اتصل بنا
 

تحتَ وِسادتي تَعويذةٌ زَرقاءُ فيها سِتّةُ خَناجرٍ

كاتب أردني

نيسان ـ نشر في 2020-02-12 الساعة 09:12

نيسان ـ كَتَبَت قَبلَ قليل عَبر ( خاصية الرسائِلْ في السناب شات) والغضَبُ في حروفها يكادُ يَلّفحُ وَجهي: أترّحلُ وأنا آخرُ مَنْ يَعْلم؟
قُلتُ: بِتُّ الآنَ قُنْبلةً مَوْقوتةً، وعندما تَنْفجرُ لا أُريدُ أنْ تكوني في الجِوارْ،
لأنّي أحبّكِ.
وما زالتْ غاضبَةً كَبُركانْ.
هيَ الأيّامُ كالقَوافلْ يا صَديقَتِي تَلْسعُنا كشمسِ الصَحْراءِ ورَمْلِها نَتوهُ فيها ما بَينَ الواحةِ والواحةِ ورفيقُنا أحياناً يكونُ السرابْ، نَجّترُّ فيها الذكرى على أمَلِ اللقاءِ مرّةً أخْرى، وأحياناً نصلُ إلى نُقطةٍ نُعرّفُ فيها ذَواتِنا وأحياناً أخرى نَبقى نَدور حَولَ دائرةِ اللّاهويّةْ.
وما زالَ تحتَ وِسادتي حُلُمٌ جَميلٌ لا يَنامْ، وما زالَ تحتَ وِسادتي أيضاً ( تَعويذةٌ زَرقاءُ فيها سِتّةُ خَناجرٍ) منْ عَصْرِ الِلّئامْ، ووشْمٌ آدَمِيٌ قَبلَ أنْ يَبَلغَ آدمُ سِنَّ الفِطامْ، وأنا ما زِلتُ أحُجُّ حُلُمي ووَشْمي في كُلِّ صَحّْوٍ وفي كُلِّ مَنامْ، يا عَزيزَتِي انا أتَلَقَّفُ ذاتي في تَراتيلِ الحُضورِ المُقَدّسِ لهواءٍ تَتَنَفَّسينَهُ.
وَلكن قبل أي شيء أَجيبيني مِن أيِّةِ جِهَةٍ نَقْرأُ الأبْجَدِيّةَ الآنَ والرّيحُ باتَتْ صَلْبَةٌ كالسَيفْ؟! فأنا بِتُ أُرقِّمُ ذاتِي المَكسورَةْ وَ هذا ما يُغضِبُ ( اللُغَويين).
قالتْ:
قَلبُكَ قاسٍ ورُبّما يَكونُ مِنْ حَجرْ.
قُلتُ:
ما أنا إلاّ كادِحٌ في مَناجمِ عَينيّ صُورَةٍ تنامُ فِي هاتِفي .
أنْحَتُ الآنَ في زَوايا الصُوَرْ.
وقَلبّيَ الآنَ أرضٌ مُحّتلّةٌ.
إنْ لمْ يَصِلْكِ الخَبرْ!
يا صغيرتي لا زِلتُ عالِقاً هناك.. هوَ عِطْرُكِ الآنَ يَجْتاحُ أنفاسي، (تَتملْملينَ) في ثَنايا ثَوبِكِ المُؤقّتِ كاحتمالاتِ العاصفةِ، (تَكْشفُينَ) عنْ مَفاتِنِكِ بِرقُيِّ سَيّدةِ الحضورِ الجميلِ، لا لمْ ( تُراوِدينِي) عَنْ نَفْسكِ، إنّما انتِ ( تَحّتلُّينَني) بِقوْةِ الألَقْ، نعمْ أنا لمْ أُقدّم بَعدُ ( فُروضَ) الطاعةِ، ولا انتِ بَعدُ قَدّمتِ ( تٌفاحةَ) المَنفى الأخيرْ.
.......................
انا
وسُلّمٌ خَشَبيٌّ منْ ثَلاثِ دَرجاتٍ،
وعَتَبةٌ منَ الإسمنتِ الأبيضِ،
