اتصل بنا
 

أتُراقصينَني؟.. سلام عليكِ وعلى الرصيفِ المُكتظِّ بالأشقِياءْ

كاتب أردني

نيسان ـ نشر في 2019-11-28 الساعة 11:22

نيسان ـ هيَ لمْ تنتظرني...
أقفَلتْ راجعةً الى بُرّجها العاجيِّ
كيْ تُعيدَ ترميمَ صورتيَ القَديمةَ
أوْ تُسّقطَني مِن ذاكرتِها المُلوّنةِ
هيَ تَنسى أحياناً أنّني (كُنتُ ذاتَ زمانٍ) وطنْ.
هذا الليلُ لا يتكلّمُ الآنَ إلاّ لغةَ البردِ السيّبيريِّ
وكلّ النجماتِ غائباتٌ إلاّ أنتِ
تُدفّئيني مِنْ بعيدْ، فأنا ها هُنا، أَقِفُ على (شارعِ الستين) اناظِرُ أي شئ ولا أرى سِواكِ.
اليوم في تَمامِ الساعة السادِسةِ مساءً، رن هاتِفي كان (رقما خاصا) كانَ صوتاً ملائكياً يدعو للبهجة..
انا: مين؟!
هي: انا روان....
انا: أخذتُ نَفَساً طَويلاً، وأشعلتُ سيجارَةً وأكلتُها بِنَهَمٍ شَديد، تناوَلتُها بِشراهَةٍ شديدةْ.
هي:كيفك؟! انا رنيت أحكيلك شي.
انا: تفضلي...
هي: انا ( رنيت أستأذنكْ) خطبتي يوم....
انا: مباركْ،..ألفْ مبارك، فرحتلك..أهلِكْ غصبوكِ على هالشي؟! انت مغصوبة على هالشي؟!
هي: لا، انا اتخذتْ هذا القرار ومقتنعة، ورنيت لتباركلي، ولأني رح أكون ( على ذمة حدا)...
انا:أيّتُها التائِهةُ مِثلي، ها قَدْ التَقيْنا في مُنتصفِ الطريقْ
فسلاماً عليكِ، وعلى الرصيفِ المُكتظِّ بالأشقِياءْ...
* أغلَقْتُ هاتِفي وانا أُناظِرُ السماء، كُنتُ أتَنَقَلُ بينَ (ساشا) المُعلَّقِ على أبوابِ ( لينيغراد) وَ بَينَ ( عبدالله بن الزبير) المُعلّقْ على أبوابِ (مكة). حادَثتُ نَفسي قائِلاً: اه يا أنانية، جِئْتِ فرَضْتِ نَفسَكِ فيَّ ثُمّْ غادَرْتِ.
لا بأسْ سَأُعيدُ رَسمَ السَّماءِ الآن على أنَّها أبردُ من ذي قَبل، و سَأُداعِبُ هذهِ النجمةَ الحزينَةَ التي تُزِّنُ خَدَّ السَّماءِ على أنها أنتِ للمرةِ الأخيرة، سأُعاتِبُها قليلاً، وأَجلِدُ نَفسِي أيضاً كيف لها أنَ تُهيئ لي بأنني سأَنتَصِرُ يوماً ما.
أعادَتْ الاتصالَ بي مرَّةً أخرى، تجاذبنا أطرافَ الحديث، والعتابْ
فَقُلْتُ لها قبلَ أنْ تَرحَلْ بِلحظاتٍ: أتُراقصينَني ؟
ابْتسمتْ كَحوريّةٍ هاربةٍ مِنْ الجنّةِ، خَبّأتْ يَديَ اليمنى في كَفّها
ثمّ...
أشارتْ لعازفِ الكَمنجةِ بأنْ يَعْزِفَ اللحنَ الأخيرْ...
أتَعْلَمينَ يا جَمْيلَتِي... لَوْ قُدّرَ لي أنْ أعيشَ عمْراً آخر، لأحبَبتكِ مَرّةً أخرى، وإنْ كنتِ تَشعرينَ بالبردِ الآنَ، أَحْرقي كلَّ قصائدي، فَرُبّما تَحنُّ عَليَّ الطريقْ، فأنا الآنَ لا أتوقّعُ منْ هذهِ السماءِ إلاّ مَطرَ ( حبيبَتِي) العَشوائيّْ !
