استقلالية المركز الوطني لحقوق الإنسان على المحك..لمن تشتكي حبة القمح والقاضي دجاجة
نيسان ـ نشر في 2020-03-10 الساعة 14:10
نيسان ـ
إبراهيم قبيلات....نجح السياسي والمفكّر الأردني، الأمين العام لحزب المؤتمر الوطني "زمزم"، المنشق عن جماعة الإخوان المسلمين، الدكتور رحيل غرايبة في "تشويه" و زعزعة استقلالية المركز الوطني لحقوق الإنسان، آخر معاقل مؤسساتنا الرقابية، بعد أشهر قليلة من تعيينه رئيساً لمجلس أمناء المركز الوطني لحقوق الانسان، خلفاً للدكتور محمد البخيت.
الغرايبة لا ينقصه الدهاء، التقط لحظة انشغال الأردنيين في متابعة تطورات فايروس "كورونا" وارتداداته العالمية، وراح يصوغ رؤيته لمستوى جديد من فلسفة حقوق الإنسان، تكون على مقاسات ترضي الرئيس عمر الرزاز، وتكون تقارير المركز وتوصياته، وحتى "الفقرات" منزوعة الرقابة الوطنية، ولا تقترب من قريب أو بعيد من تكريس السلطة السياسية أو حتى مجرد الحديث عن الحريات السياسية، وكل أشكال انتهاكات حقوق الإنسان بنسختها "الرزازية"، في انعكاس لمرحلة يراد لها تمضي بنا للخطر، عقب أن قادها فريق يصر على تهشيم مؤسسات الدولة وذبحها من الوريد إلى الوريد.
ندرك جيداً أن مرد الانزعاج من المفوض العام لحقوق الإنسان، الدكتور موسى بريزات مرتبط بمواقفه الواضحة والجريئة والمبدئية من انتهاك حقوق الإنسان للمواطنين، ومن فشل السياسات الحكومية الاقتصادية وعجزها عن تقديم حلول حقيقية لأزمتي الفقر والبطالة، فجاء الرسمي بفريق جديد ليس من بينهم أي من الأعضاء السابقين؛ ليتمكن من تعطيل المركز وحرفه عن مساره من دون أية عقبات.
ما لايدركه الغرايبة ولا رئيسه الرزاز أن بريزات لا يتعامل بالقطعة مع الأردن ومركز حقوق الإنسان ، فالأردن بمؤسساته وناسه بالنسبة له ولكل الشرفاء –على ندرتهم- وطن، كما وأن دوره الوظيفي في المركز مرتبط بتعزيز قيمة حقوقية لا تقبل القسمة على اثنين، ولا تقبل المساومة أيضاً، بل إن مجرد فكرة "المساومة" -بحد ذاتها- ترتقي لمستوى الخيانة الوطنية مهما حاولنا تجميلها.
من الطبيعي أن تنحاز الناس لتحصين المركز وإعلاء شأنه وتكريس استقلاليته، في وقت تغرق به السلطة التشريعية في التسخين الشعبوي لغايات انتخابية؛ ستعيد لنا الوجوه ذاتها من تجار ومقاولين وسماسرة، مع قليل من الوطنيين؛ لنبتلع معهم "التسويات الكبرى"، من دون ان نتمكن من تغيير المعادلات الصعبة والحاسمة.
الأردنيون قرأوا وتابعوا مواقف وتصريحات المفوض المتعلقة بحقوق الإنسان، وتوقفوا كثيراً عند المواجهة بين محافظ العاصمة والمفوض العام لحقوق الإنسان حزيران الفائت، في أعقاب تنفيذ وقفة احتجاجية، للمطالبة بالإفراج عن معتقلي الرأي، فشكلت منعطفا جديدا لن تقبل به عقلية الرسمي والأمني على السواء.
تلك الحادثة سبقها وتلاها مواقف لا تقل جرأة وصراحة للمفوض في التقارير التي أصدرها المركز، وخاصة تقرير 2018، وتوضيحه أسباب الإخفاقات في منظومة حقوق الإنسان الوطنية، بفقرات جريئة، ردّت العجز والإخفاقات إلى جهة بعينها، تدير المرحلة منفردة في قراراتها ورؤاها.
