اتصل بنا
 

الطير الكسير

نيسان ـ نشر في 2019-12-26 الساعة 10:37

نيسان ـ دخل أكبر أبنائي حجرتي يتدافع خلفه الأبناء والأحفاد كأنهم في سباق بعيونهم الشوق واللهفة وقلوبهم تخفق بالرهبة والرغبة في سرّ الطائر الذي يحمله وضعه أمامي، عيناه تدوران بالمكان والحضور يفتح فمه مصدراً صوتاً غريباً كلما امتدت يدٌ اليه ولا ادري أصوته ترهيباًأم هلعاً واستغاثه رأيتٌ جناحه المهدول على جنبه وقطرات دماء على ريشة كأنها بقايا اثار معركه خسرها وظل في ساحتها لا حول له ولا قوة لم يستطع الفرار منها أو حتى الطيران وطي بساط الارضِ عنها بجناحيه ولا يقوى على الحركة لأنها تؤذيه وتزيد الم جراحه فآثر رفع راية الاستلام ورضي مُكرها بالأسر.
تحديت الخطر متغلّباً على خوفي وتحذيري مما نويت، وحملته فشعرت بارتجاف جسده في يدي، وكأنه القرير في برد الشتاء، وتسارعت دقات قلبه حتى تناهى وجيبها إلى سمعي فدخل الشك والريبة إلى نفسي أتُرى لو كان صقراً هل يكون بهذا الارتعاش وكل هذا الفزع!؟
سقط القناع عن وجه الحقيقة التي أذهلتنا وأزال (الإنترنت) غشاوة العيون وكشف المستور والخافي علينا خدعنا المظهر وغرّنا التشابه والشكل, ليس صقراً كما ظننا بل طيراً يعشق أُمنا الأرض يأوي إليها فتحميه من الجوارح في عنان السماء وتوفر له ميداناً للطيران بقربها وتضمه على صدرها أنيسهُ المارة يتسلى معهم, يسابق كل سائر، فاغترّ بقوّتهِ وسوّلت له نفسه أن يسابق السيارة,فسبقه القدر وتهشم وغدا مهيض الجناح مرغماً على ضيافتي بعد أن شاع سرّه وتخلّى عنه الجميع أسفاً وخيبه أملٍ وازدراء ما عَاد مهوى الأفئدة.
قمت فأحضرت له جبيرة ربطتها على جناحه يقوى بها لعله يشفى فيعود إلى الأماكن التي يألف والموطن الذي يحب, ووضعته في قفصٍ أغلقت بابه لا خوفاً منه بل عليه من السطو والغيلة فأصبح خلف القضبان بأمان بعد أن آل إلى هذا المصير.
بقي ثلاثة أيام لم يذق طعامي ويلفظه إذا دخل فمه عنوة ولا ينظر إليه إذا نثرته أمامه فيؤلم قلبي بالصبر وقوة الاحتمال ويدمي مهجتي بعزة النفس والكبرياء, وفي اليوم الرابع وجدته قد توسّد جناحه الكسير وفارق الحياة فأعلن موته سرَّ إضرابه عن الطعام!
والقصة في ثنايا هذه الأبيات ....ظنــوك صقراً جارحاً فتحلّقـــوادهشى من الإعجاب يلقون النظرْواستغــربوا ماذا جناحك حلّــــهوأصابه حتى تهشّم وانكســــــــرْوتوجّســـوا منك التقرّب هيـبــةًمن مخلبٍ قاسٍ على أيد البشــــروتسابقــــوا كل يزكي نفســـــــهوعلاجه فيه الشفاء المنتظـــــــرْلكنهـــم لمّا رأوك حقيقـــــــــــةًطيراً ضعيفاً ما به أدنى خطــــرْما عــدت تأسر لبّهم وتراجــعواخلّوك وحدك للمنية والقـــــــــدرْيا طيــر عفت طعامنا وتركتـــهوكأنه السّم المميت على الأثـــــرْفوضعت رأسك ع الجناح بألفـةٍوالروح فاضت ما رضت طعم القهرْتحكي إلى الأجيال أعظم قصـةأنّى يكون العيش مع ذل الأسـر؟!

نيسان ـ نشر في 2019-12-26 الساعة 10:37


رأي: عبيدالله الهندي الخليفات

الكلمات الأكثر بحثاً