اتصل بنا
 

لا تَعِشْ في جِلبابِ الفضيلة يا عَزيزِي

كاتب أردني

نيسان ـ نشر في 2019-12-30 الساعة 09:39

نيسان ـ في مَحطّةِ قِطارِ هذا الليّلِ هُنا لَمْ يَبقَ أحدٌ إلاّ:
أنا و محامٍ يُمارِسُ رجولَتُهُ على مِنْ تَعَثَروا بِسدادِ قرضٍ في بَنكٍ يَنامُ على قارِعَةِ الطريق فِي العَبدَلِي...
وأحدُ المُحارِبينَ القدامى على كُرّسيٍّ مُتحرّكٍ،
ثَملٌ فيهِ جذور الأفارقةِ الذينَ قَدموا ( عبيداً) إلى هُنا في الزاويةِ المُعّتمةِ،
بائعةُ هَوى تقفُ على قدمٍ والقدمُ الأخرُ يتّكئُ على جِدارٍ باهتِ اللونْ، فِي أحدِ شوارِعِ (عمانَ الغَربية) او كما أُسميها (عمانَ الغَريبَةْ).
كَلبٌ مُشَرّدٌ...
بقايا ( مجلّةٍ إباحيّةٍ) على الرَّصيفْ، سَقَطت مِنْ بَسطَةٍ هرعَ صاحِبُها مِنَ (كَبسةٍ) مُفاجئةٍ لموظفي (أمانة عمان).
شابٌ ذو أصولٍ صينيّةٌ ينقُرُ على مفاتيحِ حاسوبهِ، يتعلمُ اللغةَ العربيةْ على أنغام مغنيةٍ شرق آسيوية ( JFla).
بَعضُ موسيقى الجازِ
نصفُ غيّْمةٍ
ونصفُ قمرٍ
......
وحلُمٌ هزيلْ.
الشَرَفُ ليسَ مِعّطفاً تَلبَسُهُ وتخّْلعهُ حَسبَ البُقّعة الجغرافيّةِ في العالم أو حَسبَ الطائفةِ أو المَذهبِ أو الدينِ أو المصّلحةِ الذاتيّة، الشَّرَفُ مبدأٌ لا يتجزّأ حسبَ وُجهةِ النظرْ، أنا أعلمْ أنّ كلّ ( سَفَلةِ) العالم يتآمرونَ عَليْنا وهذا قديمٌ قِدمَ التاريخِ ولكنَّ التفاصيلَ وحِدّةَ التآمرِ هما اللذانِ يتغيّرانْ، ولَنْ نُفلح قبلَ أنْ نَنالَ حُرّيَّتنا، وسَنُفّلحُ مهما كانتْ الصورةُ قاتمةْ، ما يَحْدُثُ الآن فِي مُجتَمَعِنا ما هو إلا نتاجُ ما زُرِعَ مِن فَسادٍ وَ كَبتٍ وسوءِ إدارةٍ وتخطيط. فمنُذُ الأَزَل كان الأردنيون ( نشامى) وهذا معروفٌ لكُلِ العالمْ، ولكن بات النشامى الآن مُنهمكينَ جداً بالتقبيلِ بين أسوارِ جامعةٍ، أو بين سياراتٍ تأخذ قسط راحةٍ من أزمَةِ عمان القاتِمَه، وَ الإِعتراضِ وَ النَقدِ والإحتجاجِ والإعتصامِ إلكترونياً.
طوبى لسِمفونيّةِ (الغَنْجِ والدلَعِ والمُراوغةِ) هذهِ، فَعِندما تَنتَهي حَبيبَتُكَ من العزّفِ (الثلاثيِّ) المُنفردِ هذا تَكونُ أنتَ قَدْ رحَلتْ، فلا تَعِشْ في جِلبابِ الفضيلة يا عَزيزِي، فَنحنُ قومٌ نعتاشُ على الخرافَةِ، ونجيدُ تماماً كَيفَ نُحاضِرُ بمن أخطأ دون هوادةٍ ودون أن نُهادِنْ، ولا بأس فَكُلُنا أَصحابُ عثراتٍ و أخطاء، وبعضُ جنونْ.
كنتُ يافعاً ولم أفهم درويش تماماً عندما قالَ قبلَ ثلاثينَ عاما: ( وحدي أنا وحدي)...
وأنا الآنَ على قارعةِ الطريقِ وحْدي، على وسادةٍ باردةٍ وحدي، وعلى مائدةِ العشاءِ وحدي ( ووردةٌ تجلسُ على المقعدِ المقابلِ)، على المقعدِ الخشبيِّ في بُحيّرة ( طبريا) وحدي، أشْربُ نَخبّي وحْدي، أتّكئُ على دُموعي وحدي، أسْمعُ موسيقايَ وحدي، أجّترُّ ذكرياتَ ( الشقاوةِ) وحدي، بينَ الذئابِ الآنَ وحدي،
