اتصل بنا
 

محمد السنيد...سنارة الرسمي لا تعود خالية

كاتب أردني

نيسان ـ نشر في 2019-08-28 الساعة 19:10

نيسان ـ عقب أحداث مدينة الرمثا، امتعض الرئيس وأوعز لسلطته التنفيذية بالبحث عن "حوت" يؤرق نوم عمان واقتصادها، فلم تمضِ ٤٨ ساعة حتى ارتجت سنارة الرسمي والتقطت حوتاً وفقاً لتوجيهات الرئيس لكي تقر عينه ويغادر إلى إيطاليا فيرتاح قليلاً من ضوضاء اقتصادنا وشوارعنا المنهكة...
هناك حيث اللامكان، حيث اللاشيء، في محطة الواله الزراعية كان" الحوت" يجلس خلف مكتبه يمارس عمله المعتاد قبل أن يأتيه أمر المثول أمام مدعي عام عمان في قضية "جرائم إلكترونية" صادر الرئيس حريته أسبوعا على إثرها في سجن الجوده...
لم يستطع "محمد السنيد" أن يفترش الأرض لان سجن الجويدة يعج بالأرقام الوطنية، التي يفترش أغلبها الأرض، فآثر على نفسه أن يذهب إلى زنزانة انفرادية عله يلاقي بعضا من سكينة وهدوء.. محمد الآن لا يحتسي قهوته في الصباح، ولا يستمع لفيروز ولا يمارس العبث الفيسبوكي هو فقط يعانق القمر كل ليلة من خلف قضبان زنزانة ويبتسم، هو يحاول جاهداً تعديل زاوية دخول الشمس على أطراف الخريطة، فأنا أعرفه جيداً منذ كنا نتشارك طريق السلط لنصل إلى جامعة البقاء التطبيقية.
كان ابو مؤيد يضع الوطن في كفة ويضع هموم الوطن في كفة أخرى هو ابن ذيبان الذي أدمن الطريق وأدمن العزة والمهابة في زمن التخاذل والانبطاح.
كان ذنب السنيد أنه غريب في زمانه فهو يتحدث بلغةٍ عارية بلا مكياج، وهذا ما أثار إمتعاض الممتعضين، كان في المساءات البعيدة وفي جوقة الشمس كان يحلم مع صحبه فلا يصحوا من حفل التكوين، كانوا خليطا من إصرار ووطنية في هيئة رجال.
عند انتصاف الليل يهرب السنيد من ثقوبٍ ترتسم على حيطان زنزانة ينسل كنسمة هواء بلا صوتٍ او صدى يعانق رفاقه ويحتسي معهم فنجان قهوة في خيمة التضامن التي تزين خد منزله في "مليح"، ثم يعود لينام في زنزانة قبل موعد "التعداد" في سجنه....
في الختام قد ينسى الكادح تفاصيل رغيف الخبز، ولكنه لا ينسى تفاصيل الوطن...

نيسان ـ نشر في 2019-08-28 الساعة 19:10


رأي: رأفت القبيلات كاتب أردني

الكلمات الأكثر بحثاً