قفزة نحو الأمل
محمد جميل خضر
قاص واعلامي اردني
نيسان ـ نشر في 2019-10-20 الساعة 09:32
نيسان ـ جملة معترضة طويلة لا بد منها: قد يكون جَدُّ أحد المتظاهرين في لبنان المنتفضة، في المتن أو عاليه أو زحلة أو غيرها، أو عمه أو والده ممن قتلوا شعبي في صبرا وشاتيلا. قد يكون عم أو أب أحد المتظاهرين في بعلبك أو النبطية أو الدامور أو الأشرفية أو غيرها ممن ساهم في جريمة تل الزعتر. ولكن هذه الحقيقة (لو تحققت) لا تعني أن لا أقف اليوم مع هؤلاء الشباب المتطلعين لغد أفضل. فالذين شاركوا في المذابح، والذين شاركوا في القتل على الهوية، والذين تقاتلوا فيما بينهم ماروني يقاتل ماروني لأن هذا كتائب وهذا قوات وهذا مردة وهذا طلائع وهذا أمل وهذا حزب الله وهذا شيعي وهذا سنّي إلى آخر قائمة التشرذم الطائفية المناطقية المذهبية النتنة، كانوا بمعظمهم ضحايا الشعارات التي تلاعب ببريقها الزعما ليخطفوا الشارع ويأخذوا حصة الزمان والمكان كاملة. القتل لم يتقصر على أبناء شعبي، والمذابح لم تقتحم شوارع صبرا الضيقة وتفرغ كل حقدها هناك. بل امتدت والنار في لبنان أكلت نفسها وأتت على الأخضر واليابس. وأحرقت جذوة الأحلام في مهدها وعبثت بسويسرا الشرق كما كان لقبها في كثير من مراحل تجليها.
هذا لا يعني أني أسامح بدم الضحايا في صبرا وفي شاتيلا وفي تل الزعتر ومخيمات كثيرة أخرى. ولا بد يوماً ما أن تأخذ العدالة مجراها وتحاسب كل من تثبت عليه المشاركة في الجرائم البشعة الجاثمة حتى اليوم حملاً ثقيلاً فوق كاهل من نجى من الموت ولم ينجُ من الألم الباقي والذاكرة المروَّعة والمروِّعة. لكن العقلية القبلية في الثأر وأخذ بريء في جريرة مجرم لا تخدم المتطلعين للقفز خطوة نحو موجبات المجمتع المدني وواحاته واستحقاقاته. الجيل اللبناني الثائر المنتفض اليوم ليس لمعظمه علاقة بما جرى قبل 43 عاماً ولا بما جرى قبل 37 عاماً، ولا بكل ويلات الحرب الأهلية جميعها. هم مثل أبناء شعبي ضحايا اللعبة اللبنانية القذرة.
المطالبة بالحرية والكرامة والعدل العظيم تنقّي الأرواح وتقرّب الشعوب العربية من بعضها. تجلي الصدور. تطهّر النفوس. ترتقي بالمعنى والحياة وتبلغ بنا مراتب اليقين الذي نحتاجه كي نعرف أكثر ونعي كما ينبغي للوعي أن يكون، ونبني طمأنينة عليا خالية من الحقد والكراهية ودواعي الثأر الأعمى.
هذا لا يعني أني أسامح بدم الضحايا في صبرا وفي شاتيلا وفي تل الزعتر ومخيمات كثيرة أخرى. ولا بد يوماً ما أن تأخذ العدالة مجراها وتحاسب كل من تثبت عليه المشاركة في الجرائم البشعة الجاثمة حتى اليوم حملاً ثقيلاً فوق كاهل من نجى من الموت ولم ينجُ من الألم الباقي والذاكرة المروَّعة والمروِّعة. لكن العقلية القبلية في الثأر وأخذ بريء في جريرة مجرم لا تخدم المتطلعين للقفز خطوة نحو موجبات المجمتع المدني وواحاته واستحقاقاته. الجيل اللبناني الثائر المنتفض اليوم ليس لمعظمه علاقة بما جرى قبل 43 عاماً ولا بما جرى قبل 37 عاماً، ولا بكل ويلات الحرب الأهلية جميعها. هم مثل أبناء شعبي ضحايا اللعبة اللبنانية القذرة.
المطالبة بالحرية والكرامة والعدل العظيم تنقّي الأرواح وتقرّب الشعوب العربية من بعضها. تجلي الصدور. تطهّر النفوس. ترتقي بالمعنى والحياة وتبلغ بنا مراتب اليقين الذي نحتاجه كي نعرف أكثر ونعي كما ينبغي للوعي أن يكون، ونبني طمأنينة عليا خالية من الحقد والكراهية ودواعي الثأر الأعمى.
نيسان ـ نشر في 2019-10-20 الساعة 09:32
رأي: محمد جميل خضر قاص واعلامي اردني