عازفُ جيتارٍ على الرصيفِ فِي شارِعِ الرينبو،
وأمامه قُبّعةٌ فيها القليلُ منَ القطعِ المَعدنيّةِ،
ورائحةُ Whisky منَ النوعِ الرَّخيص،
بَعضٌ منْ موسيقى (الضَياعِ) تَخْترقُ الهدوءَ المُؤقّتَ في الظلامِ هُنا،
مِسّودةُ قَصيدَةٍ لي تَتَملْملُ بينَ يَديّْ،
تَوقّفَ الرجُلُ عن العزفِ فجأةً،
ثُمّ ( رَطَنَ) مُبْتسِماً بِلهجَةِ أهلِ الشَمالٰ : منْ أيِّ أرضٍ أنتْ ؟
قلتٌ: مِنْ ( موسكو الأردن)
إبْتسم قائلاً: و مَنْ انتَ الآنَ ؟...
فجأةً قَطعتْ زوامِيرُ السياراتِ هُنا صَمتَ اللحظةِ
هوَ عادَ إلى عَزّفهِ، وأنا وضعتُ ما تَيَسَّرَ في قُبّعتهِ
ومَضيتُ في طَريقي وأنا أحاوِلُ الإجابةَ على السؤال.
احْتَضَنتُ ذاتِي، لامَسْتُ وَجهي لِأَعْلمَ إلى أَي حَدٍ وَصلَ اليَباسْ، مَسَحتُ دَمعاً سَقَطَ مِنْي بَغتَةً ثُم قُلتْ:
أنا نَقيضٌ عاشَ في (رَماديَّةٍ بَينَ أنا وأنا)
أنا أرَقٌ يَزّْحَفُ الآنَ عارِياً في أرضٍ تَسّْكُنُها الذئاب،
أنا المُحاصَرُ بَينَ (ميتافيزِقِيَّةِ) المَنافي،
و( كَيّْنونِيَّةِ) في الخَرابْ،
أنا تَضاريسُ وجّْهِ (الرَّوانِ) عِنْدما كانَتْ تَبْتَسِمُ في الصباحِ،
أنا الهواءُ التائِهُ في رائِحَةِ الأنْبياءِ،
أنا حَبّاتُ الرَمْلِ، ومِرّآتي هِيَ السَحابْ،
أنا (عشّْتارُ) مِنْ لَحْمٍ ودَمٍ،
أنا فَوضَوِيَّةُ العُمْرِ الهَزيلِ،
أنا موسيقى التَشَكُّلِ، قَبْلَ أنْ يَبْتَسمَ الخَرابْ.
.......................
أَذكُرُ ( الرَّوانَ) في مُعْظَمِ كتاباتي، وأعلمُ بأنني على خَطأ، ولكن هل يُلامُ مَنْ هو مِثْلِي؟! انا أذكُرُ واحفَظُ كُل حرفٍ كتبناهُ، أو قُلناهْ... و أذكُرُ ها هُنا مِنْ رسالةِ حُبٍّ في لَيلَةِ مِن ذاتِ صَيف "رأفت قَرأتُ رسالتَكَ الآنْ، آسفة كان هاتِفي (صامت) كيفَ تَكتُبُ كُلَّ هذا الكلامِ الجميلَ حبيبي؟! ، لقد قَرَأتها على الأقَلِّ عشْرَ مَرّاتٍ ،إسّمعني، سنَذهبُ هذا المساءَ لزِيارةِ خالَتي ( أمّ ....) إنتظَرّنا على (رأسِ الحارةِ) كيّْ أراكَ
(صُدفَةً !!) أحبّكْ."
ما زلتُ أحّْتفظُ بالرسالةِ، لأنّي ما زلتُ أنتَظَرُ على (رأسِ الحّارة) لَعّلّها تمٌرّ منْ هٌنا صُدفةَ !

نيسان ـ نشر في 2020-02-12 الساعة 09:12


رأي: رأفت القبيلات كاتب أردني

الكلمات الأكثر بحثاً