اتصل بنا
 

أزمة السير.. ازمة حكومات

كاتب

نيسان ـ نشر في 2019-11-23 الساعة 10:45

نيسان ـ لم تكن ازمة السير يوما بسبب زيادة السكان، زيادة السكان أمر طبيعي وحتمي، ازمة السير لها تاريخ طويل وتراكمي، ولم تحدث في ليلة وضحاها، ولن يتم حلها بشارع ونفق وجسر ولا بخبراء اجانب ولا طائرة عمودية ، ازمة السير هي نتاج اختزال الأردن بعمان، وتهميش الأطراف، عمان التي تشكل اقل من 9% من مساحة الاردن يقطنها نصف الاردنيين بحسب ارقام الإحصاءات ، ليس فقط عمان، بل اختزال عمان بعمان الغربية.
اختزال الاردن بعمان، بسبب تراكم و فشل حكومي تاريخي في تنمية المحافظات، ما أدى بابن الجنوب والشمال والوسط للذهاب الى عمان يوميا، فيدخل مئات آلاف السيارات الى عمان من كافة مداخلها اضافة لنصف السيارات اصلا لنصف الأردنيين الذين يقطنون عمان، يدخلوها للعمل والدراسة والعلاج والتنزه وإجراء المعاملات بسبب قلة فرص العمل في المحافظات وضعف الرواتب وقلة الجامعات وفقرها بتخصصات معينة وارتفاع اسعار تخصصات بعضعها وعدم حصولها على اعتماد واعتراف دولي وعدم تفعيل الحكومة الالكترونية بشكل حقيقي بين المحافظات والمركز، ما يضطر بآلاف المواطنين للذهاب الى عمان لتلك الغايات و لاجراء معاملات لا تتوفر في المديريات وفروع المؤسسات المعنية في المحافظات والالوية.
لو كان هناك تنمية حقيقية للمحافظات وبنية تحية وفرص عمل وتوزيع قطاعي للمحافظات كعاصمة ادارية وعاصمة صناعية وعاصمة تكنولوجية.. الخ لما وجدنا ازمة عمان، ففي الوقت الذي يشكل فيه سكان الجنوب وحده 8% من عدد السكان، تجد مساحته 50% من مساحة الاردن، جميعها مساحات غير مستغلة، مساحات ميتة تنعدم مظاهر الحياة فيها، و تجد ربع الاردنيين يقطنون ثلاثة محافظات من الشمال تشكل مساحتها اقل من 3% من مساحة الاردن!!
وبينما تجد معظم الشركات والسفارات والقنصليات والمنظمات والوزارات في عمان الغربية، تجد مناطق في شمال وجنوب عمان جديدة وجميلة ومطلة فارغة، فلماذا نختزل عمان بعمان الغربية في الوقت الذي يمكن نقل الكثير من تلك المؤسسات والوزارات الى اماكن اقل اكتظاظ في شمال وجنوب عمان، وفي الوقت الذي يمكن بناء جامعة رسمية تخفف الحمل عن الجامعة الاردنية التي تحوي خمسين الف طالب وطالبة، او بناء فرعا لها بعيدا عن وسط عمان وقريبا من جنوب عمان، لماذا لا يكون نظام حجز الكتروني للمواطنين من المنزل كنظام حجز المواد عند التسجيل في الجامعة ، بحيث يختار المواطن لدى دخوله على موقع الدائرة المعنية وقت معين لاجراء معاملته، ويذهب بالوقت المحدد باليوم التالي، بدلا من ذهاب معظم المواطنين صباحا دفعة واحدة لاجراء معاملاتهم واكتظاظهم ليس فقط بالشوارع، بل داخل المديريات والمؤسسات، لماذا يضطر المواطن لاجراء معاملة تتعلق بكشف راتب، الذهاب من محافظته لمركز الوزارة بعمان، ومثلها الكثير من المعاملات، وما فائدة الحكومة الالكترونية وقاعدة البيانات للمديريات ومكاتب الوزارات والمؤسسات؟
أزمة عمان هي ازمة حكومات تراكمية مركزية ، عندما تفشل الدولة بتنمية الأطراف بينما تجد العمران بالمركز، فاعلم ان نهج الحكم مركزي لا ديموقراطي تعددي، فلا تتوزع مكتسبات التنمية بالتساوي بين المركز والاطراف، سواء على صعيد البرلمان او نهج تشكيل الحكومات، تنمية المحافظات يكون بحكومات منتخبة ممثلة للمركز والأطراف ومرتبطة بمجالس تنفيذية مصغرة او ما يسمى المحافظات، وتتمتع بولاية ذاتية، وبرلمان منتخب بقانون وطني عادل التمثيل بالتساوي بين المركز والاطراف يرتبط بالمجالس المحلية او ما يسمى باللامركزية، فلا قيمة للامركزية دون صلاحيات تشريعية ومالية، اضافة لتعديل قانون البلديات ودمج معظم دوائرها ومعظم بلديات المحافظات.

نيسان ـ نشر في 2019-11-23 الساعة 10:45


رأي: فراس عوض كاتب

الكلمات الأكثر بحثاً