اتصل بنا
 

المعلم الأردني.. مسكين على موائد اللئام ووكلاء التوحش (1)

نيسان ـ نشر في 2019-09-16 الساعة 19:46

x
نيسان ـ صحيفة نيسان_خاص

لعل من أكثر الأمور التي تضع السياسات الليبرالية ومهندسيها على المحك؛ تلك الاحتجاجات المطلبية التي تنحصر شعاراتها بمطالب فئوية محددة، منزوعة من المقولات السياسية والأيدولوجية، ظاهريا، خصوصا عندما تفضح عيوب الليبرالي وبرامجه التنموية والتطويرية للمجتمع، فتخرج الفئات المتضررة من السياسات ونتاجاتها إلى الشارع مطالبة برفع الحيف عنها.
هذا التشوه عالجته الرأسمالية في الغرب، وتحديدا في أوروبا، حيث أسهمت الوفرة الناتجة عن عوائد الاستثمارات، والاستعمارات، الخارجية التي أدت إلى تركز رؤوس الأموال والثروات العالمية في مصارفها، ما أتاح بناء نظم تشريعية ومالية صارمة، هيأت المناخ لتوزيع ثروة عادلة إلى حد ما، فتم التوسع في منح الامتيازات للعمال والموظفين وعموم المتضررين من السياسات المالية والتوزيع الاقتصادي للثروة والتنمية، وكلها عوامل قلصت من حجم الفجوات على سلم التفاوتات الطبقية.
في دول العالم الثالث، ومن ضمنها الأردن، لم يُنجز شيء، بالمعنى العام، لم يتحقق النضوج لأية مرحلة أو تشكيلة اجتماعية، وبالتالي لم ينضج قطاع، ولم تنجز التنمية بمعناها الشمولي المستدام، والموزع بعدل بين المدن والأرياف والبوادي، وكذلك لم يتسنَ للعمل السياسي التقسيم الكفيل بنجاح التمثيل الفئوي والطبقي، بحيث يتم الحفاظ على مصالح الفئات والقطاعات المختلفة.
هذه الحالة، وفي ظل عدم وجود الحل الجذري البديل، شكلت الأزمة بعينها، أي؛ حالة انسداد سياسي ناجم عن إفلاس تحالف الطبقات المسيطرة التام عن إيجاد أية مقاربات يمكن أن تنقذ الوضع، وغياب للبديل الموضوعي، وغياب أي مشروع أو حامل توفيقي يقدم كتلة متسلحة بالحلول المقبولة لدى أطراف المعادلة، ما جعل السبيل الوحيد للخلاص من عوامل الضغوط والاحتقانات الداخلية هو الانفجار، إما على شكل تنفيسات تريح المنظومة المأزومة قليلا، أو الانفجار الكامل كما حدث في بعض دول الربيع العربي.
تخوض اليوم فئة المعلمين نضالها المطلبي، بفضل وجود تشكيلها التنظيمي، بعد سنوات طوال منعت خلالها من ممارسة هذا الحق الدستوري، ولكن بعد فوات الكثير من أجواء الرخاء والوفرة، أي في زمان دخول الإدارة أعوام جدبها، وانتقالها إلى الاعتماد على الذات، بمعنى آخر؛ أفول زمن الدولة الريعية من دون دخول حقبة الدولة المنتجة، أي زمن الأزمة، الحالة غير المعيارية للتناقض، وذلك نتيجة عدم كفاية التراكمات الانتاجية التي ستؤدي إلى ولوج التشكيلة الاجتماعية الجديدة، كما أسلفنا، وبالتالي تأخر بروز نمط جديد من انماط الانتاج الأكثر فعالية، والذي بالضرورة سيحقق قدرا أكبر من العدالة والتقدم، كما تعودنا من صياغات التاريخ وسيروراته.
بات السؤال العملي اليوم؛ ( أين الأزمة وأين الحل؟) يشكل معضلة وعقبة كأداء في طريق الحل بين نقابة المعلمين والحكومة، ففي الوقت الذي يصر فيه المعلمون على نيل حقوقهم، أو جزء منها، تصر الحكومة وبعناد منقطع النظير على عدم تلبية هذه المطالب العادلة، لِمَ؟ لأن الفريق الحكومي ومن ورائه مراكز القرار، يخافون من فرط المسبحة، فيطالب المتقاعد العسكري بزيادة، وموظف الصحة، والجيش والأجهزة الأمنية.
فالقصة ليست قصة مئة مليون دينار ستثقل كاهل الموازنة المنهكة أصلا، بل ربما بلغت عشرة أضعاف هذا الرقم، وهو ما يعني للرسمي استحالة التورط في هذا المسار الخطر.
..... يتبع

نيسان ـ نشر في 2019-09-16 الساعة 19:46

الكلمات الأكثر بحثاً