اتصل بنا
 

يا أمي لن اضحك عليك هذه المرة..فليلُنا مُحتل مُنْ الخفافيش..

كاتب أردني

نيسان ـ نشر في 2019-11-25 الساعة 18:27

نيسان ـ قبلَ أن تَدّعي أنّكَ (الناطقُ الرسميُّ بسمِ اللهِ) على الأرضْ، ماذا لو تَذكّرتَ جائعاً يفتَرِشُ الرَّصيف لِيبيتَ ليلتهُ، ماذا لو تَذكّرتَ غارِمَةً ينهشُ لحمها مُستَغِلٌ لا يمتُ للأخلاقِ بِصِلَة، ماذا لو تَذكّرتَ جارَكَ إن وجَدَ قوتَ يومِهّ..
نَموتُ بالتَقْسيطِ وعلى دُفُعاتْ،
ويَخْتلفُ اسمُ المدينَةِ منْ سنةٍ الى أخرى، وتَبتعدُ السماءُ عَنّا قليلاً، حتّى تَقصِفَنا الطَعَنات،
ولا يختلفُ طعمُ الموتِ، عندما تُقرأُ على أرواحنا بعضُ القصائدِ والآياتْ..
هِي ديموقراطيةُ الدمِ الآن، وانت الآن وحدَكَ تختارُ مَنْ يَقْتُلُكْ يقولونَ الآنَ لكَ :
(غَيّرْ اتّجاهَ البُندقيّةْ )
ثمّ كَبّرْ....
وإذبَحْ أخاكَ وإذبح أباكَ،
فأنتَ الآنَ (مُجاهدٌ ) ولكَ عندَ اللهِ حوريّةْ، وذو اللحّيَةِ الصفراء هذا، يُفتي لكَ بِما يجوزُ ولا يَجوزُ، بناءً على رائِحَتهِ النفطيّةْ،
وفلسطينُ لا شأنَ لكَ بِها،
فستحرّرُها جَحافلُ القِمارِ الرجعيّةْ، ولا تَتساءلْ كثيراً!...
فالبوصلةُ أيضاً باتتْ أمريكية.
* باتَ القَتلُ سهلاً ومُتداوَلَاً جداً فِي وَقْتِنا الحالي، امرأةٌ تَقتُلُ زَوجَها ووالِدَته لأنها سَئِمَتْ من خدمَتِهِمْ، وآخر يطعَنُ أباه لِيسكُنَ ليلته في ثلاجة مستشفى البشير، أي أخلاقٍ باتت لدينا؟! أي مرحلةٍ وصلنا لها الآن؟! باتَ ليّلُنا مُحتلاً مُنْ قِبَلِ الخفافيش،
ونَهارُ الغَّد ما هُوَ إلا ليلٌ آخرٌ يَأتينا مُتنكّراً بالبَياضْ هكذا يكونُ بِنَظَرِ أُمٍ ثُكلى و أَخٍ حزينْ وبيتٍ مَكلوم..
بَينَ هذا الرَجُلِ ذي السبعين عاماً وتِلكَ الجميلةُ وابنها البار قَلبي الآن فِي مُنتَصَفِ الطريق.
فِي هذه الأحداثِ التي تصيبني بوعكةٍ نفسية و عصبية حادة، وفي ظِلِ هذا البرد الشديد وفي ظِلِ جفافِ المشاعِر الذي يحاصرني، واشتياقِي الشديد لِفتاةٍ (ملائِكية بنكهةٍ شيطانية) لا بُد أن أقول:
غَطّيني..
بذاتِ الشالِ [ المُزَمزَمِ ] برائحةِ عِطرِكِ اليوسفيِّ، بذاتِ الشالِ الذي تَسكنُ فيه السماءْ،
بذاتِ الشالِ الذي [ يحُجُّ ] في عُنقِ الفَراشِ، فهذه القُشَعّريرةُ باتَتْ تَحّتَلُّ عُروقي...
حِينما تُحدِقُ في عَيني (حبيبتكَ) تَعرِفُ تماماً إلى ماذا تَنتمي، فهل عَرَف هؤلاء ( المجرِمون) إلى ماذا ينتمون؟! هل حدقوا في عيني ضحاياهم قبل أن (يقتلوهم)؟! هل يشتاقون لضحاياهم كما أشتاق انا في كلِ دقائِقِ يومي لتلكَ التي حينَ تغيبُ عَنّي أيّاماً بلَياليها بِالتوقيتِ المَحلّيِّ لقَلبي، ثمَّ تُشرقُ فجْأةً لتُلقِيَ عَليَّ (قُنبلةً عِشقيّةً) ثمّ تغيبُ منْ جَديدْ.. هل يعلمونَ أي حُزنٍ يبعَثُ الشوق؟!
ذلك الذي ينامُ الآن في ثلاجةِ مستشفى البشير دعوه ينامُ بِسلام فَنَحْنُ نَعرِفُ الحَقيقَة تماماً وَنَعلَمُ ما جَرَى.
خُذيني الآنَ يا حبيبَتِي عندَ أوّلِ مُفْترقٍ للحنينِ ولوْ للمَرّةِ الآخيرةِ،
كَيْ أتَجلّى..
وبعدَها، قدْ نَلتقي مَرّةَ أخرى عندَ اللهْ !...
سألتُ تِلكَ الجَميلَةُ قبل أن يأتِي ابنها للثلاجَةِ المجاوِرَةِ لها : هلْ رأيتَ اللهْ ؟
إبتسَمتْ وهِي تَنظرُ إلى أَعْلى !
لا يَسَعُني ولا تُسعِفُني لُغَتِي في إيجادِ وَصفٍ لهكذا نوعٍ من (مُستهلكي الأوكسجين)، فَقَد ماتَ شعورُ الاستِغرابِ من أفعالِهِمْ، أصبَحَ كُلُ شَيءٍ مُتَوَقَعاً تَماماً، باتَ كُلُ شيء لا يَمُتُ للأخلاقِ بِصِلَةٍ يَصدُرُ عَنْهُم ويسيء لكلِ عائِلاتِهِم، إن أبقوا على أفرادِها ولم يقتلوهُمْ او حتى يُعَنِّفوهُمْ.
بَدأتْ الحياةُ ( مَشاعاً) على هذهِ الأرضْ وستَنتَهي كذلكَ مَهما (فَلّسَفْنا) التفاصيل، معَ أنّ قلبيَّ (مقبوضٌ) بعدَ هذِهِ الكَلِمات ، سأحاولُ أنْ الجأَ الآنَ إلى سيجارَتِي...
كَعادَتِي دائماً عندما (تَغضَبُ) أمّي مِنّي أقَبّلُ رأسَها، غالباً تَقولُ وهيَ تُقاومُ ضُحّكتها الأعذبْ في الكونْ:
"أيْوهْ إضْحكْ عَليِّ زَيّْ كُلْ مَرّةْ، بَسّْ المَرّة هاي مُشْ رَحْ أفَوِّتلَكْ إياها"
وكنتُ أتَسلّلُ مِنْ بينِ يَديّْها، وأنا أضْحَكُ في سِرّي و أفكِّرُ كيفَ (سأضْحكُ) على أمّي في المَرّةِ القادمةْ؟!

نيسان ـ نشر في 2019-11-25 الساعة 18:27


رأي: رأفت القبيلات كاتب أردني

الكلمات الأكثر بحثاً