صندوق استثمار أموال الضمان ودواعي القلق
د. زيد النوايسة
أكاديمي وكاتب
نيسان ـ نشر في 2019-12-24 الساعة 14:56
نيسان ـ انشغل المواطنون خلال اليومين الماضيين بجدل حول تصريحات مدير صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي لقناة رؤيا الفضائية عن استثمارات الصندوق وحجم الاقتراض الحكومي الكبير والمثير للقلق وتواضع العوائد المتحققة على الاستثمارات والبالغة لهذا العام حوالي 442 مليون دينار قياساً على موجودات تقارب 12 مليار دينار.
تحدثت مدير الصندوق عن التطور الواضح الذي حصل خلال العام الحالي لناحية وقف الخسارة في بعض القطاعات خاصة قطاع السياحة والفنادق نتيجة الاتفاقيات التي أبرمت مع الإدارات الجديدة لمجموعة الفنادق التي يمتلكها الصندوق في عمان والعقبة والبترا والبحر الميت والتي تعرضت لخسائر مالية كبيرة حسب بيانات الصندوق المالية في سنوات سابقة.
يقيني أن مدير الصندوق لم تكن تتوقع أن الحديث بشفافية حول استثمارات الصندوق وتنوعها والمخاطر التي تواجهه يمكن أن يشكل مادة خصبة ومثيرة للقلق والتشكيك بمستقبل أموال المشتركين في أهم وأخطر مؤسسة تستثمر أموال الأردنيين، وعزز من ذلك نزع التصريحات من سياقها ومحاكمتها سياسياً أكثر من التعاطي معها بالمعنى الاقتصادي الصرف، فالانطباع العام هو القلق والشك من أي عملية اقتراض تكون الحكومة طرفا فيها وهو حكم تعوزه المهنية والموضوعية، فالحكومات هنا وفي كل بقاع الأرض وبما فيها حكومات الدول الثرية تلجأ للاقتراض الداخلي والخارجي.
في بلد مثل الأردن يشكل حجم الاقتراض الداخلي سواء من البنوك المحلية أو صندوق الاستثمار حوالي 55 % من حجم المديونية العامة التي تقارب 30 مليار دينار، الخطورة الوحيدة هنا التي تواجه المقرضين المحليين هو انخفاض قيمة العملة المحلية وهو امر ينفيه البنك المركزي بشدة ويؤكد سلامة وضع الدينار المدعوم باحتياطات من العملة الأجنبية بحوالي 14.1 مليار دولار.
ما توقف عنده الغالبية في حديث مدير عام الصندوق هو الجزئية المتعلقة بأن الحكومة اقترضت ما مجموعه 5.7 مليار دينار أردني من خلال شراء السندات الحكومية المؤجلة التي يطرحها البنك المركزي الأردني نيابة عن الحكومة لفترات زمنية مؤجلة بفائدة معينة تكون غالباً أكثر من الفوائد التي تمنحها البنوك التجارية؛ المعروف هنا أن البنوك والشركات وصناديق الاستثمار هي من تذهب لشراء هذه السندات التي تلجأ لها الحكومة بغية حصولها على سيولة مالية لتغطية الانفاق الرأسمالي والجاري ومشاريعها المستقبلية مقابل عوائد ربحية على مدى زمني طويل أو متوسط، وتعتبر بالمعنى الاستثماري من الاستثمارات الآمنة وبمعدلات مخاطرة منخفضة قياساً على الاستثمارات في الأسهم والعقارات.
باستعراض مسيرة الصندوق الاستثمارية منذ تأسيسه العام 2003 يتبين لنا أنه تعرض لخسائر بلغت مئات الملايين من الدنانير وربما أكثر من هذا الرقم وتأثر مركزه المالي نتيجة الاستثمارات الفاشلة التي ربما تكون فرضت عليه من الأذرع الحكومية لأسباب سيادية وسياسية في مجالات عديدة كشراء الأسهم في البنوك وشركات التأمين وشركات الطيران والتطوير العقاري ولكن لم يكن من أسباب تلك الخسائر الاستثمار في السندات الحكومية لأنها في المحصلة مضمونة ومكفولة وفي أسوأ الظروف تحافظ على قيمتها بالحد الأدنى.
القلق والهواجس التي أبداها العديد من المختصين وكتاب المقالات خلال اليومين الماضيين هي مبررة دون أدنى شك فأموال الضمان هي كما يقول المثل الشعبي “الحيلة والفتيلة”، ويجب ألا تكون دائما عرضة للمغامرة والأصل أن يكون استثمارها محكوماً بدراسات جدوى دقيقة تتوافق مع الدراسات الاكتوارية ومراجعاتها التي تجريها مؤسسة الضمان الاجتماعي بشكل مستمر، وأن يتمتع مجلس إدارة الضمان باستقلالية كاملة بالإضافة لاختياره من اشخاص مؤهلين في الجانب الاستثماري لا أن تطغى فيها العلاقات الشخصية ومجاملات الوزير المختص على آلية الاختيار.
