اتصل بنا
 

رسالة فاطمة للنساء

كاتب

نيسان ـ نشر في 2019-11-13 الساعة 20:01

نيسان ـ "لا تقبلي العنف ولا تتعايشي معه ولا تقبلي الإساءة" بهذه الرسالة المختصرة اوصت النساء، فاطمة ابو عكليك، تلك المرأة التي فقدت بصرها لتعيد البصيرة لنساء مجتمعها ورجاله، بأن يهبوا ضد ثقافة منحطة تستبيح الضعفاء وتبارك العنف وتواجهه بصمت مطبق! وان يصرخوا صرخة واحدة نصرة لها ولتضحيتها التي افقدتها بصرها امام اطفالها بمشهد مليئ بكل أنواع الألم والوجع والحسرة والبؤس والعذاب.
كل يوم ترتفع حالات العنف الأسري وتزداد قسوتها، وامام كل حالة، تبقى هناكزحالات طي الكتمان بداعي الحفاظ على العلاقة الزوجية والخوف من الانفصال لاسباب عديدة، اقتصادية كعدم توفر مصدر دخل وتعويض للمراة في حال انفصالها، واجتماعية كالنظرة والوصمة المجتمعية للمراة المطلقة في بعض المجتمعات وغيرها من أسباب.
تشكل الأسرة عماد المجتمع و وحدة تكوينه و بنائها، فهي بمكوانتها صورة مصغرة عن مجتمع، ولابد من نظام ديموقراطي سلس يحكم العلاقات فيها، فالاساس بالعلاقة الزوجية الحب والاحترام المتبادل والصدق والصداق و التعاون والمودة والرحمة ولغة الحوار والمكاشفة وتلبية الحاجات، سواء كانت هذه العلاقات بين الزوجين، او بين الزوجين والأبناء، وليس العنف و فقئ العيون والتعذيب والترهيب والهيمنة والإكراه.
تتعدد دوافع العنف الأسري، من دوافع ذاتية ونزعات عدوانية لدى مرتكبه تنشأ معه من تربية واسرة عنيفة فيعود ليطبقها على زوجته واطفاله، الى الدوافع الاقتصادية كالفقر والبطالة اللاتي تنخر قيم المجتمع فيزداد العنف عندما يكون الرجل في العائلة غير قادر على تلبية متطلباتها فيلجأ للعنف لازاحة الضائقة الاقتصادية وتشتيتها، اضافة الى الدافع المجتمعي، اذ ان التقاليد والافكار المغلوطة والثقافة المنحطة التي تربط مفهوم الرجولة بالهيمنة والسيطرة والعنف ضد المرأة تشجع وتعزز العنف، فيلجأ الرجل الى ذلك في محاولة بائسة لملئ النقص في شخصيته واظهار نفسه بمظهر القوي المسيطر عند ممارسته العنف على الزوجة والابناء، وهناك اسباب تتعلق بالتطور التكنولوجي وسوء استخدام التكنولوجيا ما ادى الى فجوة قيمية بين الابناء والزوجة والرجل، فلم يعد الاب والاام هم المرجعية التربوية والقيمية الوحيدة للابناء، ولم تعد حاجاتهم للمعرفة تشبه حاجات الآباء، وعدم ادراك الآباء لحاجات ابنائهم المعرفية والمعنوية والنفسية يجعلهم اكثر ممارسة للعنف بانواعه نفسيا وجسديا ولفظيا.
ويعد القتل اقصى حالات العنف ضد المراة، والذي ينتهي بالقتل بعد تراكمات من العنف واسبابه التي تبقى دون علاج، وبسبب ضعف آلية الإبلاغ عن العنف وعدم تفعيل ورفع الوعي بقانون العنف الأسري بشكل جدي وتحديدا فيما يتعلق ببند إصدار أمر الحماية والذي يتم من خلاله ابعاد الشخص المعنف عن الضحايا او الناجين من العنف، فالحماية توفر حلا مناسبا في الكثير من حالات العنف.
ان الظاهرة باتت مقلقة، ولا بديل سوى بمواجهة مجتمعية حقيقية للمنظومة الفكرية والمؤسسية والتشريعية والمطالبة الحقيقية بتغليظ العقوبة على الجناة وعدم اسقاط الحق الشخصي عن الجاني وحرمانه من حضانة المعنفين من الأبناء مع تكليفه دفع النفقة، ولابد ان تتكاتف كافة المؤسسات الرسمية وغير الرسمية من اجل الحد من هذه الظاهرة، وان تمتد المطالبات لكافة القوانين الناظمة للحياة السياسية، فاصلاح الاجتماعي يتطلب اصلاح السياسي والاقتصادي، فما هو ايضا شخصي هو سياسي، وان الحالة السياسية والاقتصادية العامة وتأزم مشهدها كل يوم، تنعكس آثارها على الأسر و يكون من مخرجاتها مزيدا من القتل وفقئ العيون والعنف وانهيار المنظومة الاخلاقية ، التي نراها في تحسن حالاتها في الدول المتقدة والجيموقراطية وذات الرفاه الاقتصادي.. والحديث يطول

نيسان ـ نشر في 2019-11-13 الساعة 20:01


رأي: فراس عوض كاتب

الكلمات الأكثر بحثاً