اتصل بنا
 

المناهج الأردنية بلا هوية

نيسان ـ نشر في 2020-02-13 الساعة 18:50

نيسان ـ وقعت يديّ على كتاب الصف الأول علوم بعد إقرار مجلس التربية والتعليم له وأحسست بحجم الكارثة التي تنتظر طلبتنا ونظامنا التربوي مستقبلا إن كان لهم من مستقبل قادم . والكارثة الأكبر أن ما به وله مخطط له مع سبق الإصرار والترصد. وللحقيقة وعند إعدادنا لوثيقة المنهاج( الإطار العام ) على الرغم من هزالتها والعبث الكبير بها ، إلا أنها بقيت تتضمن عددا من الثوابت من مثل: التركيز على بناء الشخصية الشاملة والمتكاملة للطالب ، والتركيز على تنمية مهارات التفكير وبالذات التفكير النقدي والإبداعي، وتضمين محتوى الكتب ومصادر التعلم الأخرى ومنها النشاطات مهارات عابرة للمواد الدراسية والصفوف مثل مهارات الحياة والتواصل واستشراف المستقبل ومفاهيم التربية السكانية والمرور والصحة والبيئة والجمال والبروتوكول…..، وغرس منظومة القيم الأساسية المحلية والعالمية وبالذات ما يتصل منها بالهوية الأردنية والإنتماء للأرض والولاء للنظام .
وللأسف لم أجد في الكتاب ما يقترب من هذه الثوابت ، بل جاء الكتاب غريبا يتحدث عن بريطانيا موطن الشركة التي تم ترجمة سلسلتها ، فقد تربع على الغلاف حيوان النمر وتخلل صفحات الكتاب صور الدب القطبي والغابات المدارية وصور أطفال وطفلات بريطانيا ، كما جاءت الترجمة هزيلة ومخلة بالمعاني وتعكسها أحيانا، كما خلا الكتاب من أيّ من الثوابت لثقافة المجتمع الأردني الإسلامية والعربية ، لا بل لم تذكر الأردن في الكتاب كاملا إلا بصورة واحدة للجمل تم حشوها مع التذييل بأنه يعيش في الصحراء الأردنية ( وهنا أسأل هل في الأردن ما يسمى بالصحراء الأردنية ؟ ).
وأود هنا أن أسأل مجلس التربية والتعليم وبالذات لجنة الإنسانيات الوحيدة التي درست الكتاب ، هل اطلعت أو تذكرت أن هناك وثيقة للمنهاج وبها معايير ومرتكزات على الشركة الأجنبية مراعاتها ؟. وأنا أعذر الشركة التي ترجمت الكتب ولم تطلع على وثيقة المنهاج لأنها لم تكن قد صدرت بعد بسبب الإستعجال، والتغاضي قصدا عن الأخذ بأي شئ يذكّرها بثقافة المجتمع الأردني لاعتبارات متعددة . ولكن وبعيدا عن ثقافة المجتمع الأردني لماذا لم يأخذ الكتاب على الأقل بثوابت تربوية من مثل الإنطلاق من بيئة الطالب وما يتعايش معه ويحس به ، لماذا أصر الكتاب على التلقين وحفظ المعلومات ولم يقترب من مهارات تعليم التفكير، هذا على الأقل إن كانت تنمية شخصية الطالب امر يصعب على الشركة الأجنبية تضمينه أو هناك خطر من تضمينه .
لا أعرف مبررات الإصرار على تجاوز جميع أفراد المجتمع الأردني من المشاركة في هذه الكتب مع وجود عديد الخبراء والمختصين الذين شاركوا نفس الشركة وشركات أجنبية مماثلة في إعداد مناهج وكتب دول المنطقة ، ما الذي يجري ؟ وما الذي يخطط له؟ . وفوق ذلك بقصد أو بجهل تدهشني مديرة المركز الوطني لتطوير المناهج في مقالتها المنشورة في جريدة الغد يوم الأحد 30-6 بان الشركة ما زالت تعمل على الكتب وأنها ليست نهائية ، فضلا عن تأكيدها على جميع الأعضاء في المجلس الأعلى للمناهج على سرية الكتب وأنه لا يجوز لأحد الاطلاع عليها . ألم تدرك سعادة المديرة أن إقرار مجلس التربية للكتاب هو الخطوة الأخيرة قبل دفع الكتاب للطباعة ،وإن لم تكن تعرف فعليها وغيرها من المعنيين أن يعرفوا ذلك وهذه أبسط بديهيات المسؤولية الوظيفية .
بالنسبة لي أعرف الأسباب والقوى التي كانت وراء باكورة هذا الانتاج ، وما الذي ستنتهي إليه الأمور ، لكن على الناس المستهدفين بهذه التغييرات أن يعرفوا وأن يختاروا القبول من عدمه ، فهم السلطة الحقيقية . وأن أمانة المسؤلية الآن تقع على عاتق مجلس النواب ونقابة المعلمين ووزارة التربية والتعليم في القراءة والتأكد والتعديل إن استطاعوا وقبل أن تقع الفاس بالرأس . والله من وراء القصد .

نيسان ـ نشر في 2020-02-13 الساعة 18:50


رأي: د. محمود المسّاد

الكلمات الأكثر بحثاً