اتصل بنا
 

التعليم العالي..سقطات بالجملة وأخطاء لا تغتفر

كاتب أردني

نيسان ـ نشر في 2019-09-19 الساعة 14:23

نيسان ـ يَمتدُّ الوطنُ الآنَ على مَدى كَفّكِ المُرّتجفِ من بَردِ الصباحِ
وكذلكَ من برد إتصالاتٍ أتتكَ من ( القبول الموحد) بعد أن دفعت رسوم ابنك في جامعة ما، وبتخصص ما لتعاود الكرة مرةً أخرى بجامعةٍ أخرى وربما بتخصصٍ آخر.
سقطةٌ جديدةٌ بطلها التعليم العالي الذي جعل هذا اليوم يوم أعصابٍ مشدودة تمتزج ببعض كحل الأمهات، ما حدث اليوم يثبت أن قطاعات الدولة تبحث عن إدارة، فهي تتآكل ومتهالكة تماماً، ينهش عظمها كثير من الأخطاء والسقطات، رائحةُ التشتت و العثرات وعدم السيطرة تَعبقُ في وزارة التعليم العالي، وكذلكَ الضياع...القبول الموحد اليوم هوَ مِنطقةٌ ضَبابيّةُ المَلامحِ تَشعرُ فيها أنّكَ تائه وتقاتل بشدة لتجد مكاناً لك في مستقبلٍ مجهول النسب حالياً.
قبل قليل جالست جُلَ من كانوا يحتضنون أوراق أبنائهم ويرتسم الحزن في وجوههم في قاعة الانتظار في وزارة التعليم العالي، جالست حينها إمرأةً في عقدها الرابع شاحبة الوجه منهكة القوى غارقةً في تفكيرٍ عميق..
سألتها مقاطعاً خلوتها مع أفكارها الحزينة الظاهرة في لمعة عينيها :ما عملك هنا صباحاً؟! ولم كل هذا الغضب؟! فقالت: بأنها وبعد دفع رسوم ابنها في جامعة البقاء ليكون طبيباً تفاخرُ بِه جارتها ام عمر، تفاجأت بأن الوزارة تواصلت معها هاتفياً لتخبرها بأن ابنها سيدرس في جامعة مؤتة! وبسؤالها لهم عن السبب، أجابوها: بأن القبولات قد تداخلت بين الدورة العادية و الدورة التكميلية وبأن مقعده بجامعة مؤتة وليس بجامعة البقاء...
ولأنني فضولي جداً، هناك قرب المصعد رجل بيده علبة سجائر وشيء من القهوة، إنه يدخن بشراهة، يقاتل دخانه ربما، وربما يصب جام غضبه على سيجارته التي لا حول لها ولا قوة، اقتربت منه وبعد إلقاء التحية.. سألته عن عبوسه هذا الذي شدني إليه...
ضحك وضحك ثم أوجز قائلاً:
ابني كان مُتخَمَاً بأحلامٍ وَردية، ولكن القبول الموحد صفعنا بقوله: لا مُتّسعَ له !
ببساطة أفاد م. م بأن ابنه تم قبوله صيدلة في جامعة اليرموك وبالأمس تواصل معه القبول الموحد ليقول له: إن ابنه تم قبوله هندسة مدنية في الجامعة الأردنية... بعد أن كان ابنه فرحاً باقترابه من حلمٍ كان يبيت معه ليلته، وكان يقترب شيئا فشيئا لهذا الشاب الذي لم أستطع محادثته حتى...
ما يحدث في وزارة التعليم العالي يدعو للإرتباك، والخوف أيضاً، فأي سقوط هذا و أي خطأ.
رُبّما لا تَستطيعُ كَلماتي الآنَ أنْ تَمسحَ دمعةً منْ خَدّ تلك السيدة أو هذا الكادحٍ و المَسّحوقْ...
ولكنّها رُبّما تَستطيعُ أنْ تَمنعَ دمعةً أخرى عبرَ الطريقْ !
أعيدوا لنا تعليمنا وهيبتنا وهويتنا التي باتت بلا عنوان في ظل تخبطكم وضياعكم، أعيدوا لنا وطننا الذي بات حزيناً في كل صباح، أعيدوا لنا فرحتنا بنجاح أبنائنا و سعادتنا ونحن نراهم يُعَّبِدون طريقهم إلى مستقبلٍ يرغبون به ويقاتلون جاهدين في بلوغه وتحقيقه، أعيدوا لوزارة التعليم العالي هيبتها وقوتها.
أرجوكم أعيدوا لنا ثقتنا بصروحٍ تعليمية نعشقها ونفاخر أنفسنا بها..

نيسان ـ نشر في 2019-09-19 الساعة 14:23


رأي: رأفت القبيلات كاتب أردني

الكلمات الأكثر بحثاً