اتصل بنا
 

الإعلام الأردني و عقدة الانشاء

نيسان ـ نشر في 2020-03-21 الساعة 20:51

نيسان ـ لن تجعلنا الأزمة الحالية رغم كونها شديدة جدا ننساق وراء النفاق ، ونبادر دون وعي إلى اللجوء المباشر إلى سياسة رفع المعنويات ، نعم وزير الصحة ووزير الإعلام ومعهم وزير المالية نجحوا في استعادة هيبة الموقع الوزاري ، فرضوا ايضا معادلة مختلفة عن السابق ، السابق الذي لم ولن ينساه الأردنيون ولن يمحى من ذاكرتهم ، الإعلام اليوم يحاول أن يتحاذق من خلال لغة الانشاء المدرسي الخالي من المعلومات ومن الدرس اساسا ، يلجأ البعض من الزملاء إلى ولوج مناطق لغوية مقعره محدبه حينا ومفلطحة ومنبعجه حينا آخر فقط لتغطية على ما نعرفه جميعا من عوار ونقص يعتري المنظومة كلها تقريبا .
الإعلام أو الصحافة التي لم تفتح فما ولا همت بغمز أو لمز من المس بمعادلة اسعار النفط حتى اليوم لوحدها عليه أن لا يلقنا دروسا في الوطنية ، الإعلام الذي لم يتقدم خطوة واحدة باتجاه كشف الأخطاء السياسية والاقتصادية ويعلن الاحتياجات الرئيسية لناس سيستمر في التعمية على سلوكيات مسؤولين ووزراء وغيرهم من الذين يبادرون عند توليهم مهماتهم إلى خلق حلقة إعلامية حولهم ، الإعلام الذي لم ولن يتطور باتجاه هموم الناس اولا أو الأهداف الوطنية العليا للبلاد هو الإعلام الذي بقاؤه على المساحة الإعلانية رهن ببقاء مسؤول أو القرب منه هو اعلام زائف غير قادر على حيازة ثقة الناس والدولة والمجتمع برمته .
أزمة العالم مع فيروس كوفيد 19 تداعياتها ليست أردنية فقط هذا صحيح ، لكن الأهم هنا هو أن " الخطورة الجماعية للفيروس وانتشاره " تهدد كيانات عظمى في قواها البشرية والاقتصادية وتوقف عجلة الإنتاج والعمل تحتوي خطورة على القدرات المالية لدول واسعار صرف العملات وأسعار النفط ما سيؤدي حتما إلى تضرر كبير وكارثة شاملة لدى الدول التي تتعاطى مع الموقف على نحو مستهتر ، واول الاستهتار هو إغفال التعبئة المعنوية وغياب الخطة الإعلامية التي تستهدف وضع الناس في صورة المخاطر الجسيمة والكارثية لهذا الوباء عبر ادوات إعلامية محترفة تنتقل من نقل الاعداد وزيادة المصابين وحجم الانتشار إلى مرحلة نقل الواقع الحقيقي بالتحليل العلمي والطبي لتبليغ المجتمع بخطورة التراخي وأخذ الاحتياطات .
نجحت الدولة في الاردن ، الدولة نعم وليس الحكومة ولا أشخاص بعينهم في الحكومة- رغم نجاح ثلاثة وزراء في فيها في تقديم أداء رجال دولة بامتياز - بكل ما تحمله المفردة من معنى عظيم ، من خلفهم مركز الأمن الوطني وإدارة الازمات بكل لجانه وغرف العمليات المتعددة فيه في بناء استراتيجية واضحة لمواجهة الخطر . قانون الدفاع وتطبيقه وتولي القوات المسلحة زمام الأمور في الشوارع بالتعاون مع كافة الأجهزة الأمنية القى بظلال من الثقة والتقدير خاصة أن هذه الأجهزة هي الذراع الوطني الأردني الأكثر كفاءة وقدرة على التعامل مع هذا الوضع العام الذي يستلزم سيطرة كاملة على الموقف.
الاستهتار والخروج رغم حضر التجول ، والتزاحم والاكتظاظ على بوابات المخابز ومراكز التسوق والبنوك هو نتيجة مباشرة لضعف الرسالة الإعلامية وغياب استراتيجية التثقيف المستمر ، وفقدان الناس لثقة في الأدوات الإعلامية إضافة إلى أسباب غير مباشرة أخرى تتعلق بالحمل التعبوي لوسائل الإعلام والذي هو للاسف حمل اخباري مجرد من القيمة وخالي تماما من العمق الاستراتيجي التنويري الذي يمهد عبر خطة عمل دائمة لثقافة الاتزان والتصرف بموجب ضوابط الثقه والاطمئنان التي يحتاجها كل مجتمع .
هنا وحتى لا يزاود أحد على وطنية أحد نستدعي نماذج التعيين خارج قواعد الكفاءة في قطاعنا الإعلامي ، ونتسائل كيف الاعلامي يرضى أن يكون ممثلا ومفوضا لمسؤول ما أن يكون حرا في عمله الإعلامي ، وكيف لفرق إعلامية برمتها تعيش على العقود الإعلانية والدعم السنوي من شركات ومؤسسات ومسؤولين أن تخرج من إطار المدح والتلميع إلى فضاء وطني ملتزم قضية الوطن ومصالحه العليا ، وسائل التواصل تعج هذه الأيام بالرؤى الفردية وكافة الادراجات عليها تحمل طابعا شخصيا في النقل دون توثق وهي بهذا مساهم مباشر في صناعة الفوضى التي تعيق التطبيق الفعلي لخطة الدولة التي يقر الجميع انها لاول مره تبلغ مستويات قصوى في الرضى الشعبي ، اذن على الدولة أن تتنبه إلى ادواتها الإعلامية جيدا في المقبل من الايام .
فخورون بالدولة وخطتها ، وندعم سلوك رجالاتها الذين أثبتوا قدرتهم في بناء الثقه وهذا لا يعني نسيان بعض ممن لا يملكون قدرة على أداء دورهم أو هؤلاء الذين يحاولون استهبالنا ، ولكننا لن نتوقف عن بث اوجاعنا من إعلامنا الذي انشغل بعضه منذ شهور بالطبخ والمكياج صباحا والمسلسلات القديمة مساءا ، والإعلام الذي يأخذنا بالصوت واللغة والتراكيب الفنية والصور البيانية على حساب حاجتنا للمعلومات والوعي والتوجيه وصناعة الرأي العام .
تحية وطنية ملؤها الاعتزاز والفخر بالقوات المسلحة الجيش العربي وأجهزتها الأمنية والطبية التي تصنع المعجزة اليوم .

نيسان ـ نشر في 2020-03-21 الساعة 20:51


رأي: خلدون عبدالسلام الحباشنة

الكلمات الأكثر بحثاً