( وحدي أنا على الحيطانِ وحدي) ، وحدي أحلمُ وحدي،
أنا في ( جَهنّمَ) وحدي، وحدي على شاشةِ الحاسوبِ اللعينِ وحدي، وحدي أقرأُ العبثَ وأخبارَ العالمِ الآخرِ وحدي، وحدي منذُ البداياتِ وحدي، وحدي أنتظرُ النهاياتَ وحدي، أنا وحدي.
آهٍ يا أنا، وحدي أنا.
منْ قالَ أنَّ (الفيسبوك عالمٌ إفتراضيّْ) وأنفاسُكمْ هُنا تكادُ تَلفحُ وجهي صَباحاً ومساءْ. ببساطة ان الفيسبوك أصبح حارة متكاملة كما حارتي أثناء سكني في صويلح حيث كانت جارتنا أم عمر تمارس هوايتها بأن تكون مُعِد ومخرج أخبار الحارة، ولا بأس بقليل من التحليل، بعد التَفحيصِ وَ التَمحيصِ فِي بناتِ الحارَة وَ شبابها، ولن تَمَلَ إذ بدأت بدرسٍ أخلاقي إن شاهدت صديقةً لكَ تخرجُ من شقتك، وانت تعلم بأن ابنتها تُقابِلُ صهيب عامل السوبرماركت المقابل في كراجِ العمارة مساءً.
بَدأتْ الحياةُ (مَشاعاً) على هذهِ الأرضْ وستَنتَهي كذلكَ مَهما ( فَلّسَفْنا) التفاصيل، يؤلِمُنِي جداً تدهورُ الأحداث في حياتنا اليومية التي تتسمُ بالكذب والنفاق وإستخدام اسم الله للتبرير او حتى لتغيير معادلة ما، الحياة أبسط من كل ما نراه من تعقيدات و ترتيبات و تحليلات وتأويلات، لا فرق بين ( لانسر فيديو الضجة) ولانسر بنمرة حمراء تم بيع مؤسستها بثمنٍ بخس دراهم معدودات، فكلاهما فسادٌ يستوجب إعادة النظر في أخلاقٍ دفناها مع أجدادنا، وقدم الناس بها لنا واجب العزاء. الأجدر والأولى بنا أن نستأصل ما هو خارجٌ عنا لا أن نتباها ونفتخر به كنوعٍ من ( البرستيج و الإيتيكيت) فنحن أحفادُ أصحاب إبلٍ وأغنام ومراعي وبيت شعرٍ بواسطٍ يسر الناظرين، نأخذ قيلولة فوق بيدر قمح، ونسرح بحبنا على أنغام ربابة ونفرح ونرقص الدحية، خذوا (برستيجكم) وارحلوا عنا، فقد بتنا فِي قعر القاع، لم تعد ال S400 ولا عربدة فنادق ال5*، تعني لنا شيئا، فنحن نمارس العُعهرَ في الشارع، وعلى الهاتف،وَفي كُل (زمَكانٍ) هيئ لنا لنمارسه، ونتفنن بالإجابات المتبعة بأدلة تناسب أهواءنا و ما نرغب به، أغضبكم فيلم (جن) في البتراء، وآغضبكم وأحزنكم مقطع الأمس، أفلا يغضبكم إتفاقية تم توقيعها لخمس عشرة سنة مع شركة وهمية، أفلا يغضبكم الباص السريع الذي يقتل حركة عمان منذ ال٢٠٠٩، ألا يغضبكم ملف الملكية، حسناً أتمنى أن لا يُقطعَ الإنترنت عن بلدنا كي تمارسوا غضبكم الفيسبوكي بين ( لايك وكومنت، وفي حالة الغضب الشديد تضطرون لإستخدام زر الحظر) ولا بأس إن كان البلوك على أنغام عمر العبداللات او بشار السرحان في أغنية ( مناطقية) أقصد (وطنية).

نيسان ـ نشر في 2019-12-30 الساعة 09:39


رأي: رأفت القبيلات كاتب أردني

الكلمات الأكثر بحثاً