كيف يدير الرزاز الأزمة؟ وكيف سيتخلص من المفوض باقصر الطرق؟
الحل سهل جداً. يبدأ بتعيين الدكتور رحيل الغرايبة، ومجلس أمناء جديد؛ لتسوية ملف واحد لا غيره، ملف الانتهاء من بريزات وتصريحاته وفقراته الجريئة، والانتقال لمرحلة جديدة يكون المجلس به عراباً لكل رغبات الحكومة وأمنياتها، دون الاضطرار لصدامات توجدها تقارير لا تجامل حين يكون العنوان أردنياً حد الوطنية.
فجأة ودون سابق إنذار تداعى مجلس الأمناء يوم 26/2/2020 لاجتماع طارئ ومغلق، لبحث تقرير كان يعده المركز حول شكاوى المعلمين من الأجهزة الأمنية خلال اندلاع احتجاجهم الأخير، لكن عدداً من الاعضاء طرحوا موضوع إنهاء خدمات المفوض العام الذي سمع بالحادثة من مواقع إلكترونية في اليوم التالي، في مشهد يعكس عقلية تآمرية ستدفع بنا إلى خيارات صعبة، بعد أن وضعت فكرة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وقيمته أمام اختبارات الثقة الشعبية.
لم تتكمل الصورة بعد، فمهمة الغرايبة لم تنه بعد، إذ التقى بالمفوض العام ليبلغه التالي: "المجلس يطلب تقديم استقالتك وإلا فإن المجلس سيقرر التنسيب بإنهاء خدماتك".
هكذا أدار الغرايبة- المنشق عن الاخوان المسلمين- الملف، لكن بريزات رفض خياراته، وتمسك بحقه في مواجهة هذه القرارات غير المبررة، دفاعاً عن استقلالية المركز، التي غدت في مهب الريح بعد أن استطاع الغرايبة وصحبه من تصفية المفوض، إرضاء لحكومة النهضة ورئيسها الدكتور عمر الرزاز الذي عرض رئاسة المجلس قبل أن يعتيلها الغرايبة على طاهر المصري، بحجة ان المفوض عنيد، لكن المصري انحاز للقيم الأسمى ورفض أن يكون جزءا في مؤامرة رسمية، حاكها الرزاز ونفذها بهدوء الغرايبة.
إبراهيم قبيلات....نجح السياسي والمفكّر الأردني، الأمين العام لحزب المؤتمر الوطني "زمزم"، المنشق عن جماعة الإخوان المسلمين، الدكتور رحيل غرايبة في "تشويه" و زعزعة استقلالية المركز الوطني لحقوق الإنسان، آخر معاقل مؤسساتنا الرقابية، بعد أشهر قليلة من تعيينه رئيساً لمجلس أمناء المركز الوطني لحقوق الانسان، خلفاً للدكتور محمد البخيت.
الغرايبة لا ينقصه الدهاء، التقط لحظة انشغال الأردنيين في متابعة تطورات فايروس "كورونا" وارتداداته العالمية، وراح يصوغ رؤيته لمستوى جديد من فلسفة حقوق الإنسان، تكون على مقاسات ترضي الرئيس عمر الرزاز، وتكون تقارير المركز وتوصياته، وحتى "الفقرات" منزوعة الرقابة الوطنية، ولا تقترب من قريب أو بعيد من تكريس السلطة السياسية أو حتى مجرد الحديث عن الحريات السياسية، وكل أشكال انتهاكات حقوق الإنسان بنسختها "الرزازية"، في انعكاس لمرحلة يراد لها تمضي بنا للخطر، عقب أن قادها فريق يصر على تهشيم مؤسسات الدولة وذبحها من الوريد إلى الوريد.
ندرك جيداً أن مرد الانزعاج من المفوض العام لحقوق الإنسان، الدكتور موسى بريزات مرتبط بمواقفه الواضحة والجريئة والمبدئية من انتهاك حقوق الإنسان للمواطنين، ومن فشل السياسات الحكومية الاقتصادية وعجزها عن تقديم حلول حقيقية لأزمتي الفقر والبطالة، فجاء الرسمي بفريق جديد ليس من بينهم أي من الأعضاء السابقين؛ ليتمكن من تعطيل المركز وحرفه عن مساره من دون أية عقبات.
