اتصل بنا
 

عن عمر الرزاز وأبيه

نيسان ـ نشر في 2020-01-17 الساعة 16:13

نيسان ـ هذه كلمات سريعة حاولت أن لا أكتبها، تحت ضغط طبيعة النقاش السائدة، فلم أستطع. ولهذا رفعت أمام نفسي شعار "لا لتكميم الأفواه" وهوشعار يلزم رفعه ليس فقط تجاه الحكام والسلطات، بل وتجاه الجمهور أيضاً، فكلاهما له أسلوبه في التكميم.
في تقديري أن ما أثيرمن نقاش حول أن عمر الرزاز ليس وفيا لإرث والده وشقيقه، أمر ينطوي على قدر كبير من الخفة، رغم محاولة أصحابه تصويره كنوع من الجرأة والشجاعة.
قليلة هي الحالات التي تكون فيها علاقة الأب بأبنائه على هذا المستوى من الحساسية مثل تلك التي كانت بين منيف الرزاز وابنيه. وقد أتيحت لي فرصة الاستماع إلى "نتاتيف" عن تلك العلاقة من خلال الابن مؤنس رحمه الله، رغم انه كان مقلاً في الحديث.
من المؤكد أن منيف الرزاز الذي يستحضره المتناقشون الأكثر حماسا الآن، هو ليس منيف الرزاز الذي في ذهن مؤنس وعمر وباقي الأسرة.
دعونا فقط نتذكر أن منيف، وهو المؤسس في حزب البعث، حكم بالإعدام في دمشق عاصمة البعث الأولى، وأنهى حياته مجبرا في بغداد عاصمة البعث الثانية، وتقول رواية الأسرة أنه قتل بالسم، وقد حاول الملك الراحل حسين أن يعيده إلى عمان ولكن الرئيس صدام رفض ذلك. وبالطبع كان منيف قد مر بتجربة قاسية من السجن والاعتقال في الأردن.
لكن وصية منيف الوحيدة هي أن يدفن في الأردن، وقد كان.
قبل أن ينفعل أحد، ويسأل كيف تغمز من قناة بغداد ودمشق وقيادتهما؟ أقول انني من انصار فكرة أن كل هؤلاء الرجال الذين كانو في الحكم وفي المعارضة، في كل دولنا، وبالأخص العراق وسورية ومصر والأردن، أصبحوا ملكا للتاريخ، وينبغي أن يقرأوا بموضوعية ليس من أجلهم ولكن من أجل مستقبل الأمة. أقصد على وجه التحديد صدام حسين والأسد والحسين وعبدالناصر وعرفات وآخرين غيرهم، وأن توضع مواقفهم في سياقها، وبدون ذلك تبقى الاصطفافات عشائرية أو فصائلية.. لا فرق.
نعود لـ"الرزايزة" كما كان مؤنس يمازح أصدقاءه:
وجهة نظري: الأردن بالنسبة لمنيف الرزاز هو بلده بالطبع، ولكنه البلد الذي لا يهان فيه المعارض. لا تزعلوا مني أيها الإخوة، وانتبهوا من فضلكم، أنا أقول لا يهان، ولا أقول لا يقمع أو لا يعاقب. وتذكروا من فضلكم أن السجن بحد ذاته بالنسبة للمناضل هو تضحية يقبل بها المناضل ويفتخر بها، وهي ليست عارا عليه بل على سجانيه. لم يُهَن معارض حتى وهو في أضعف حالاته. ولدي عشرات الشهادات على ذلك. حتى الشيوعيين الذين كان الملك حسين علنا يعتبرهم خصومه ويعتبر مشروعهم معادياً، فإنه لم يهنهم، وقد جرى آخر لقاء بعد ان اتضح معالم ضعف الأحزاب الشيوعية عام 1990، وقد نُقل إلينا أن حوار الملك معهم كان في غاية الاحترام. وإذا صدقتموني فقد سألت يعقوب زيادين عن شعوره خلال سنوات نضاله وسجنه كلها، وقد أكد لي بعبارة واضحة أنه لم يشعر يوما بالإهانة رغم 13 سنة في السجن. وتعرفون قصته يوم وجهت له كلمة غير مناسبة كيف اشتبك بالأيدي مع مدير المخابرات... ضرب بعدها بشدة، ولكنه لم يهن، بل كان يناضل.
هل يعد عمر الرزاز مخلصاً لأبيه؟ جوابي "نعم" كبيرة. أظن أن عمر الرزاز، يرى أنه يخدم بلده الذي أوصاه به أبوه.
سوف يسأل بعضكم: وهل توافق على نهج وبرنامج عمر الرزاز وحكومته؟ جوابي "لا" كبيرة أيضاً، أنا بالمناسبة (ورغم أن احدا لم يسألني) من انصار أن تتمحور كل برامجنا في الاقتصاد والمجتمع والثقافة والسياسة على فكرة وجود العدو الممارس أقصد العدو الصهيوني، ولا يجوز لنا ان نتصور ان بلدنا يمكن ان يستمر خارج هذه المعادلة. إن وجوده محكوم بالصراع مع العدو، شاء أصحاب القرار أم لا، توهموا أم لا.
عمر الرزاز مخلص لأبيه، وليس لنا ان نحدد له معنى وصورة أبيه التي يخلص لها. وأنا مثلاً أصدقه في إخلاصه لفكرته.

نيسان ـ نشر في 2020-01-17 الساعة 16:13


رأي: احمد ابو خليل

الكلمات الأكثر بحثاً