اتصل بنا
 

الرَجُل لا يَنْسى حُبَهُ ابَداً هُوَ فَقَطْ يُخَبِئُهُ فِي رُكّنٍ ما

كاتب أردني

نيسان ـ نشر في 2019-11-06 الساعة 09:49

نيسان ـ أنتِ دهشةُ الماءِ على الصخورِ
أنتِ ملمسُ النسماتِ التي تُداعبُ وجهيَ الهَرِمِ على خجلٍ
أنتِ صلاةُ الموجاتِ الشاردةِ من بحرنا المحتلّ
أنتِ رائحةُ خبزِ الطابونِ عند الفجرِ
أنتِ تفاصيلُ امرأةٍ أنا فقط أُعرّفها بي...
في طريق العودة من جبال السلط الى تلاع العلي أَصابتني (نغزة حنين مفاجئة) حين وصلت صويلح.. انحرفتُ يساراً، فالطريق دائماً ما يكون نحو اليسار.
أنا أعلمُ أنّكِ تشربينَ قهوتَكِ في "زمَكانٍ" ما
وأعلمُ أيضاً أنّكِ انتصرتِ على الأبعادِ كُلها،
وأعلمُ أنّك ما زلتِ تتربعين على عرش قلبي رُغمَ الغياب.. هكذا خاطبتُ نفسي لأبرر لها دخولي إلى صويلح.. ولأكون أكثر إقناعاً بالتبرير أردفت لنفسي قائلاً:
ينقصني أنتِ
وتَنقصُني بلادٌ أستطيعُ أنْ أرقصَ فيها تحتَ المطر،
وتَنقصُني بلادٌ أستطيعُ فيها أنْ أُقبّلكِ في العَلنْ،
ويَنقصُني أنا،
ويَنقصُني وطنْ..
لا ذاكرةَ لحجارةِ المدنِ،
فأنا الذاكرةُ وأنا وجعُ الرصيف يا سيدتي..
ببساطةٍ مجردة ودون تنميق أو ترتيب للكلمات والحروف..
أحملُ رواناً على كفّي
وأحملُ رواناً على كفيّ الأخرى
وأمضي
فأنا العاشِقُ الذي أدمنَ الطريقْ
.......
المسافةُ بين صويلح والعبدلي هي بالضبطِ قطعةٌ من قلبي.
الساعةُ هيَ بنتُ الصُدفةِ
والمكانُ هو ابنُ الصُدفةِ
وأنتِ ابنةُ الصُدفتَينْ يا عزيزتي..
كانت الساعة الرابعة الا انتِ بتوقيت قلبي.. كان الجو مائلاً إلى الشوق، مصاحباً لرذاذ حنينٍ قاتل يا إمرأةً من ثلج.. واصلتُ طريقي إلى أن وصلتُ حيها.. كان هادئاً جداً ورقيقاً، كانت شجرة الياسمين ذابلةً تماماً (فهي الشاهدُ على قصتنا) قُربَ (تراسِ منزلها) وقفتُ جانباً وقلت:
سَلّمي على الخُصلةِ الأماميّةِ مِنْ شَعرِكِ الأسودِ
وعلى نَسماتِ الريحِ التي تُداعبها في حدائقِ اللهِ الرُباعيّةِ الأبعادِ
وما تَيسّرَ مِنْ مَسحوقينْ... لا بأس سأتمادى قليلاً، وأقول ايضاِ:
عندما تَجوعينَ في الجنّةِ
أقطُفي حَبّةَ تُفّاحٍ أخرى
فأنا أنتظركِ هُنا....
..........
في تلك اللحظة أمام منزلها المحاذي لشجرة سروٍ تثير الدهشة كان لا بد أن تخرج بعض الفرضيات التي ستبقى قائمةً إلى حين..
الفَرضيّةُ الأولى: أنا أُحبّكِ
الفَرَضيّةُ الثانيةُ: أنتِ وطنْ
الفرضيّةُ الثالثةُ: أنا أحبُّ وطنْ
الفَرَضيّةُ الرابعةُ: أنا أحبّكِ أكثرْ
صغيرتي.. ولو كُنتِ على بعد الف سنةٍ ضوئية فإن رائحة عطرك تحتلني، أيتها التائهة مثلي سنلتقي في (زمكانٍ ما). ويقتلُ الرجلُ أحياناً إمرأةٌ يحبها، فتبقى تتوقع حول نفسك بفقاعةٍ هلاميةٍ بين ذاكرةٍ مثقوبةٍ وواقعٍ هالك.. في تلك الأثناء وفي ظل تخبط المشاعر قررتُ أن أسْتَمِع للراديو لَعَلَهُ يُؤنِسُ وِحْدَتي المُحاطَه بِكَومَةِ بَشَرٍ وَسيارات...
كانت إذاعة الجامعة الأردنية مُتَصَدِرَةً للمَشهَد، حَيثُ كانت (جوليا بطرس) تُغَّرِّدُ قائِلَةً؛" كزبك حلو، وشو حلو لما كنت شي كزبه بحياتك"
انْتَفَضَتُ و أَشعَلَتُ سيجارَةً وَتلاشى كُلُ شيءٍ كان حَوْلِي عَّدا صورةٌ لها مُعلَقَةً على جدران ذاكرتي، وتتصدر وسط قلبي المتهالك فَأَطْرَدتُ قائِلاً:
"الرَجُل لا يَنْسى حُبَهُ ابَداً، هُوَ فَقَطْ يُخَبِئُهُ فِي رُكّنٍ ما في زمكانٍ ما في ذاكرَتِهْ، يَزورُهُ بَينَ الفَيْنَةِ والأُخرى، يَنفُضُ عَنْهُ ما عَلِقَ بِهِ مِنْ تُرابْ، يَحْتَضِنُهُ وَ يَبكي أحياناً"
لِذلِكَ لا بُدَّ أن أقول: الرِجالُ أَكثَرَ إخلاصاً وَ أَشَدُ وَفاءً مِما تَظنون، الرِجالُ أَعظَمُ حين يُحِبون.....
*على الهامش، كلي أمل أن تبقى معالي جمانة غنيمات وزير دولة للشؤون الإعلامية.. فهي تضع ( الآيلاينر) بالطريقة نفسها التي كنتِ تضعينها حين نلتقي.. حيث كنت أجد دفء الملاذ

نيسان ـ نشر في 2019-11-06 الساعة 09:49


رأي: رأفت القبيلات كاتب أردني

الكلمات الأكثر بحثاً