الاتفاق النووي: الخلفيات والدوافع واستراتيجيات العرب المطلوبة
فتح سعادة
كاتب أردني وخبير مياه
نيسان ـ نشر في 2015-07-25 الساعة 20:01
هذه إضاءات على خلفيات الاتفاق النووي ودوافعه قبل أن نعرج على بعض الاستراتيجيات العربية المطلوبة:
- مخطئ من يظن أن الاتفاق النووي الإيراني الغربي يتعارض في أي جزئية مع المشروع الصهيوني في المنطقة بل إن أول أهدافه هو تغيير أولويات دول المنطقة من مواجهة التحدي الإسرائيلي الى مواجهة التحدي الإيراني.
- أيقن الغرب تماما أنه ليس بمقدوره البقاء في إدارة دفة الصراع في المنطقة منفردا ولم تعد إسرائيل قادرة على ردع القوى الناهضة في المنطقة فأصبح الغرب في حاجة الى قوة أخرى تساعد إسرائيل على البقاء بتبديل الأولويات عربيا وإبقاء العرب بحاجة ماسة للغرب.
- هل الأمريكيون عاجزون عن تدمير إيران وكل مفاعلاتها النووية الجواب القاطع قدمه قائد الجيش الامريكي بعد توقيع الاتفاقية اذ أكد ان (بامكان بلاده تدمير الجيش الايراني بالكامل) وحتى لو لم يصدر هذا التصريح الان فان كل الوقائع تؤكد ان امريكا تملك قدرة فاقة وفائضة على تدميرإيران وليس جيشها فقط ...إذن الاتفاق النووي الغربي مع إيران هو حاجة ملحة أمريكيا وغربيا وإسرائيليا.
- برغم كل ما تقدم فعلى العرب أن لا يغفلوا أن حصول إيران على السلاح النووي هي مسألة وقت قد لا يتجاوز عشر سنوات منذ الآن على أبعد تقدير إن استمر نظام الملالي في إيران ولحسن الحظ فهذه الحقيقة يترافق معها حقيقة أخرى أن إيران الآن في أضعف حالاتها بسبب العقوبات الاقتصادية وهذا هو مدخل العرب في إدارة الصراع مع المشروع الفارسي.
- التاريخ يعيد نفسه الإيرانيون يريدون إعادة دولة الفرس والغرب يريدون إبقاء دولة الروم وكعكة المنافسة هم العرب وثرواتهم هذا بالطبع لا يلغي أساس الصراع الحقيقي وهو صراع الحضارات... لا ينسى الإيرانيون ولا الغرب أن الحضارة العربية الإسلامية قد وفرت البديل والوريث للحضارتين الفارسية والرومانية بعد مجيء الإسلام فلذلك لن يوفر الطرفان جهدا في عدم عودة الوريث والبديل مرة أخرى. الدليل الساطع على ذلك أن الغرب وبعد الحرب العالمية الثانية أعطى الفرصة الكاملة لليابان وألمانيا للعودة كأكبر اقتصاديات في العالم والسبب هو عدم وجود أي صراع حضاري حقيقي بينهم.
أما الاستراتيجيات العربية المطلوبة فنلخصها كما يأتي:
- على العرب وعلى رأسهم بلاد الحرمين عدم هدر دقيقة واحدة في إدارة الصراع مع نظام الملالي في إيران وتبديل أولوياته بكل الوسائل من خلال الداخل الإيراني متعدد الإثنيات والذي يطالب بحقوقه اقتصاديا وسياسيا..... إن مخاطبة الداخل الإيراني وتقوية العلاقات مع الشعب الإيراني ذو القوميات المتعددة ولا سيما عرب الأحواز يجب أن يكون في مقدمات الأولويات العربية في إدارة الصراع مع إيران.
- على العربية السعودية أن تنهي آمال إيران في تقديم أي بديل تنموي لأي بلد في المنطقة....أمام السعودية فرصة قيادة تحول استراتيجي حقيقي وتحقيق التكامل الاقتصادي إسلاميا وعربيا بكل الوسائل وإلغاء كل القيود أمام الاستثمارات العالمية ومواجهة المشروع الأوروبي الأهم اقتصاديا وهو أبحاث وتطبيقات الطاقة المتجددة حتى لا تتسع الهوة مع الغرب تكنولوجيا والذي يخطط بجدية للاستغناء عن معظم استخدامات النفط خلال الثلاثة عقود القادمة. ريع البترول العربي كفيل بردم الهوة مع الغرب في أبحاث وتطبيقات الطاقة المتجددة والتي ستسيطر استخداماتها عالميا كنتيجة للتقدم الهائل في أبحاث الطاقة المتجددة ولا سيما الشمسية والهواء.
- المشكلة الكبرى في المشروع الفارسي أنه صدامي ويريد الاستحواذ والسيطرة وهذا هو جوهر الاختلاف بينه وبين المشروع التركي العثماني...تركيا تريد المشاركة والتكامل تطبيقا لمنهجية الإسلام في الحكم اسمعوا وأطيعوا ولو تأمر عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة...ليس لدى الأتراك أي مانع من تصدر مصر أو السعودية طالما الهدف واحد ولكن الإيرانيين يريدون الصدارة وإذابة الآخر من خلال استخدام الإسلام وسيلة وليس من خلال تطبيق منهجية الإسلام ولذلك على العرب ضم تركيا بقوة من خلال التكامل الاقتصادي معها وعدم إعطاء الفرصة لإيران لتصدر الاستثمارات مع تركيا...علينا أن لا ننسى أن الشعب التركي لا يزال في معظمه علماني التوجه وهمه الاقتصاد أولا فضمان بقاء حزب العدالة والتنمية متصدرا ببرنامجه المطلوب عربيا الان لا يتم سوى بإعطاء تركيا أولوية أقتصادية عربيا ويترافق مع ذلك دعم باكستان وشعبها بكل الوسائل. هذان البلدان هما أهم رديفين للعرب في صراعهم مع المشروع الفارسي.