اتصل بنا
 

الشلبي لـ 'نيسان': الملك يطلق صافرة إنذار بوجه أي فوضى جديدة.. والدبلوماسية الأردنية لن تقف مكتوفة الأيدي

نيسان ـ نشر في 2020-01-14 الساعة 18:14

x
نيسان ـ نيسان نيوز – سعد الفاعور
حذر محلل سياسي بارز وخبير في العلوم السياسية والعلاقات الدولية من تهاون الإدارة الأميركية والمجتمع الدولي في التعاطي بجدية كافية مع التحذيرات التي أطلقها جلالة الملك عبدالله الثاني خلال المقابلة التلفزيونية التي بثتها شبكة (فرانس 24) أمس. قائلاً إن الملك أطلق صافرة الإنذار بوجه أي فوضى جديدة قد تشعل حرباً بالمنطقة، وأن تحذيره من إعادة إحياء داعش هو انتقاد مبطن للإدارة الأميركية. مؤكداً أن الدبلوماسية الأردنية لن تقف مكتوفة الأيدي بعد الانتخابات الإسرائيلية في مواجهة استفزازات حكومة الاحتلال.
الملك كان قد حذر بلغة دبلوماسية مبطنة تارة وبلغة سياسية حادة وصريحة تارة أخرى من تعريض أمن المنطقة إلى عدم الاستقرار، سواء فيما يخص ملفات الصراع الأردني والفلسطيني مع حكومة الاحتلال الإسرائيلي، أو على صعيد إعادة نشر وتأسيس "داعش" من جديد عبر نقل مقاتلين من سورية وإعادة تمركزهم في ليبيا وكذلك إعادة نشرهم في غرب العراق على الحدود الشرقية للأردن، أو على مستوى إذكاء التوتر بين واشنطن وطهران.
أستاذ العلوم السياسية والخبير في العلاقات الدولية، المحلل السياسي والإعلامي الدكتور جمال الشلبي، قال في تصريحات خاصة لـ "نيسان نيوز" إن "جلالة الملك لا يتحرك من فراغ ولا يطلق صافرة الإنذار إلا عندما تكون الأمور قد وصلت إلى الحد الأعلى من الخطر".
وعن قراءته لما قاله الملك حول مستوى العلاقة المتردية بين الأردن وكيان الاحتلال والتي يشوبها جمود تام منذ عامين. لفت إلى أن "الملك أراد إيصال رسالة مهمة للمجتمع الدولي تحذر من مغبة ترك إسرائيل تقرر مستقبل المنطقة".
وعلى صعيد الجمود الذي يكتنف العلاقة الأردنية-الإسرائيلة، أوضح الشلبي أن "الملك كان دقيقاً وحذراً في كلماته". وقال إن "الأردن اختار السلام كخيار استراتيجي، وأن ما يقال في إسرائيل من عبارات نارية كله يدخل في إطار الحرب والصراعات الانتخابية".
وبرأي الشلبي فإن هذا "فهم عقلاني من المرجعية السياسية الأردنية العليا ومن الدبلوماسية الأردنية لطبيعة التصريحات الاستفزازية الإسرائيلة، وأنه لا يمكن الآن الرد عليها أو التفاعل مع هذه التصريحات الإسرائيلية إلا بعد انتهاء الانتخابات".
وفي حال افراز حكومة منتخبة وممثلة للشعب الإسرائيلي، فإن الأردن بحسب تقديرات الشلبي، سوف يقول للإسرائيليين ومؤسساتهم "إما أن تحترم إسرائيل اتفاقية السلام وبنودها أو سيكون لنا بعد ذلك موقف آخر".
كلام جلالة الملك من وجهة نظر الشلبي هو بمثابة "تحذير مبطن مفاده أن الأردن يستطيع أن يتحمل التعنت الإسرائيلي والتصريحات الاستفزازية بسبب الانتخابات الداخلية لكن هذا ليس للأبد، وبعد الانتخابات وتشكيل الحكومة سيكون الموقف مختلفاً تماماً تجاه أي تصريحات إسرائيلية استفزازية".
وبسؤاله كيف يقرأ تحذير الملك للأوروبيين على وجه الخصوص من خطر تجدد الصراع في المنطقة بين طهران وواشنطن وانعكاس ذلك على أمن المنطقة من جهة وكذلك على أمن أوروبا من جهة أخرى؟ أوضح الشلبي أن "وصول الملك الى بروكسل ولقائه بممثلي الدول السبع والعشرون الأوروبية، وكذلك لقائه مع مسؤولي حلف (الناتو) العسكريين، وبعد ذلك زيارة باريس العاصمة العميقة في أوروبا، كل ذلك يعني أن الملك كان حريصاً على أن يوجه رسالة للقادة الأوروبيين مقادها أن أي انحراف عن الحكمة سيزيد من صعوبة الظروف في المنطقة وينعكس على أوروبا وأمنها واستقرارها".
وعن التوترات في العراق بعد اغتيال القائد العسكري الإيراني قاسم سليماني من قبل الولايات المتحدة، ومدى انعكاس ذلك على الأردن وعلى الإقليم والعالم، قال الشلبي إن "الملك أوضح أن قرار اغتيال سليماني قرار أميركي ويجب أن نتعامل معه كحقيقة، وأن ما مضى قد مضى، ويجب أن ننظر للمستقبل".
