حلول الفوضى الاجتماعية في الأردن
فتح سعادة
كاتب أردني وخبير مياه
نيسان ـ نشر في 2015-07-21 الساعة 21:43
الفوضى الاجتماعية في بلدنا هي نتيجة قرارات أو ممارسات غير صائبة للأفراد والمكونات الاجتماعية وهي كذلك واقع يفرضه عدم وجود سياسات موجهة لسلوك الأفراد وعدم وجود دعم وتشجيع للممارسات الصائبة وغياب دعم حقيقي للكيانات الاجتماعية المساندة للدولة في سياستها المعلنة نحو مجتمع التكافل والتعاون والإنتاج.
معضلة هذه الفوضى أنها أنتجت مشاكل جمة على كل المستويات:
اختيارات الفرد أصبحت غير ناضجة، من حيث عدم الانتباه للأولويات أصبح ظاهرة، فيما الأسر تقضي جزءا مهما من عمرها في حل مشاكل قرارات خاطئة، والمجتمع غارق في الفوضى، أما الحكومة فغير قادرة على مواجهة سيل لا ينتهي من المشكلات، والمعضلة الكبرى هي عدم الاعتراف فعليا بهذه المعضلة.
الاعتراف بالمشكلة ليس فقط نصف الحل بل قد يكون معظم الحل. ويأتي عدم الاعتراف بالحل لأسباب عدة منها أن عدم تحمل مسؤولية الحل، أو أن يكون مستفيدا من وجود المشكلة.
كشاهد يمكن الإشارة الى الألعاب النارية والمفرقعات التي تكلف المجتمع الأردني خمسين مليون دينار سنويا كتكلفة مباشرة غير ما تسببه من مشاكل اجتماعية وصحية ومع ذلك قرار وقف الاستيراد معطل.
الاعتراف بالمشكلة يحتاج لشجاعة طرفي المعادلة: مؤسسات الدولة وكذلك المجتمع.
إن المنطق يفترض أن مؤسسات الدولة هي من يوجه ويؤسس أرضية إنهاء الفوضى لكن نفس صاحب القرار يحتاج الى قانون يطبقه أو سياسة يضعها ويتبنى تنفيذها متلائمة مع نصوص الدستور، وهنا تكمن المشكلة.
تجد نقص التشريع الحاد في كثير من جوانب حياتنا، ومثلا لو قامت مشاجرة جماعية وأدت الى إتلاف ممتلكات عامة، فمن يتحمل مسؤولية الضرر، غالبا لا أحد. لماذا؟ لأنه لا أحد يجرؤ أو يستطيع تحديد المتسبب بالضرر وخاصة في المناطق التي هي بحاجة ماسة للتنمية.
عدم وضوح التشريع في تحديد المسؤوليات وعدم شرح أبعاد الممارسات الاجتماعية الخاطئة يتسبب في ضياع حقوق كثيرة وضياع فرص عديدة تنقذ مئات آلاف الأسر الأردنية..
أما الشاهد الآخر فهو التعليم الموازي، فهل مبدأ من يدفع يتعلم يتوافق مع الدستور؟ أين تساوي المواطنين في الحقوق والواجبات إذا كانت مقاعد التعليم الموازي تقلص من فرص التنافس؟
هناك نقص حاد في الجانب القانوني والتشريعي سيحتاج ملؤه سنوات طويلة يصعب انتظارها لذلك فنحن نطالب هنا بدعم وتشجيع الكيانات الاجتماعية والمهنية المساندة.
الكيانات الاجتماعية والمهنية المساندة هي أكبر سند وداعم ومساعد للحكومة في تنفيذ سياسات رشيدة وفي انقاذ المجتمع، وهذه الكيانات لا تحظى بالدعم بل قد يرى البعض أن الحكومة تحاربها.
نقابة المعلمين مثالا: هذه النقابة من المفترض أنها تساعد الدولة بشكل دائم في تأهيل مليون ونصف المليون مواطن على الأقل وهو مجموع عدد الطلاب في المدارس.
يزيد عدد أفراد الهيئة العامة لنقابة المعلمين عن مائة ألف مواطن إذن نقابة المعلمين من المفترض أن تكون أكبر وأهم كيان مهني واجتماعي يحظى بالدعم من الدولة وليس فقط من الحكومة، بينما المخاوف من قوة النقابة غير مبررة لأن إهمال مليون ونصف المليون مواطن أعظم بكثير من كل مخاوف الحكومة من النقابة.
إن ضبط مليون ونصف المليون مواطن عن طريق الدعم المطلق لمائة ألف معلم ممثلين بنقابتهم هو مفتاح حل جزء عظيم من مشاكلنا الاجتماعية والاقتصادية والأمنية.
ثلث سكان الأردن بتعداد يصل لحوالي مليوني مواطن مواطنون يسكنون بيوتا مستأجرة ويدفعون سنويا حوالي مليار دينار أردني بدل إيجارات.
بالنسبة لهؤلاء الغلابى هذا المليار يذهب بلا طائل، ويبقى ملايين المواطنين تحت رحمة أصحاب الأملاك.
ألا يكفي استثمار مليار دينار أردني سنويا في حل مشكلة السكن في الأردن والتي أصبحت ذات مضاعفات خطيرة جدا على الأمن الاجتماعي.
وأخيرا نحن أمام وقائع خطيرة جدا أنتجها الإهمال والفوضى وعدم التفكير في مصلحة المواطن الأردني.