ما لايدركه الغرايبة ولا رئيسه الرزاز أن بريزات لا يتعامل بالقطعة مع الأردن ومركز حقوق الإنسان ، فالأردن بمؤسساته وناسه بالنسبة له ولكل الشرفاء –على ندرتهم- وطن، كما وأن دوره الوظيفي في المركز مرتبط بتعزيز قيمة حقوقية لا تقبل القسمة على اثنين، ولا تقبل المساومة أيضاً، بل إن مجرد فكرة "المساومة" -بحد ذاتها- ترتقي لمستوى الخيانة الوطنية مهما حاولنا تجميلها.
من الطبيعي أن تنحاز الناس لتحصين المركز وإعلاء شأنه وتكريس استقلاليته، في وقت تغرق به السلطة التشريعية في التسخين الشعبوي لغايات انتخابية؛ ستعيد لنا الوجوه ذاتها من تجار ومقاولين وسماسرة، مع قليل من الوطنيين؛ لنبتلع معهم "التسويات الكبرى"، من دون ان نتمكن من تغيير المعادلات الصعبة والحاسمة.
الأردنيون قرأوا وتابعوا مواقف وتصريحات المفوض المتعلقة بحقوق الإنسان، وتوقفوا كثيراً عند المواجهة بين محافظ العاصمة والمفوض العام لحقوق الإنسان حزيران الفائت، في أعقاب تنفيذ وقفة احتجاجية، للمطالبة بالإفراج عن معتقلي الرأي، فشكلت منعطفا جديدا لن تقبل به عقلية الرسمي والأمني على السواء.
تلك الحادثة سبقها وتلاها مواقف لا تقل جرأة وصراحة للمفوض في التقارير التي أصدرها المركز، وخاصة تقرير 2018، وتوضيحه أسباب الإخفاقات في منظومة حقوق الإنسان الوطنية، بفقرات جريئة، ردّت العجز والإخفاقات إلى جهة بعينها، تدير المرحلة منفردة في قراراتها ورؤاها.
كيف يدير الرزاز الأزمة؟ وكيف سيتخلص من المفوض باقصر الطرق؟
الحل سهل جداً. يبدأ بتعيين الدكتور رحيل الغرايبة، ومجلس أمناء جديد؛ لتسوية ملف واحد لا غيره، ملف الانتهاء من بريزات وتصريحاته وفقراته الجريئة، والانتقال لمرحلة جديدة يكون المجلس به عراباً لكل رغبات الحكومة وأمنياتها، دون الاضطرار لصدامات توجدها تقارير لا تجامل حين يكون العنوان أردنياً حد الوطنية.
فجأة ودون سابق إنذار تداعى مجلس الأمناء يوم 26/2/2020 لاجتماع طارئ ومغلق، لبحث تقرير كان يعده المركز حول شكاوى المعلمين من الأجهزة الأمنية خلال اندلاع احتجاجهم الأخير، لكن عدداً من الاعضاء طرحوا موضوع إنهاء خدمات المفوض العام الذي سمع بالحادثة من مواقع إلكترونية في اليوم التالي، في مشهد يعكس عقلية تآمرية ستدفع بنا إلى خيارات صعبة، بعد أن وضعت فكرة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وقيمته أمام اختبارات الثقة الشعبية.
لم تتكمل الصورة بعد، فمهمة الغرايبة لم تنه بعد، إذ التقى بالمفوض العام ليبلغه التالي: "المجلس يطلب تقديم استقالتك وإلا فإن المجلس سيقرر التنسيب بإنهاء خدماتك".
هكذا أدار الغرايبة- المنشق عن الاخوان المسلمين- الملف، لكن بريزات رفض خياراته، وتمسك بحقه في مواجهة هذه القرارات غير المبررة، دفاعاً عن استقلالية المركز، التي غدت في مهب الريح بعد أن استطاع الغرايبة وصحبه من تصفية المفوض، إرضاء لحكومة النهضة ورئيسها الدكتور عمر الرزاز الذي عرض رئاسة المجلس قبل أن يعتيلها الغرايبة على طاهر المصري، بحجة ان المفوض عنيد، لكن المصري انحاز للقيم الأسمى ورفض أن يكون جزءا في مؤامرة رسمية، حاكها الرزاز ونفذها بهدوء الغرايبة.
نيسان ـ نشر في 2020-03-10 الساعة 14:10
رأي: ابراهيم قبيلات