لا بُدَّ أنَّ شهادَةَ مِيلادِي مُزوَّرَة فأنا لَمْ أولَد بَعْد، أدْرَكُتُ الآن بأنِّي أخطأتْ، أخطأتُ بِكُل شيء حَدَثَ في حياتي، و أَيقَنْتُ بأني لا بُدَّ أن أَكفُرَ ( بِكُلي السابِقْ)، اظنُ بأنني الآن أرغَبُ أن أعودَ مُرتَبِطاً بحبلٍ سُرِّي، أنْ أَعودَ فِي المَهدِ صَبياً، أن لا أَقِفْ أمامَ نَفسي هكذا مُرتَعِشاً باكِياً حَزيناً لا أقوى على شيء،
حَسبِي أني سَمعِتُ صوْتَكِ والأَلَمْ، مُترَعَةٌ روحِي بالهَزائِمِ الصَّماء، أفْتَقِدُ نَفسي حينَ كُنتُ أرسُمُ بيتاً على الرمل هناك بجانب بئرٍ يقِفُ شامِخاً أمامَ مَنزِلِ جَدَتِي، أفْتَقِدُ ذلكَ الجميل ( عمي) الذي كان مثالاً لي في كُلِ شيء، كُنتُ أَلتَقِطُ السيجاَرةَ كما يفعَلُ هو، كُنتُ أحتَسي الكُحولَ و أُصادِقُ النساء علّي أن أكون مثله يوماً ما، أَكتُبُ عليّْ أكون انعِكاساً لِظِلِهِ فَقَطْ، كَمْ انا الآن بحاجَةِ ان أسقُطَ بينَ ذِراعيه و أَبكي حدَّ التَعَبْ، كَمْ أوَدُ أن أُغمِضَ عينَّي و حينَ تُبصِران لا أكونُ انا انا.
سأنْحَتُ الآنَ وَطَناً على وِسادَتِي وأَغفو فِي أحضانِها، فهذا الليلُ أشدُّ سَواداً مِنْ لُغَةِ الرَصاصْ، لَقَدْ باتَ لَيليْ مُراً تماماً كاقتِصادِ هذا البَلَدْ، كُنتُ أتّكئُ على ابتسامةِ ( الروان) في عَتْمِ الليلْ، ولكنّها رَحلتْ مُبكّراً !..
أنا إنْ رَحَلْتُ الآنَ يا حَبيبَتِي، فلا تبكيني، فَقُبلةٌ واحِدةٌ على الجَبينِ تكفيني، ولا تُيَتّمي وردةً منَ الحقلِ، فَوَردُ الكونِ باتَ الآنَ يُغَطّيني لَيسَ لشيء، وَلكُنني تَعوّدتُ أنْ أقاتلَ وَحدي، ولوْ استطعتُ أنْ أدْفِنَني عِندما أموتُ لَفَعلتْ ! إنْ مُتُّ، لا تَلبسي فُستانكِ الأسودَ الذي أحبّهُ،
بلْ اعزفي مَقطوعتي الموسيقيّةَ التي كنتُ أسمعُها عندَ الفجرِ
وقولي سلاماً لِوردِ الحديقة.
ليسَ هُناكَ ما يُسمّى ( بالعدالةِ الحَتميّةِ) في هذا العالمْ، القوّةُ وحدها بأشكالها المُختلفة هي التي تَخلقُ توازناً ما في لحظةٍ ما في ظرفٍ ما, ما يُسمى بالعدالة !
يقولُ رينيه ديكارتْ في فلّسَفتهِ الوجوديّة: (أنا أفَكّر، إذاً أنا موجودْ)
وأنا أقول أنّ الحقيقةَ هيِ: (أنا مَوجود، إذاً أنا أتَألّمْ، إمّا بِمُتعةٍ أو إمّأ بِحُرّقَةْ قاتِلَة)
يبدو جَلياً تماماً بأننا كُلَما تَقَدَّمنا بِالعُمْرِ صَغُرَتْ أَحلامُنا، وَلَرُبَما تَتَلاشى، لطالَما كُنْتُ انتظرُ الليلَ كي أختبئَ فيهْ، ثمّ أكتبُ، ولكنّي لا أعرفُ إنْ كنتُ أَرثيكِ أمْ أرثيني !، لا بأس فأنا كعادَتِي كُلَ لَيلة وي كأَنَّ صَخرَةَ ( بلال بن رباح) تَجْثُمُ على صدري.

نيسان ـ نشر في 2019-11-28 الساعة 11:22


رأي: رأفت القبيلات كاتب أردني

الكلمات الأكثر بحثاً