اتصل بنا
 

هيمنة وزارة الإدارة المحلية على مجالس المحافظات

أكاديمي وخبير قانوني أردني

نيسان ـ نشر في 2019-12-09 الساعة 16:49

نيسان ـ مع هذا التكتم الشديد من وزارة الإدارة المحلية على مشروع قانون الإدارة المحلية وعدم الإفصاح عن أي من ملامحه فإن القلق بدأ يساورنا والكثيرون حول مستقبل مجالس المحافظات هذه التجربة الفتية التي لم يكتب لها أن تعمل في ظل ظروف تضمن نجاحها، بل على العكس من ذلك كل الظروف جاءت في غير صالحها ابتداء من قانون اللامركزية وانتهاء برفض الجهات المساندة التعاون معها وعلى رأسها الادارات المركزية، حتى تسلل اليأس إلى نفوس أعضاء ورؤساء هذه المجالس، وباتت تقف على مفترق طرق، ورغم كل ذلك فإن الرجوع عن هذه التجربة يشكل انتكاسة للديمقراطية والإدارة المحلية معا، فهذه التجربة تهدف فيما تهدف إلى توسعة قاعدة المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار على المستوى المحلي، كما تهدف لتحسين مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين وتسهيل تقديم الخدمات، ومن الظلم الحكم على هذه التجربة بالفشل بعد أقل من عامين على انطلاقها في ظل ظروف اعاقت نجاحها وتحقيق أهدافها في وقت قياسي، ولعل هذا ما دفع بجهات صناعة القرار للاعلان عن إعادة تقييم التجربة والنظر في مستقبلها، وما انشاء وزارة الإدارة المحلية الا من هذا القبيل، ولا نجد مشكلة في ان ترتبط هذه المجالس بالإضافة للمجالس البلدية بوزارة الإدارة المحلية بدلا من وزارة الداخلية كمان كان ينص قانون اللامركزية، ولكن المشكلة ستكون في تذويب هذه المجالس وتمييع دورها من خلال دمجها بالمجالس البلدية بصورة او بأخرى، فهذه المجالس يجب أن تبقى محتفظة بشخصيتها الاعتبارية واستقلالها الإداري والمالي، وهنا لا بد من القول انه يجب الاستفادة من الجهود التي تم بذلها من مختلف الجهات لتقديم مقترحات وتصورات لمستقبل تجربة اللامركزية بصورتها الجديدة الممثلة بمجالس المحافظات، وقد اسهمت جهات عديدة محلية ودولية في ذلك، حتى ان كثير من الجهات الدولية الداعمة رهنت دعمها للاردن في هذا المجال بتعزيز تجربة اللامركزية وتطويرها، وفي هذا السياق أشير إلى دراسة قدمها المجلس الاقتصادي والاجتماعي أعدها خبراء محليين ودوليين خلصت إلى تقديم ثلاثة سيناريوهات للخروج من هذا المأزق الأول يقوم على اساس تعديل وتطوير القانون الحالي، واخذ الملاحظات التي تم رصدها خلال السنتين الماضيتين من عمر التجربة بعين الاعتبار، في حين يقوم الثاني على اساس انشاء سلطات محلية حقيقية وبصلاحيات واسعة، تمارس دورا حقيقيا على المستوى المحلي، ويقوم الثالث على اساس انشاء مجالس تجمع البلديات في عضويتها وجهات أخرى على مستوى المحافظة، ولكل سيناريو منها تفاصيل وتقييم لنقاط القوة والضعف لرصد فرص نجاحه في حال تطبيقه. ولكن تحت كل الظروف لا يجوز اختزال فكرة مجالس المحافظات بدمجها بالمجالس البلدية باي صورة من الصور، بحيث تظهر المجالس البلدية وكأنها الأصل ومجالس المحافظات الفرع، كما لا يجوز إقرار مشروع قانون الإدارة المحلية بصورة مستعجلة دون أن يأخذ حقه ووقته الكافي من النقاش والحوار، وذلك حتى لا نكرر تجربة قانون اللامركزية الذي أقر على عجل وكأن إقرار القانون كان آنذاك هدفا بحد ذاته وليس وسيلة، ولا مانع من أن يكون لدينا نموذج خاص يتناسب مع واقعنا فليس بالضرورة ان نستنسخ تجربة دول أخرى بحذافيرها، وقد لا تصلح لحالتنا واقعنا.

نيسان ـ نشر في 2019-12-09 الساعة 16:49


رأي: ا.د. حمدي قبيلات أكاديمي وخبير قانوني أردني

الكلمات الأكثر بحثاً