الغد
تحدثت مدير الصندوق عن التطور الواضح الذي حصل خلال العام الحالي لناحية وقف الخسارة في بعض القطاعات خاصة قطاع السياحة والفنادق نتيجة الاتفاقيات التي أبرمت مع الإدارات الجديدة لمجموعة الفنادق التي يمتلكها الصندوق في عمان والعقبة والبترا والبحر الميت والتي تعرضت لخسائر مالية كبيرة حسب بيانات الصندوق المالية في سنوات سابقة.
يقيني أن مدير الصندوق لم تكن تتوقع أن الحديث بشفافية حول استثمارات الصندوق وتنوعها والمخاطر التي تواجهه يمكن أن يشكل مادة خصبة ومثيرة للقلق والتشكيك بمستقبل أموال المشتركين في أهم وأخطر مؤسسة تستثمر أموال الأردنيين، وعزز من ذلك نزع التصريحات من سياقها ومحاكمتها سياسياً أكثر من التعاطي معها بالمعنى الاقتصادي الصرف، فالانطباع العام هو القلق والشك من أي عملية اقتراض تكون الحكومة طرفا فيها وهو حكم تعوزه المهنية والموضوعية، فالحكومات هنا وفي كل بقاع الأرض وبما فيها حكومات الدول الثرية تلجأ للاقتراض الداخلي والخارجي.
في بلد مثل الأردن يشكل حجم الاقتراض الداخلي سواء من البنوك المحلية أو صندوق الاستثمار حوالي 55 % من حجم المديونية العامة التي تقارب 30 مليار دينار، الخطورة الوحيدة هنا التي تواجه المقرضين المحليين هو انخفاض قيمة العملة المحلية وهو امر ينفيه البنك المركزي بشدة ويؤكد سلامة وضع الدينار المدعوم باحتياطات من العملة الأجنبية بحوالي 14.1 مليار دولار.
ما توقف عنده الغالبية في حديث مدير عام الصندوق هو الجزئية المتعلقة بأن الحكومة اقترضت ما مجموعه 5.7 مليار دينار أردني من خلال شراء السندات الحكومية المؤجلة التي يطرحها البنك المركزي الأردني نيابة عن الحكومة لفترات زمنية مؤجلة بفائدة معينة تكون غالباً أكثر من الفوائد التي تمنحها البنوك التجارية؛ المعروف هنا أن البنوك والشركات وصناديق الاستثمار هي من تذهب لشراء هذه السندات التي تلجأ لها الحكومة بغية حصولها على سيولة مالية لتغطية الانفاق الرأسمالي والجاري ومشاريعها المستقبلية مقابل عوائد ربحية على مدى زمني طويل أو متوسط، وتعتبر بالمعنى الاستثماري من الاستثمارات الآمنة وبمعدلات مخاطرة منخفضة قياساً على الاستثمارات في الأسهم والعقارات.
باستعراض مسيرة الصندوق الاستثمارية منذ تأسيسه العام 2003 يتبين لنا أنه تعرض لخسائر بلغت مئات الملايين من الدنانير وربما أكثر من هذا الرقم وتأثر مركزه المالي نتيجة الاستثمارات الفاشلة التي ربما تكون فرضت عليه من الأذرع الحكومية لأسباب سيادية وسياسية في مجالات عديدة كشراء الأسهم في البنوك وشركات التأمين وشركات الطيران والتطوير العقاري ولكن لم يكن من أسباب تلك الخسائر الاستثمار في السندات الحكومية لأنها في المحصلة مضمونة ومكفولة وفي أسوأ الظروف تحافظ على قيمتها بالحد الأدنى.
القلق والهواجس التي أبداها العديد من المختصين وكتاب المقالات خلال اليومين الماضيين هي مبررة دون أدنى شك فأموال الضمان هي كما يقول المثل الشعبي “الحيلة والفتيلة”، ويجب ألا تكون دائما عرضة للمغامرة والأصل أن يكون استثمارها محكوماً بدراسات جدوى دقيقة تتوافق مع الدراسات الاكتوارية ومراجعاتها التي تجريها مؤسسة الضمان الاجتماعي بشكل مستمر، وأن يتمتع مجلس إدارة الضمان باستقلالية كاملة بالإضافة لاختياره من اشخاص مؤهلين في الجانب الاستثماري لا أن تطغى فيها العلاقات الشخصية ومجاملات الوزير المختص على آلية الاختيار.
الغد
نيسان ـ نشر في 2019-12-24 الساعة 14:56
رأي: د. زيد النوايسة أكاديمي وكاتب