اتصل بنا
 

فايروس كورونا في الاردن.. تقییم، تفاؤل، ترقب

نيسان ـ نشر في 2020-03-31 الساعة 16:36

نيسان ـ لا أخفیكم سرا أن قلت أن استمرارایة التناقص في معدلات حالات العدوى الیومي في الاردن یضعنا ضمن مجوعة
الدول التي تعتبر نموذجا ناجعا في كیفیة ادارة أزمة فیروس الكورونا، و لعلنا الان أصبحنا من أفضل دول ھذه
المجموعة حتى اللحظة. جاء ھذا التناقص بحالات العدوى الیومیة بعد ان كانت قد تزایدت و وصلت الى نقطة تحول
من التضاعف الجمعي الى بدایة التضاعف الھندسي و ھي مرحلة حساسة جدا و كثیرا من الدول دخلت تلك المرحلة
الخطیرة مؤخرا و لم تعد تسیطر كجمھوریة تركیا مثلا.
ما حدث في الاردن یندرج تحت سیناریوھین:
السیناریو الأول: ان معدل الحالات الیومیة احتفظ بوسط حسابي 16 حالة تقریبا منذ بدایة الازمة، و ذلك یعزى
للاجراءات الجریئة التي اتخذتھا حكومة الرزاز منذ ان رصدت اول الحالة في الاردن بتاریخ 2020/3/2 .و
استمر ھذا الثبات بمعدل الحالات الیومي حتى تاریخ یوم أمس. طبعا ھذا السیناریو لا یأخذ ما حدث في تاریخ
2020/3/24 حیث بلغت الحالات 26 حالة و في تاریخ 2020/3/26 حیث بلغت الحالات 40 حالة في عین
الاعتبار لارتباط ھذا التزاید في حدث معین (حفلة العرس) مرتبط بمكان جغرافي محصور و الذي تسبب بتزاید
الحالات الیومیة بشكل غیر نمطي بحیث لا یمكن احصائیا ان یكون ممثلا لما یحدث على مستوى الدولة الجغرافي.
و بالتالي یمكن وضع الخطط و الاجراءات لادارة أزمة ھذا الفیروس بناء على ھذا المؤشر (16 حالة بالیوم)
كأكثر سیناریو تفاؤلا و لیس بالتأكید الأكثر احتمالا.
السیناریو الثاني: یستند ھذا السیناریو الى حقیقة ان معدل حالات العدوى عادة ما یتزاید بمعدل جمعي ثابت -الى
حد ما- حتى یصل تراكمیا الى 100 حالة و من ثم یكون ھناك عدة سیناریوھات بناءا على ما حدث في اكثر من
40 دولة عالمیا. فاما ان یستمر ثبات معدل العدوى و ھذا ما یسمى بنمط المنحنى المسطح (Flattened
Curve (كما حدث في سنغافورة و تایوان، أو ان یتزاید معدل الحالات الیومي الى نقطة معینة ثم یتخذ نمط
الثبات بالمعدلات الیومیة كما حدث في كوریا الجنوبیة، او یستمر تزاید معدل حالات العدوى الیومیة و یتضاعف
مجموع الحالات التراكمي بشكل ھندسي و ھنا تخرج الامور عن السیطرة كما حدث في اسبانیا و ایطالیا و أمیركا،
و یبدوان تركیا بدأت تسلك ھذا النمط الغیر مسیطر علیھ منذ ثلاث ایام. محلیا فان ما حدث من تھافت على
المشتریات بعد ان تم حظر التجول بتاریخ 2020/3/20 قد أسھم بنقل العدوى بالمخالطة و حیث ان أعراض
المرض عادة ما تظھر بالیوم الخامس الى التاسع، فان ازدیاد معدل حالات العدوى الیومي في 2020/3/26 و
وصلھ الى اقصى معدل (40 حالة بالیوم) جاء بعد ستة أیام من حظر التجول و ھذا یتفق مع ما اشرنا الیھ. و
یبقى التساؤل لماذا لم یستمر ھذا التزاید بمعدل حالات العدولى الیومي، و یمكن الاجابة على ھذا التساؤل بأن زیادة
عدد مجموعات التقصي و التحري الوبائي الى 80 فریق على مستوى المملكة قد أسھم في اكتشاف حالات قبل ان
تظھر علیھا أعراض المرض و ھذا أسھم نسبیا بالحد من احتمالیة العدوى بین الاشخاص. فقد لاحظنا قوة التحري
الوبائي و قد وصلت الامور الى درجة متابعة من غادروا الممكلة قبل اسابیع و ظھرت علیھم اعراض العدوى و
التواصل معھم لمعرفة ھویة المخالطین لھم من الاردنیین، لا بل تم أخذ عینات لفحص المرض مع ما یزید عن
300 شخص في موقع جغرافي معین. ھذا كلھ اعاد النمط الى ما كان علیھ قبل حظر التجول و ظھور التناقص
بمعدل الحالات الیومیة.
اذا ما اعتبرنا ان ھذه الاحصائیات الرسمیة المعلنة ھي فعلیا ممثلة للواقع (و لو بنسبة 60%-70 - (آخذین
بعین الاعتبار وجود حالات عدوى لم تظھر علیھا الاعراض او ما یسمى بـ "negative False - "فھذا فعلیا
مؤشر جید جدا و یظھر فعالیة عالیة بادارة أزمة الكورونا حتى الان. كما أنھ یعطي وقتا زمنیا اضافیا لمراجعة ما
تم تنفیذه سابقا من قرارات و اجراءات، و تعدیل الخطط ان تطلب ذلك الواقع الجدید.
أما ما یدعو على التفاؤل فھو انھاء فترة الحجر الصحي للذین قدموا الى الاردن قبل اكثر من اسبوعین و تفریغ
الفنادق منھم، بالرغم من ان ما نسبتھ 20 %ما زالو في فترة الحجر حتى الان، بمعنى ان تاثیر العدوى لمن
قدموا و تم الحجر علیھم قد زال او على الأقل قد ظھر دون ان یتسبب بتفشي بؤر جدیدة في الاردن، لا قدر الله.
بالاضافة الى ان تاثیر التھافت الذي حدث في 2020/3/20 قبل یوم حظر التجول قد انتھى فعلیا و بنسبة
70 %فقد مضى علیھ ما یزید عن 12 یوم. كما و یبدو ان تاثیر الحدث الرئیسي (حفلة العرس) في قرى اربد
قد وصل الى مرحلة یمكن الحد منھ بعد ان أعطى أعلى زخم بالفترة الماضیة، اذا ما التزم افراد المجتمع بقرار
حظر التجول الذي فرضھ قانون الدفاع و بشكل مشدد.
ما نترقبھ ھو سیناریو ماذا بعد الان؟ و ھل سیبقى الاردن مغلقا حدوده في ظل رسائل و استنجاد طلبتنا الاردنیین
في الخارج، و بالذات في الدول المنكوبة حالیا بالوباء، لجلبھم الى الاردن! فھل سیعید الأردن تجربة الحجر الصحي
للقادمین في الفنادق مع الالمام التام بأن ھناك احتمالیة عالیة باصابة الاردنیین بالمناطق الموبوءة بھذا الفیروس،
لا بل سیكون السیناریو مختلف تماما عما تم سابقا بالحجر بالفنادق

نيسان ـ نشر في 2020-03-31 الساعة 16:36


رأي: الدكتور معتصم سعيدان

الكلمات الأكثر بحثاً