اتصل بنا
 

لماذا لم تتحرك النقابات المهنية دعما للمعلمين

نيسان ـ نشر في 2019-09-14 الساعة 22:10

نيسان ـ سؤال يفرض نفسه لماذا تحركت النقابات المهنية بشكل جماعي في رابع العام الماضي ولم تتحرك جماعيا لإسناد مطالب المعلمين الآن، يسارع البعض إلى الإجابة بان حركتها منوطه" بالأوامر" هذا على فرض ان قرارها مرتهنا بما "تؤمر"به، من نافل القول ان النقابات المهنية في مرحلة الأحكام العرفية ما قبل 89 شكلت الإطار الحاضن لعمل التيارات السياسية مما أعطى للنقابات المهنية دورا محوريا في العمل الوطني والسياسي بشكل عام ، ولكن ما تعرضت له النقابات المهنية على مدار سنوات من التفكيك بدأ منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي، أي زمنيا منذ هيمنة دعاة البرنامج الاقتصادي السياسي لليبراليين الجدد الذي اصبح نهج إدارة الدولة، واستباحة هيئات التمويل الأجنبي العمل الجماهيري الذي تحول لمؤسسات المجتمع المدني العنوان الجاذب للعمل والتمويل، و يضاف لذلك هيمنة تيار الإخوان المسلمين على مفاصل القرار في العديد من كبريات النقابات المهنية، ساهمت هذه العوامل وغيرها بدور كبير في إفراغ النقابات المهنية من عملها الوطني السياسي الجمعي لصالح تغليب "العمل المهني" العنوان البارز لعمل النقابات في السنوات الماضية.
الصفة القانونية الأساسية لعمل النقابات المهنية هو تنظيم المهنة وتشكلت تركيبة غالبية النقابات المهنية من أعضاء مهنيين "أصحاب عمل" ومهنيين "عاملين باجر" ، والغلبة في القيادة والقرار النقابي كانت تميل دوما لصالح النقابيين أصحاب العمل ، لم يمنع ذلك بعض النقابات المهنية في بعض الحالات من تبني الدفاع عن مصالح منسبيها العاملين بأجر وخصوصا في القطاع العام ، تضارب المصالح سيبقى بين صاحب المهنة والعامل بأجر عنوانا مطروحا يتطلب العمل على تصويبه في مرحلة ما بحيث تتشكل اطر نقابية للمهنيين "العاملين باجر" بهدف الدفاع عن مصالحهم.
نقابة المعلمين تنتمي للنقابات المهنية وهي عضو فاعل في مجلسها وتعتبر النقابة الثانية بعد المهندسين من حيث عدد منتسبيها، لكن اهم ما يميزها عن بقية النقابات المهنية ان الغالبية العظمى من منتسبيها ان لم يكن جميعهم من "العاملين بأجر" "الكادحين" ،وخصوصا في القطاع العام، مما يضع على عاتقها بالضرورة ان تكون أولوية برامجها للعمل هو الدفاع عن مصالحهم الاقتصادية، هنا يكمن جوهر الفرق في التحرك للنقابات المهنية ما بين العام الماضي وتحرك المعلمين الحالي ، فأمام قانون ضريبة الدخل الذي يهدد مصالح المهنيين "أصحاب العمل" بشكل رئيسي و"العاملين باجر" تجسدت الوحدة في الموقف و استطاعت النقابات المهنية ان تنظم عمل جمعي تبلور في التصدي لهذا القانون ودخلت في مواجهة مع السلطة التنفيذية أدت لاحقا لإسقاط الحكومة "شكلا" ولكن بقي البرنامج الاقتصادي السياسي لها كما هو، وأي حديث عن توظيف هذا التحرك هو امر ثانوي فلولا الإجماع للدفاع عن مصالحهم لما تحركوا بهذه الصورة.
النقابة أيا كانت يقع على عاتقها وحدها بالدرجة الأولى ان تدافع عن مصالح أعضائها ، ولكن ذلك لا يمنع إطلاقا ان تتلقى الدعم في الموقف من زميلاتها النقابات المهنية الأخرى، وهذا لن يتحقق إلا في ظروف تشكل حالة من الوعي في وحدة العمل النقابي الوطني والسياسي ، هذا العنوان الذي يتطلب بالضرورة عمل من نوع أخر، تقع مهمة تنفيذه على عاتق "النخبة" من المهنيين والمثقفين العضويين المشتبكين والمرتبطين بالقضايا الوطنية و عليهم تحمل عبء قيادة الصراع من اجل التغيير بحكم انتمائهم للطبقة الوسطى التي تتلاشى بفعل سياسات برنامج الليبراليين الجدد وإدارتهم لمفاصل القرار في الدولة، فالمهنيين الأن سواءا كانوا من أصحاب المهن أو العاملين بأجر يعانون من وطأة الأزمة الاقتصادية التي تطالهم جميعا، وهذا بحد ذاته عامل مهم يعمق التناقض مع طبقة السلطة وبرنامجها ويؤجج الصراع معها، ويتكرر الحديث دوما عن غياب المشروع الوطني السياسي الجامع ،هذا العنوان الذي على ما يبدو ان مهمة إنجازه أو على الأقل المبادرة له تقع على عاتق المهنيين والنقابيين الوطنيين من النخب، فالدعوة موجهة لهم للمبادرة والعمل على هذا البرنامج وإنجازه تحت عنوان العمل على تشكيل اطار وتجمع مهني وطني ديمقراطي يشكل حاضنة لإنجاز مشروع وطني سياسي يتوج في مؤتمر وطني لإقراره ليشكل عنوانا وبرنامجا للعمل أمام قوى الشعب الأردني بمختلف فئاتها.

نيسان ـ نشر في 2019-09-14 الساعة 22:10


رأي: المهندس فراس الصمادي

الكلمات الأكثر بحثاً