الشلبي أضاف أن "أي توتر سينعكس على كامل المنطقة، والعراق نجح خلال سنتين خلتا في تحقيق بعض الانجازات وفي تجاوز الطائفية وفي دحر داعش، وأي توتر جديد يقود إلى مواجهة عسكرية بين واشنطن وطهران سيخلق أرضية ملائمة لإعادة انتشار العنف والتطرف والطائفية".
ولماذا عبر الملك عن المخاوف الصريحة والعلنية من إعادة تأسيس داعش وإعادة تمركزه ونشره في غرب العراق وشرق الأردن؟ أوضح الشلبي أن "الإرهاب أصبح يتجاوز الحدود". وبرأيه فإن ما قاله جلالة الملك في هذا الصدد "ربما يكون نقداً غير مباشر للولايات المتحدة". موضحاً "كيف يمكن للولايات المتحدة التي حاربت ضد داعش أن تترك العراق فارغا عسكريا وسياسيا مما يسهل تعبئة داعش وإعادة تصنيعه!".
وبرأي الشلبي فإنه "إذا كان هناك نقداً من جلالة الملك فهو بالتأكيد ليس فقط للذين أسسوا داعش، بل هو أيضاً نقدٌ مبطنٌ للإدارة الأميركية التي تحاول إعادة إحياء داعش لتحقيق مصالح مرحلية أو استراتيجية في سورية أو العراق أو ليبيا".
يتقاطع كلام جلالة الملك – من وجهة نظر الشلبي - مع ما قاله الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون. سيد الإليزية كان قد قال بحسب الشلبي إنه "يجب على أميركا أن تبقى في مالي لأنه أصبح هناك بروز وظهور لداعش في أفريقيا بسببب التوترات في ليبيا، والفراغ الأمني الذي ستتركه الولايات المتحدة سيسهم في إعادة بروز داعش من جديد".
ولماذا حذر الملك من تحويل ليبيا إلى دولة فاشلة؟ قال الشلبي "إن ليبيا دولة محاذية للأوروبيين، ونقل المقاتلين من سورية إلى ليبيا سيؤدي إلى إعادة إحياء داعش وتقوية التنظيم الإرهابي، وهذا سينجم عنه زيادة معاناة اللاجئين والمهاجرين، والقضية ستصبح قانونية وإنسانية وأوروبا ستتحمل تكاليفها، فالكرة قد تتدحرج من الشرق لكنها بالنهاية ستتوقف في الغرب، وهذه هي الفكرة التي يحاول الملك أن يوضحها للأوروبين، الذين هم جيران لنا، ويعرفون مصداقية الملك في العالم، وخطابه يلقى كل الاهتمام لديهم".
وعلى صعيد العلاقات مع سورية، والتي كشف جلالة الملك أن عمّان تخوض حواراً مع دمشق، بهدف استئناف العلاقات السياسية والدبلوماسية إلى سابق عهدها، قال الشلبي إن "الأردن لا يستطيع إلا أن يكون قريباً ومتفاعلاً مع جيرانه العرب في سورية والعراق وفي الضفة الغربية مع السلطة الفلسطينية ومع السعودية أيضاً".
وفيما يخص العلاقة مع سورية، شدد الشلبي على أن "علاقات تاريخية ووشائج قربى وصلات اجتماعية وعلاقات اقتصادية كبيرة تربط الجارة الشمالية والشقيقة سورية مع الأردن، كما أن خط التجارية الخليجية والأردنية مع أوروبا كله يمر عبر سورية".
الشلبي أوضح أن الأردن "أمام تحول تدريجي، فهو لم يقطع علاقاته كاملة مع دمشق وظل التمثيل الدبلوماسي قائم ولو بدرجة أقل من درجة السفراء، لكن لم يتم قطع العلاقات الدبلوماسية ولم يتم سحب السفراء، كما أن الاردن ترك للدبلوماسية الشعبية المجال لأن تؤدي دورها، رغم أن ضغوط إقليمية ودولية كبيرة كانت تمارس على الأردن بهدف الضغط عليه لينخرط في خنق سورية عسكرياً واقتصادياً".
من وجهة نظر الشلبي فإن "الأردن الرسمي ومنذ البداية كان يدرك بأن سقوط سورية كان سينعكس سلبا على الداخل الأردني وعلى استقرار المنطقة، وقد سعى بقدر المستطاع لأن يكون محايداً في الصراع الذي تدخلت فيه أطراف إقليمية ودولية عديدة".
الآن الكل بدأ يعود إلى العاصمة السورية، و"الأردن يسير وفق مصالحه ووفقاً لما تقتضيه مصلحته الوطنية العليا"، بحسب الشلبي. والملك قال "الأردن كما بقية الدول يسعى إلى إعادة اللحمة مع سورية، فالنظام السوري خرج قوياً، وهناك جهود تبذل لصياغة دستور جديد وإجراء مصالحة شاملة".

نيسان ـ نشر في 2020-01-14 الساعة 18:14

الكلمات الأكثر بحثاً