اتصل بنا
 

قرارُ فكِّ الارتباط .. وصفقةُ القرنِ

نيسان ـ نشر في 2020-01-25 الساعة 19:04

نيسان ـ اِنبثقَ قرارُ فكِّ الارتباط الّذي اتخذه الأردنُ بتاريخ 31/7/1988 ، وتبارى الكتَّابُ والمحلِّلون لاسترجاعِ القرار ، وذلك عبر محاذاتهِ بصفقةِ القرن ، ولكنَّ القرارَ لا ينعزلُ عن النسقِ الموضوعيّ له ، وذلك بالإيابِ إلى السبعينيّات ، حيث الأسباب التاريخيّة والسياسيّة لبزوغِ قرار فكِّ الارتباط .
بُعيد الاجتياح الإسرائيليّ للبنانَ عام 1982 ، طفقتْ العلاقاتُ الأردنيّة – الفلسطينيّة ( منظّمةُ التحرير الفلسطينيّة ) بالتوافقِ السّياسيّ ، وتجلّى هذا التوافقُ ، عندما عُقدَ المجلسُ الوطنيُّ الفلسطينيُّ في عمَّان بتاريخِ 1984/11/21 ، وبحضورِ الملك الراحل الحسين بن طلال ، وفي خطابهِ للمجلسِ الوطنيَّ قالَ الحسين : " أَنَّ الأردنَ فعلَ أقصى ما يستطيع ليؤكّد لأخوتنا الفلسطينيين على اعترافِ الأردن بهويتهم الوطنيّة ، وأَنَّ الأردن لا يطمع في أرضهم ".
وبعد أقلِّ من ثلاثةِ أشهر ، أي بتاريخ 11/2/1985 توصّلَ الأردنُ ومنظّمةُ التحرير إلى اتفاقيّةِ تنسيقٍ فلسطينيّ – أردنيّ ( اتفاقُ عمَّان ) ، لكنَّ هذا التوافق لم يدُمْ طويلًا .
بعد ذاك أخذَ الأردنُ يحدثُ تغييراتٍ في علاقتهِ بالضّفةِ الغربيّة ، وذلك عبر قانونِ الانتخابات عام 1986 ، حيث زادتْ المقاعدُ البرلمانيّة إلى 142 مقعدًا مناصفة بين الضفتين ، ولكنَّ التغييرَ تمثّل في نظرةِ القانون إلى مُخيّماتِ الضفة الشرقيّة ( أي مُخيّمات اللاجئين داخل المملكة ) .
مع اندلاعِ الانتفاضة الأولى 1987 في الضّفةِ الغربيّة وغزّة ، سعتْ الحكومةُ الأردنيّةُ إلى الوصولِ بخطابها وإجراءاتها السياسيّة منذ اعترافها بمنظّمة التحريرِ ممثلًا شرعيًّا ووحيدًا للشعبِ الفلسطينيّ إلى نتيجتها الحتميّة ، وبعد أربعة أشهرٍ من الانتفاضةِ ، ألقى الملكُ الحسين عددًا من الخطاباتِ في مؤتمراتٍ عشائريّة ، أكّد فيها دعمَ الأردن لمنظّمة التحرير .
وفي القمّةِ العربيّة – الجزائر، والّتي عُقدتْ العام ذاته ، أكّد الحسين التزامَ الأردن بدعمِ المنظّمة ، وورفضَ حينها الاتهامات التي وجّهت للأردنَ . كانت هذه الخطابات التمهيد السّياسيّ لما صارَ يُعرف بقرارِ فكّ الارتباط القانونيّ والإداريّ بين الضّفتين ، ولكنَّ هذا القرار لم يذعنْ للتساؤلاتِ حول الأردنيين من أصلٍ فلسطينيّ ، حيث أوضح الحسين في خطابِ فك الارتباط : ينبغي أَنْ يُفهمَ بكلِّ وضوحٍ وبدون أيٍّ لبس أو إبهام ، أنَّ إجراءاتنا المتعلّقة بالضفةِ الغربيّة إنما تتصلُ فقط بالأرضِ الفلسطينيّة المحتلة ، وليس بالمواطنين الأردنيين من أصلٍ فلسطينيّ في المملكة الأردنية الهاشميّة" .
مع ذلك لم ينشرْ قرار فكّ الارتباط في الجريدةِ الرسميّة قط ، ولم يكنْ له صفة القانون ، ولم يصدر بأيِّ شكلٍ قانوني رغم صدور قوانينَ كثيرة بنيت عليه ( تعديلات قانون الانتخاب ، وقانون الجوازات ) ، وذلك بحسب ما يقول منتقديه ، وأبرزهم الكاتبُ الراحل ناهض حتّر ، والّذي طالبَ " بدسترة القانون " .
لماذا استحضار قرار فك الارتباط الآن ؟!ّ
بحسب تصريحاتِ رئيسُ مجلسِ الأعيان فيصل الفايز ، فإنَّ الّلغطَ حول قرار فكّ الارتباط هو تماهٍ مع أحاديثَ اليمين الإسرائيليّ وصفقة القرن . والتي ستنقشعُ بنودها قبل يوم الثلاثاء القادم .
صفقةُ القرنِ تهديدٌ للأردنَ ، والتهديدُ ليسَ " بأردنة الأردنيين من أصلٍ فلسطينيّ " بحسب الواقعيّة السياسيّة والموضوعيّة . لكنَّ التهديدَ هو بـ " الترانسفير " الّذي يُهدِّد به الاحتلالُ الإسرائيليّ بيمينهِ ويسارهِ ، وهذا الترانسفير كي يتجّنبه الأردن ، فإنَّ خياراته للذودِ عن كيانهِ هي :
- كونفدراليّةٌ مع السُّلطةِ الفلسطينيّة .. وهذا ما أومأ إليه الرئيسُ الفلسطينيّ محمود عبَّاس .
- مجابهةُ هذا التهديد ، وذلك باستخدامِ الوسائلَ التي تكبح النّهم الإسرائيليّ ( صفقةُ الغاز ، اتفاقيّة وادي عربة )
- الانتظارُ ، حتى ينجلي الغموض حول مصيرِ الرئيس الأمريكيّ الّذي يُحاكم بتهمٍ قد تبدّد فرصه في الانتخابات القادمة . وحول مصيرِ نتنياهو والّذي لا يزال يقفُ على أرضٍ رجراجة .

نيسان ـ نشر في 2020-01-25 الساعة 19:04


رأي: كريم الزغيّر

الكلمات الأكثر بحثاً