هل ستسمح امريكيا لتركيا بالانتصار على تنظيم داعش وحزب العمال الكردستاني؟
نيسان ـ نشر في 2015-07-26 الساعة 11:13
لقمان إسكندر
هل ستسمح الولايات المتحدة الامريكية لتركيا بالانتصار على حزب العمال الكردستاني وتنظيم داعش؟
بعد أن فشلت أمريكا في وقف التطور الاقتصادي والاجتماعي والسياسي للدولة التركية بقيادة حزب العدالة والتنمية ذي الخلفية الإسلامية جاءتها الفرصة سانحة اليوم لاشغال الدولة التركية في حرب لا نهاية لها.
لم تسجل دولة في التاريخ أنها انتصرت على عصابات مسلحة من دون أن تخسر تتكبد هي نفسها خسائر اقتصادية وسياسية وعسكرية فادحة.
صحيح أن ما يجري على الحدود التركية السورية هو شأن وطني تركي خالص، وقرار لا يخص حزب الحرية والعدالة لكنه في شق منه هو أيضا شأن حزبي انتخابي عميق. إن السؤال عن مصير المكاسرة بين الدولة الإسلامية وتركيا التي بدأت يتبعه أيضا سؤال آخر عن مصير سمعة تيار أردوغان في تركيا بعد تلك المكاسرة.
لا بد وان القيادة التركية تدرك ان سكاكين الخارج ليست اقل كره لها من سكاكين الداخل.
وما على الرئيس التركي طيب رجب اردوغان ان يخافه هو ان كل ما يجري هو رصيد في خزان ربح او خسارة مشروع الاسلامي السياسي في العالم
إن المشروع الإسلامي في تركيا اليوم مهدد كما لم يهدد من قبل، وبفعل ضربات دولة داعش من جهة وحزب العمال الكردستاني من جهة اخرى.
صحيح أن تركيا اعتادت على خوض معاركها مع "العمال الكردستاني" لكن الجديد فيها اليوم دخول داعش على خط المعركة.
بعد أكثر من أربع سنوات على ما يشبه الصمت بين الدولة التركية وتنظيم الدولة حتى اتهمت تركيا بتقديم تسهيلات لوجستية لعناصر الدولة وإدخالهم الى سوريا عبر أراضيها بدأت لحظة مكاسرة معلنة بين الجانبين أحد أسبابها تضييق تركيا الخناق على مناصري الدولة ومنعهم وتسليمهم الى سلطات بلادهم.
لقد استغلت الدولة الإسلامية إشعال حزب العمال الكردستاني النار اتجاه تركيا فسارعت الى استثمار ذلك بإعلان الحرب على الجمهورية التركية.
من يراقب التحركات العسكرية لتنظيم الدولة يدرك أن مثل هذا التحرك تجاه تركيا في هذا الوقت لم يكن مفاجئا.
لقد اتبع عناصر الدولة هذا التكتيك العسكري طوال الوقت في الاراضي السورية باستغلال الخاصرة الاضعف (للعدو) المشغول عنها وبهذا تمكنت من السيطرة الجغرافية على مساحات واسعة من الأراضي السورية.
وتبع ذلك هجوم لمناصري الدولة غير مسبوق على علمانية تركيا في تأصيل شرعي لما تقوم به.
اليوم الرئيس التركي طيب رجب اردوغان في العين التركية العدو رقم واحد والطاغوت الذي سقطت عنه ورقة التوت التي كانت تواري سوءات نظامه العلماني.
لا يعوز مناصري تنظيم الدولة التأصيل الشرعي (لكفر اردوغان) وهو يوم اعلن الحرب على التنظيم رد عليه انصار "الدولة" بالقول لتكن الدولة رقم 61 بدلا من 60 فما يضير مشروع الدولة إضافة عدو آخر.
بهذا المنطق تذهب التحليلات العسكرية والسياسية لانصار الدولة المبنية اساسا على تفسيرات دينية لما يعتقدونه. لكن الأمور في ارض الواقع لا تسير وفق هذا فتنظيم الدولة بعد إعلان تركيا الحرب عليه لن يكون باي حال هو ذاته بالانتصارات التي يحققها كما كانت الأمور قبل ذلك.
رغم أن التضييق التركي على أنصار الدولة الراغبين في الانضمام إليه في سوريا بدأ قبل فترة إلا انه اليوم سيزداد مع نشر الجيش التركي لقواته العسكرية على الحدود مع سوريا، والعراق معا. وهو ما يعني مزيدا من التضييق على عناصر الدولة، وإذا ما أضيف على ذلك حالة الاستنزاف التي سيعاني منه التنظيم بعد إعلان الحرب عليه من جيش مثل الجيش التركي فهذا سيعني الكثير.
لكن ما ستواجهه الإستراتيجية العسكرية التركية خلال حربها على تنظيم "الدولة" هو إدراكها لحجم الدول الإقليمية والدولية الراغبة في إضعافها.
اليوم أردوغان على مفترق طريق حقيقي سيكون من الصعب عليه اختيار الحرب (حتى آخر مغامرة) خاصة فما أقدم عليه السلطان سيكون له ما بعده على مشروع حزبه الإسلامي في تركيا. فما لا يرغب به الرئيس التركي هو خسارة الانجازات التي حققها في السلم وقت الحرب.