اتصل بنا
 

نترنح بينَ راديِكاليةٍ مَزعومة وإمبرياليِةً واضِحة

كاتب أردني

نيسان ـ نشر في 2019-12-15 الساعة 22:25

نيسان ـ لا أُحبِذُ الكِتابَةَ فِي السياسَة مُنْذُ أَنْ أَصْبَحَت مَرتِعاً للعاطِلينَ عَنْ العَمَل، وَ رُغمَ أَني أَختَصِرُ الوَطَنَ عادَةً فِي إابتسامَةِ حَبيبَتِي، إلا أَنَّ وَطَنِي ينزِفُ بِطَريقَةٍ لا مُتناهِيَه.
لَرُبما نَحنُ بِحاجةٍ لِمُحامٍ مُدركٍ قادرٍ على انتِزاعِنا مِنْ عُنُقِ الزُجاجَةِ التي تُراقِصُنا وَ تُخرِجُنا عَنْ يوسِفيَتِنا التي نَدَّعِي، وهُنا لسنا بِحاجَةِ مُحامٍ يُغازِلُ خَطيبَته ليلاً وَفِي نَهارِهِ يبحَثُ عن قرضٍ لإبقاءِ مَقولَتِهِ لِخَطيبَتِهِ مساءً ( ولسى رح أَعيشِكْ ملكة)
وَهُوَ مُدرِكٌ تماماً بِأنَ زِفافَهُ قَدْ تَكَفَلَتْ بِهِ والِدَتُه أساساً!.
يؤلِمُنِي أَنْ أَكتُبَ وَ أَنعى من باغَتَهُمْ عِزرائيلُ بالأَمس على الطريق الصحراويٌ، رُغْمَ أنَهُ يَزورُنِي كُل لَيلَةٍ، يَشرَبُ فُنجانَ قَهوَتِي وَلا يَهُزُ فُنجانِي وَيَذهَبُ باحِثَاً عَنْ مَوتٍ آخَر..
طريقُ المَوت و الدِماء، طَريق يؤرِقُنا إن سَلكناهُ او سَلكهُ عزيز.. رُغمَ كُلِ النِداءاتِ و الصَرخاتِ والعطاءات إلا أن صُناعَ القرار يَغضونَ الطَرف عن مُصيبَتِنا الأَزَلية، تماماً كَما كُنتُ أَغضُ الطَرفَ عن أخطاءِ الرَّوانَ، فأنا و الحُكومَةْ عاشِقانِ هُلامِيان فأنا عَشِقتُها حدَّ التَعَبْ، والحُكومَةُ فِي حالَةِ عِشقٍ أَبَديٍ مَعَ فَسادٍ يَنخُرُ جَسَدَ هذا الوَطَنِ ذي الجَسَدِ النَحيلْ الَْذِي في البدءِ كان يبحثُ عن حضنِ حَبيبَةٍ كَالرَّوانْ، ولكنّه نام في مقبرةِ الأرقام في جوارِ المستحيلِ حيثُ لا وردَ هناكْ!...
وإنّي أعتذرُ لابنِ رشدٍ، وللوركا، ولمريانا، ولغرناطةَ....
فلقدْ قتلوا ساعي البريدْ،فَهوَ أيضاً كانَ على الطريق الصحراوي يسيرُ على عَجَلْ، لي قُلبٌ حزينٌ جداً على ما يحْدُثُ في كُلِ مؤسساتِ الدولة وَ هيئاتِها المُستقله التي لا أعلمُ عددها وما فائِدتها وَ ما عملها أساساً.
مُشكِلَة الطريق الصحراوي ليست في (البيسكروس او الإسفلت او الإنارة او الحُفر التي تُزينُ خد الطريق) ببساطه مُشكلة هذا الطريق هي في حجمِ الفسادِ والتنفيع والإستهتار و الإستخفاف بأرواح الأردنيين، وَ دليلُ ذلك ما تم إقرارُهُ بالأمس من قِبَلِ مُمثلينَ عن حُكومَةِ النهضةْ، إذ قرروا جعل مَقبَرَةٍ لموادَ مُشِعَة في ماعين، تلك القرية التي يتهافَتُ عليها سياحٌ من كُلِ حَدبٍ وَ صَوب.. وَيقطُنُها بيضُ القُلوبِ رَطِبو اللِسانْ... وَي كَأَنْ الحُكومَةْ الرَشيده وَجَدَت حلاً لِمُشكلاتٍ تواجِهُها بِوأدِ هذا الشعب المَسحوق تماماً.. بينَ راديِكاليةٍ مَزعومة و إمبرياليِةً واضِحة يترنحُ الشعبُ الأردني كاملاً، يُحرِّكونَ هَذا الشَعب إما بمُشعوذٌ يرتدي ثوباً دينيّاً، او راقصةٌ شبهُ عاريةٍ، او لصٌّ يشتغلُ في المالِ والسياسة، وبالإشاعة و الإشاعةِ المُضادَة، وَ هُنا لا بُدَّ أَنْ تَشعُرَ بالهَزيمَة.
على الهامِش الذي لا بُد أن أقوله :"عندما سألوا راعي الغنم البوليفيّ الذي أبلغَ عن مكان جيفارا يوم استشهاده لماذا ؟ قال الراعي: كان يخيف غنمي في معاركه ضدّ الجيش !! أهلا بعالم القطيع !!" وَهذا حَرفِياً يحصُلُ ها هُنا تارَةً معَ صلاح، وَتارَةً مَعَ غازِي، ومَعَ كُل مَن يحاوِلُ وَضعَ احدِ أصابِع كفهِ على جُرحُنا النازِف، بِبساطة لا زِلنا نبحثُ عن أحلامنا التي تَلِدُ عدماً يُنتِجُ عَدَماً يُؤذينا جميعاً، قبل هذا كُلِه كُنا جياعاً ولكننا كُنا أَجمَلْ.
كُلي رَغبَةٌ الآنْ أن أَستَيقِظْ غداً، على صوتِ التلفزيونِ الأردني الرسمي الذي أُنشِئ بِعهد وصفي التل، حيثُ تكون (ساندي الحباشنة) غادرت قناة المملكة إليهم، وتُعلِنُ من خلال تلفزيوننا الوطني بأنها تستقبِلُ دولةَ رئيس الوزراء بعد قليل.
لِيُطلَ علينا فخامَتُهُ مُحرجاً مُرتبكاً قائِلاً:" أيها الشعب الأردني العظيم أعتذر منكم جميعاً، أعتذرُ ممن بات جائِعاً ذات مساء، أعتذرُ مِن زوجةٍ لازالت تجلسُ على طاولة سفرتها تنتظر زوجها العائد من الطريق الصحراوي على العشاء، أعتذر من أبنائنا الطلبة، أعتذرُ عن كُل شئ أرقَ كواهِلَ الآباء، و اسمحوا لي أن أبعثَ لكم باقةَ وردٍ معَ ساعي البريد، ولا بُد أن أُهديكُم أيضاً اغنيةً لفيروز... تعا ولا تجي واكزوب عليّ، الكزبة مش خطيي"

نيسان ـ نشر في 2019-12-15 الساعة 22:25


رأي: رأفت القبيلات كاتب أردني

الكلمات الأكثر بحثاً