيعة ذوو الأصول الإيرانية في كل مفاصل الدولة في العرق للتخلص من عروبة العراق الى الأبد.

أما في سوريا فتريد طهران الإبقاء على نظام الأسد قائما ولو بقيادة أخرى أو عند الضرورة ضمان دولة علوية مطلقة الولاء لإيران توفر منفذا سهلا الى لبنان وحزب الله.

أما في اليمن الذي لا يقل أهمية عن خطط إيران في العراق وسوريا مجتمعتين فستحاول إيران تثبيت دولة أمر واقع مطلقة الولاء لإيران ولو على جزء من اليمن عن طريق استرضاء اليمنيين بمشاريع اقتصادية عملاقة توفر الرفاه للشعب اليمني المحروم من الرفاه منذ قرون من الزمن.

الخطر العسكري الإيراني سيكون مؤجلا الى حين محاصرة دول الإقليم بدول مطلقة الولاء لإيران وهو باختصار تحقيق الإمبراطورية الفارسية على الأرض وتحت غطاء التشيع ونصرة المظلومين.

إن أفدح خطأ يمكن أن يرتكبه العرب والعربية السعودية هو الدخول في سباق تسلح سيكلفها مئات المليارات قبل تأمين مشروع اقتصادي تكاملي عملاق يشمل كل الدول العربية والإسلامية يحاصر إيران ويمنعها من تقديم نفسها كمنقذ لدول المنطقة المتعبة اقتصاديا.

حال السعودية مع أمريكا كحال تركيا مع دول أوروبا حين كانت تركيا تحاول الانضمام الى الاتحاد الأوروبي. حاولت تركيا في عهدها السابق أن تكون عضوا في الاتحاد الأوروبي فلما استعصى ذلك عليها كما استعصى على السعودية إبقاء أمريكا لحلفها مع العرب أولوية على التحالف مع إيران، التفتت تركيا الجديدة بقيادة حزب العدالة والتنمية الى مكامن قوتها في أحضان أمتها الإسلامية فلم تصبح تركيا رقما صعبا في المعادلة الدولية فقط بل أصبحت كل شركات أوروبا العملاقة تسعى لفتح فروع لها في تركيا وأصبحت تركيا محج السائحين والتجار الأوروبيين وفي نفس الوقت لم تحمل أي عبء من انضمام كان محتملا للاتحاد الأوروبي.

تقف الممكلة العربية السعودية الآن على نفس مفترق الطرق الذي وقفت عليه تركيا حين يئست من الانضمام الى الاتحاد الأوروبي.

لم لا تكرر السعودية التجربة التركية بالالتفات الى مكانها ومكانتها بين الدول العربية والإسلامية ولتكن مركز الأمة اقتصاديا وسياسيا كما هو دينيا.

لقد حانت ساعة الحقيقة مع إيران وهذا ما لا نتمناه فستجد ملايين المقاتلين العرب والمسلمين يفتدون الحرمين بالنفس والمال.

ولماذا لا تنضم الأردن واليمن الى دول مجلس التعاون الخليجي ويفتح السوق السعودي للاستثمار بنفس المنهجية التي اتبعتها الإمارات ومن بعدها تركيا.

لماذا لا توجه الاستثمارات السعودية للدول العربية والإسلامية أولا كما فعلت تركيا. عندها ستجني السعودية أضعاف ما جنته تركيا من انفتاحها على محيطها وعمقها الاستراتيجي العربي والإسلامي.

عندها فقط ستنحني إيران رغما عن أنفها وتعرف أنه لا قيمة لسياسة التخريب وإثارة الفتن التي اتبعتها في المنطقة في مواجهة سياسة الإعمار والتنمية والتكامل الاقتصادي بين دول المنطقة.

لقد فشل النظام العالمي الجديد في إطفاء نار أي حرب نشبت في المنطقة وهذه فرصة لنشوء نظام إقليمي جديد يقاوم فعل النظام العالمي الجديد الذي لا يرى في المنطقة سوى سوق لبيع السلاح وميدان حرب لا يزال يتسع بفعل فاعل وإرهاب لا يزال يتمدد بفعل الفوضى الخلاقة التي أوجدت له الفراغ الكافي.

إن مليارا واحدا ينفق على التنمية في هذه المنطقة سيجنبنا خسارة ألف مليار ستضيع بسبب حروب الفوضى الخلاقة.

نيسان ـ نشر في 2015-07-17 الساعة 05:56

الكلمات الأكثر بحثاً