اتصل بنا
 

من زاوية أنثى

نيسان ـ نشر في 2019-11-11 الساعة 11:51

نيسان ـ هذا هو عنوان الرواية التي كرّمني كاتبها الدكتور الصيدلاني محمد حسن العمري وأهداني نسخة تحمل عبارة الإهداء تكريما آخر يعكس عمق المودة ورفعة الذوق وأصالة المحتد.
من زاوية أنثى ، لماذا هذا العنوان
هناك فرق كبير بين قلريء لرواية تستهويه الكتابة الراقية وبين قاريء متخصص وله رؤى نقدية ،ويستطيع تقديم رأي من خلال اعتماده على نظريات علمية.
وكوني من النوع الأول من القرّاء ،وليس لي باع في موضوع النقد، ولا أستطيع تقديم رؤية علمية فإنني أقدّم رأي قاريء فحسب
أزعم أنني خلال نصف قرن قد قرأت عددا لا بأس به من الروايات ، ورغم أن معظمها إن لم أقل كلها في مرحلة الشباب حيث يحتفظ الذهن بوهجه ، إلا أنني لم تختزن ذاكرتي تفاصيل رواية ،اللهمّ إلا رواية واحدة ،عنوانها : إصلاح لكاتبة مصرية اسمها عزيزة الأبراشي أعارني إياها ابن عم من عشاق القراءة الاخ حسين صالح العمري ابو كفاح .رغم هذه العقود فإنني لا زلت أذكر العنوان والمؤلفة وأسماء بعض أبطالها إكرام وسوزان وأخويهما وزينات هانم وعنايات هانم .
لماذا أذكر هذا ؟ أذكره لأنّ رواية ،من زاوية أنثى حين بدأت بقراءتها، وبعد إتمام الخمسين صفحة الأولى ،حالت الظروف بيني وبين متابعة القراءة ،وخلال فترة زادت عن الأربع والعشرين ساعة كانت تلك الصفحات عبارة عن صورة محفورة في الذاكرة رغم أنها ذاكرة شاخت وسرعان ما تتخطف كلاليب النسيان أية فكرة، بقيت الأحداث وشما محفورا في ذاكرتي ،الخراف ضحايا السيل المكدسة التي يغطيها الوحل ،ألم محمود ، حتى حيرة الكلب وكآبته، مشاهد مجسّدة تماما بكل تفاصيلها ،حزنها وألمها .
وعدت لمتابعة القراءة ولم أضعها إلا وأنا أستشعر الفرحة بقدوم هيام فرحة أطلت من بين تدافع الدموع إطلالة هيام اختصرت رحلة مليئة بالإنفعال والشفقة والألم والحزن وهنا وجدت الإجابة على السؤال : لماذا من زاوية أنثى؟
أنّ الركن الأساسي للرواية أية رواية وهو الحوار المتمثل في المحادثة التي تجسد أحداث الرواية أجده -واذكر هنا ثانية ليس لي في النقد لا باع ولا ذراع- مثيراً مدهشا.
أما الفكرة والحركة في هذه الرواية التي يمكن تصنيفها بالواقعية ذات الطابع التاريخي.فتجسيدها لافت .
في هذه الرواية نمط جديد ،المدونات التي يتولى تقديمها أبطال الرواية، وكأنّ الكاتب يقف على مرتفع مُثبتا عددا من الكاميرات العملاقة ويتابع التصوير بالصوت والصورة والمشاعر ما يدور أمامه.
تحليل نفسي مدهش ،دقة التفاصيل ، لا تغيب عنه إماءة أو نظرة أو حركة.
في مدونة الدكتورة هيام ،كما في غيرها من المدونات ، نجد صورا مذهلة ،هذا الركض المتسارع وراء الحروف وكأنّ الأفكار تتزاحم والكاتب يحاول لملمتها خشية تلاشيها قبل أن يصل إليها القلم المثقل بتعب الحركة.
ما يثير ويبعث التساؤل ،تلك القدرة المميزة على التغلغل في خطرات النفس ، فكم تراءت لي تلك المواقف التي يحملها كتاب تلبيس إبليس للإمام أبي الفرج ابن الجوزي.
أما تصوير هيام لنفسها وهي تصحو بين لحظة وأخرى من أثر التخدير عقب العملية فهو أكبر من أن تصفه الحروف إنها لوحات من حروف لكنها صور فسيفسائية محبوكة ومطرزة بخيوط من الغزل ذي الألوان الزاهية المتعددة
المشاهد أشبه ما تكون بشريط سينمائي وليس جملا من كلمات،يثيرك مشهدٌ حدّ البكاء يؤلمك مشهد حتى الإشمئزاز ،يضحكك مشهد حتى النسيان ،ولك أن تتخيل المشهد الذي يعكس صورة ظافر ويشبهه بالقط النائم في الشمس.
لا أظنّ قارئا تمرّ عيناه على كلمات الحوار بين سعدية وهيام وصولا إلى المشهد الأخير ولا تملؤ عينيه الدموع.
نعم من زاوية أنثى. صورة قد تكون مكررة في وقت ما وفي وسط احتماعيّّ ما ،من زاوية أنثى،لأنّ الأنثى هي المحور الرئيس لكل الأحداث ،من زاوية أنثى لأنّ الأنثى هي الإطلالة البلسم التي بإشراقتها تمثل بُرءاً من جراح
تشابكت وتداخلت .
حشدٌ من المفردات الراقية التي ترتفع بالذائقة الأدبية ،سيل جارف من المشاعر الملتهبة هرم شامخ من الحزن والألم .
سلمت يمينك دكتور محمد العمري وأنت تقدم نتاجا عزّ فيه الإبداع كثر الغثُّ وندر السّمين تعاظم السّخف وصَغُر الجدّ ،تزاحمت المهازل وانكمشت الجمائل .
(من زاوية أنثى أن تقرأها خير من أن تسمع بها)
عبارة جميلة للكاتبة أماني العزام أقتبسها لأختم بها تعليقي

نيسان ـ نشر في 2019-11-11 الساعة 11:51


رأي: د.سليمان احمد العمري

الكلمات الأكثر بحثاً