اتصل بنا
 

فِي القرية..يكثُرُ عزفُ الناي في المراعي فترقص سنابل القمح

كاتب أردني

نيسان ـ نشر في 2020-04-05 الساعة 14:49

نيسان ـ في القرية تُداعِبُ (عيدة المحمد) نَسَماتِ الريح، وَ تُراقِصُ أشِعَةَ الشّمسِ وتَنثُرُ الحُبَ فِي المراعِي والطرقات، فَهِي التِّي تَلَقَّنَتْ الحُبَ على بيادِرِ القَمحِ وَفي حَضرَةِ التينِ و الزَّيتونْ، وعلى أنغامِ ربابَةٍ وقصصِ أشعارِ الزير سالم، وابي زيد الهلالي.
كانَتْ قبلَ ما يَزيدُ عن نِصفِ قرنٍ او أَزيدْ صَبيَةً عشرينية ذاتَ جمالٍ و بهاء، كانتْ تُعيدُ تَعريفَ الخُطى على الرمل، وَ كانَتْ تَكسِرُ عَتمَ الليلِ بإبتسامَةٍ حرةِ التَفاصيل..
تَقولُ لي قَبلَ قَليلْ :ما بينَ الخديعَة و أم العشوش تَمَرَّدَ قَلبي عَلَيّ، وأَبى إلا أن يَشرَبَ القهوَةَ بِصحبَةِ ( أبولو) في مليح/ القرية القَديمةَ.
تناوَلَت كاسَة شاي يفوحُ مُنها رائحة الشيح، وإستَطرَدَتْ قائِلَة:
تَتشابهُ المُدنُ
في الوجعِ
وغاباتِ الإسمنتِ
واكتظاظِ الأرصفةِ بالمُشرّدينَ
وقِططِ البرجوازيّةِ المُسَمّنةِ
ومطاعمِ الوجَباتِ السريعةِ
والمعابدِ المُزركَشةِ
والشَجرِ المُهدّدِ بالإنقراضِ
وكتبٍ قديمةٍ في الرومانسيّةِ الثوريّةِ
وإعلاناتٍ عملاقةٍ عنْ فنونِ النَصبِ والإحتيالِ
وجَوْعى المُستقبلْ !
ثُمَّ قالَت: ابني الأَصغَرْ رسمَ على الرملِ بعضَ أحلامهِ الصغيرةِ
وأنا تأمّلتُ اللوحةَ ولم أكتب شيئاً.
يا أنتِ يحِقُ لَكِ أن تَمشي على الماء، ويَحِقُ لكِ أن توجهِي الريحَ كََيفما تشائين..
هِي مَن تَستيقِظُ قبل أن تَصحو الشمسْ، وتحاوِلُ تشكيلَ النهار
(عيدة) حصَلَتْ على ( شيك مفتوح) مِنَ الحُبِ والدّهشة، فَفِي فُلكِها يدورُ خَمسَةُ أقمارٍ ونجمتان.... وَبعضُ شُهُبْ، وَنَيزَكْ.
انا الآنْ، أَكتُبُ خربشاتِي على عَجلٍ كي لا أنساها.
فِي هذا الحظر الإجباري، تَكتَشِفُ أن القرية جميلة، وأن القرويين أجمل، وأن الشوارِعَ تفوح منها تفاصيلُ (عصبة رأس) امرأةٍ، وأن الأرصِفَةَ تتعطرُ (بحطة وعقال) رجلٍ يمتلئ وجههُ بتفاصيلِ تاريخٍ عريقْ، وشبابٍ يقاتلونَ على الخطوط الأمامية دونَ كَلَلْ.
في القريةِ القديمة، ترى كُلَ شيء صافياً دون تَجملّّ وتصنّع ودون تكلف... في القرية كثيرٌ مِنَ الحُب والأمل، وقصص الحياةِ واللهفة و الشوقْ والمجد، فِي القرية يكثُرُ عزفُ الناي في المراعي، وتصدحُ فيروزُ كُلَ صباح فتتمايَلُ سنابِلُ القمح ، وتعلِنُ ام كلثوم عن وقت الحب في المساء...فيتراقصُ العشاقُ بينَ الأسطُحِ والشبابيكْ، وبعضُ رسائلِ ( الواتس اب) ومكالمات.
في القرية يشرَبُك ياسمينُ جارتنا، فَتُمسي أنتَ الرحيقْ،في القرية القديمة من تذّوق طعم الزعتر البري لا يخونها والمؤقّتُ فيها دَيمومةٌ للأشياءِ
فَهُناكَ حَتماً مَنْ أخطاَ في التوقيتِ حَسبَ دقّاتِ قَلبي.
نعمْ ، يا عزيزتي...
أنا ( موضةٌ قديمةٌ) ...
وما زلتُ أقرأُ دستوفسكي وأسمعُ سيّد درويشّْ
ونعمْ،..
ما زلتُ أرسمُ التفاصيلَ الصُغرى لِكومونةِ الإنسانيةْ!
وتَسألُني الغَريبةُ قبلَ قليل: مِنْ أينَ أنتْ؟!
وأقولُ إنّ الجَغرافيا لا تَحتويني فأنا ابنُ هالة،
فأكمَلَتْ مسيرَها بين الحوارِي بحثاً عن حُلُمٍ آخَرْ.

نيسان ـ نشر في 2020-04-05 الساعة 14:49


رأي: رأفت القبيلات كاتب أردني

الكلمات الأكثر بحثاً