اتصل بنا
 

نقاط على سطر الحقيقة

كاتب صحافي

نيسان ـ نشر في 2020-01-18 الساعة 17:02

نيسان ـ يتطلب قول الحقيقة جهدا خارقا. أسهل الطرق للاثارة عادة هي الكذب والتلفيق. كثير من الحقائق دمرها الكذب، وعبث بها الزيف.
في قصة "بوستي" السابق، أردت ان أتعرف على جانب حيوي من الآراء الفردية حول قضية يجري تناولها كلما ذكرت فلسطين، هي قضية العملاء والخونة. الامر صعب قياسه في ظل ظروفنا الحالية، ومن المستحيل التثبت منه في ظل غياب مؤسسة استقصائية تنفذ مهام المراجعة والتأريخ.
وللحقيقة انا اعمل على عمل فني حول فلسطين، أردت خلاله تقديم صورة مختلفة عما يقدم عنها في الوثائقيات التلفزية .. لانني اقدم عملا دراميا، والدراما مصنع للخيال.
خلال بحثي المجهد وصلت الى بعض التفاصيل التي اعاقت حركة التحرر الفلسطينية، لكنني اكتشفت ايضا ان جزءا مهما من الرواية التي جرى تناولها في هذا النطاق مصدره ليس عربيا، وهو مستقى من رسائل وكتب ومذكرات لأشخاص غير عرب، بريطانيين وصهاينة. العرب كتبوا بعض السرديات التي احتمت خلق صور جذابة لهم، وصور عكرة للآخرين من منافسيهم، فنات عن الحيايدة والموضوعية والنزاهة، وتشخصنت مقولاتهم.
التلفيق هو سمة المستعمر والمحتل.
وحتى لو ثبت ان هناك من يشار لهم بمعيقي التحرر الفلسطيني، فهذا الامر يحتاج الى نزاهة في توجيه التهم، نحن لسنا قضاة ولا سعاة لتفسيخ مجتمعاتنا التي تعيش اساسا في التفسخ والقسمة. ما نسعى اليه يجب ان يتبلور في نطاق مختلف عما يدور في فلك الرواية الاعلامية التي تروج لما يريده مروجها من اثارة لنزعات وحساسيات قاتلة للحمة مجتمعاتنا.
اشكر كل من ادلى برأي، وأثق بصدق الكثيرين ممن ابدوا رغبة في قول الحقيقة على ما يعرفونها هم، واتذكر دوما: أن كثيرا من الحقائق التي مرت عبر التاريخ، تكشف لاحقا انها مجرد اختلاقات لا صحة لها. وأحيانا العكس.
لقد عاش تاريخ المنطقة العربية في المائة عام السابقة تحت وطأت الاختلاقات المريعة، التي أدت الى ما نحن عليه اليوم من انقسامات. لذا لن اكون معولا آخر لهدم أي لحظة جمالية في حياتنا، وسأنأى بنفسي عن هذه الألغام التي ستضر بفكرتي عن محاربة القبح بالجمال والحرية.
وأرفض قطعا أن اسهم ولو بكلمة في خلق مناخ مضاد لمسعانا في صياغة مفاهيم عالية من الدعوة للتلاحم والبناء والنهوض.

نيسان ـ نشر في 2020-01-18 الساعة 17:02


رأي: غازي الذيبة كاتب صحافي

الكلمات الأكثر بحثاً