اتصل بنا
 

يا سيدتي ...ذاكرتي ملوّثةً بالمنافي وبمدنٍ لا تعترفُ بي

كاتب أردني

نيسان ـ نشر في 2019-12-11 الساعة 18:39

نيسان ـ وتأخذكَ الرؤيا حيثُ تَراكَ أنتْ،
ويأخذكَ الحلمُ حيثُ لمْ تكنْ،
وتأخذكَ الذاكرةُ حيثُ نِصف الفراغْ،
وتأخذكَ القصيدةُ حيثُ يَجبُ أنْ تكونْ.
لا فَرقَ ها هُنا إن كَتَبتُ هذهِ الكَلِماتْ في العبدلي من أمامِ بنك الأردني الكويتي او كَتَبْتُها مِن أمامِ مَبرَةِ نور الحسين فِي صويلح، أسأَلُ نَفسيِ الآنَ لِمَ أَكْتُب؟! فَأُجيبُ سَريعاً :لِأَبقى حَياً وَلو إلى حِينْ.. بَعدَ عَودَتِي مِنَ الكرك إلى عمان، كانت اغنية جوليا بطرس (يوماً ما) رَفيقَتِي في هذهِ الرِحلةْ ولا بُدَّ أن أسرَحَ بِخيالي وانا على (جِسرِ الموجب) قليلاً لأتَذّكَرَ بِأَنّها رَحَلَتْ وَتَرَكَتْ وَجهَهَا عَلى وِسادَتِي فَحاصَرَت أحلامِي وحاصَرَتنِي سارِحاً حَتى فِي الغِيابْ.
وَصَلتُ عمانْ مصطَحِباً معي نَغزَةَ حَنينٍ حادةْ، و شُعوراً بأَمْرٍ ما سَيحدُثْ، قابَلتُ صَديقاً وكُنا على موعد من الاستِياءٍ و الامتعاضٍ و الملل، فَبَرَزَتْ فِي بالي فِكرَةُ ان نَذْهَبَ الي (صالون الفارس) فِي صويلح لنغيّرَ النّفسية ولِنضبِطَ ذُقونَنا المُنهَكَة، وَ لِنسهَرَ مع الشباب هناكْ، ولكن كأَي أَمْرٍ يتمُ التخطيطُ له يبوءُ بالفَشَلْ.
فِي شارعِ الجامِعَة الأردنية وَقف مصطفى على الاشارَة وكنتُ انا أتنقلُ كعادَتِي بينَ حاراتِ الفيس بوك، كان بجانِبِنا سيارة (بريوس لونها سيلفر ميتاليك) كان فيها شابٌ بالعشرينات من عمره مهتماً جداً بشارِبَيه وكانت بجانِبِهِ الصَدمَةُ التي سَتُرافِقُنِي أَبَدَ الدَهْرْ.. كانَتْ هِيَّ نَعم هِي لا غَيرُها، لم يكن أمامِي خيارٌ غيرُ النظر، النَظَرِ فقط، كيف لا وَهي مَن أخبَرَنِي بأنها سوف تكونُ على (ذمةِ حدا) حسب قولها.. أشعلتُ سيجارَةَ Davidoff Classic وأخذتُ صورَةً لرقمِ لوحةِ السيارةْ، وَطلبتُ مِن مرافِقي بالانحرافِ نحو الجبيهة، لأقفَ قليلاً على (مطل الجبيهة).
لمْ أعُدْ يا سيّدتي أفْقهُ شيئاً في السياسة، ولا في الأدب،
ولا في الفلسفةِ، ولا في أساطيرِ القرنِ الواحدِ والعشرينَ
ونعمْ! لقدْ اشتقتُ الى كأسي !...
كان الشيطانُ يتراقصُ فِي دماغي على أنغامِ (سيمڨونية قهر) أخذتُ هاتِفي وتحدثتُ مَعَ أحدِهِمْ لأتأكدَ مِن هذا الشابِ الذي أخذَ ما أُريد، لم يكن قيدها المدني متغيراً، فهي (عزباء)، وهذا المُحاسِبُ ما هو إلا صديق أو حبيب أو رفيق او اي شيء...
نَعَم كنْتُ خائِناً، نعم خُنتُ الروان كثيراً... كُنتُ أخونُها مع شَفَتَيها تارَةً، وأَخونُها مع عَينيها تارةً، و كُنتُ شديدَ الخيانَةِ مع حُضنِها، فكما قال نزار قباني : كُل الرجال خائنون، فأنا خائِنٌ أدمن الطريق.. ولكن تَكونُ الصدفَةُ كما الخَنجَر، لستُ هُنا لتصفيطِ الكلامِ المُنمّقْ ، بلْ لأنّ في عُنقي رسالةٌ منحوتةٌ بالدموعِ والعَرقِ والدمْ ! فأيُّ خَطيئَةٍ تمحوها خطيئة.. وأي حُلُمٍ رَسمتُهُ فَضَنَنتُهُ الموناليزا فأصبح كابوساً.
ما أَجمَلَ مَوتَكِ يا فتاة، لكُنتُ حرّمتُ النساء على نفسي، ولكنتُ اتجهز كل ليلة لالتحق بِكِ عند الله، ولتزوجنا هناك في جنةٍ عرضها السماوات والأرض، ولكان شهود عقد قراننا من الملائكة، ولكنتِ مارستِ غيرتكِ علي من كل حور السماء،وَكنتِ حوريتي واربعتي التي أحلها لي الله، ولكنكِ ببساطة، أقلُ من كل شيء كنت أراه فيكِ، موتُكِ يا عزيزتي اقل ألماً من حضنِ رجلٍ باعت امهُ بعض دنماتٍ هناك في فلسطين لتشتري له سيارته وبعض ثياب.نعمْ ، يا سيدتي أنا " موضةٌ قديمةٌ "،
وما زلتُ أقرأُ دستوفسكي وأسمعُ سيّد درويشّْ،
ونعمْ!..
ما زلتُ أرسمُ التفاصيلَ الصُغرى لِكومونةِ هذه الأرض.
*على الهامش الذي لا بُد أن يفرض نفسه الآن في أعماقِي ولا ينتهي... في وجهِ بثينه تسكنُ قبيلةٌ من الملائكة وانا، و الكرك... يا بثينه ما زالتْ حقيبتي نائمةً على الرصيف،
وما زالتْ ذاكرتي ملوّثةً بالمنافي ومدنٍ لا تعترفُ بي،
أنا الهلاميُّ في جَسدي النحيلْ...
وكَمْ تَخدعُنا عقاربُ الساعةِ يا سيدتي ، فلا نَعيشُ كلّ الحياةِ حُبّاً.
يقولُ الفيلسوفُ والشاعر الألماني فريدريك نيتشه :
"هل أسأنا الظنّ ببعضِنا ؟
كنّا بعيدين عن بعضنا
لكنّنا الان في هذا السجنِ الضيّق
مكبّلين بنفس القدر، فكيف نقدر على البقاء اعداء
أليسَ علينا ان نحبَّ بعضنا
حين لا نستطيعُ الهروبْ ؟"
....................................................
نعم، هو كذلكْ، عَلينا أنْ نُحبَّ بَعضنا لأنّنا لا نَستطيعُ الهروبَ منْ جِلدنا ! نحنُ قومٌ نعيشُ وَ نَعتاشُ بالحُب، وحده الحُب ما يُبقينا على قيدِ الأَمَل...

نيسان ـ نشر في 2019-12-11 الساعة 18:39


رأي: رأفت القبيلات كاتب أردني

الكلمات الأكثر بحثاً