اتصل بنا
 

سِراجُ السلط لا ينطفئ

كاتب أردني

نيسان ـ نشر في 2020-04-07 الساعة 15:02

نيسان ـ أطلق الرومان عليها إسم السلط أو (سالتوس) ومعناها ارض التين والعنب (الوادي المشجر) ، وسُميت بسالتوس نسبة إلى القائد اليوناني الذي فتحها زمن الإسكندر المقدوني وبني فيها معبد للآلهة زيوس في (منطقة زي) التي نسبت اليه.
قال أبو تمام:
من عهد إسكندرٍ أو قبلَ ذلكَ قدْ
شابَتْ نواصِي الليالِي وهْيَ لمْ تَشِبِ
ذاتَ لِقاءْ قال وصفي التل: "ما دام سراجنا فيه زيت إتركوه ضاوي"، وَ سِراجُ السلط لا ينضَب، وسراجُ السلطية لا يخلو من الزيت ابداً، فَسُمرَةُ رِجالُ السلط تضيئ عتمَ الليالي، وَ رِقَةُ عينِ خولة، وَ جمال مُصطلحاتِ رشا، تجعلكَ تسيرْ فِي حواري السلط لِتُلامِسُ إنتماءهم للجغرافيا، وِعشقهم لتاريخِ (سلطانَتِهِمْ) فتبتسمْ.
السلط صبيةٌ عشرينية ذاتُ جمالٍ وضياء وحسنٍ وحضور، تُلامِسُ في شارع الحمام روعة التاريخ، وفي وادي الأكراد والعيزرية تشتمُ عطر العراقة، وفي السلالم والنقب والجدعة والصوانية تعرفُ جيداً تاريخَ القلايات.
وفي جلعد والجادور والميدان وشارع البلدية تسمعُ بكلِ جوارِحك كلمة مقترنة بكلِ جُمَلَ الشباب هُناك ( غالي عقلبي يا خال).
بَعد أنَ تتجاوَزَ ( جامعة عمان الأهلية) وتعبر إشارة الترخيص ودورية الأمن العام التي تُزِّينُ مدخل السلط تبدأ تدريجياً بالسفر عبر جبال البلقاء وخضرة أراضيها نحو إبتسامَةٍ قلَ نظيرها؛ وي كأنك تُداعِبُ حبيبتكَ دون خجلْ، تمتمدُ الإبتسامةُ بشكلٍ مُفرطْ مِنَ الدبابنة وحتى جسر زي نحو شارع الستين لتشاهِدَ بَعضاً من أجزاء القُدسْ،وفي لحظة غروب تُعانِقُ السماء أرض السلط، فتندمجُ تدريجياً مع القدس لتُشَّكِلَ مشهداً انطباعياً طاغِياً، يشدّكَ هذا المشهد، لتُحلِّقَ نحو عيرا ويرقا ورائحة خبز الصاج وبعض مراعيٍ وشياهٍ وتجاعيدِ كرامةٍ وعز وشموخٍ وهيبة.
تحتَ أشجار السرو يَأتيكَ الطَّيفُ بلا إذن، يَسلبُكَ هناء الهدوء المؤقت، يرتحلُ بلا قيود، فيمضي نحو خَولة هناك في حواري السلط التي تفيض شوقاً، ليبقى قلبكَ نازفاً مِن بطينهِ الأيسر، زارَ الطيفُ مُتمرداً كُلَ شِبرٍ في السلط، كانَ يُطالِبُ بحضةٍ يتيمةٍ من الحبُ والغزل، طبَعَ قُبلَةً يتيمة أيضاً على خد شارع الحمام، وَمضى مُتشياً بلذَّةِ القُبلة.
عِندما لا يجد الانسان أمامه متسعاً لاستيعاب الضجيج فإنه يلجأ إلى زفراته الحارة تعبيراً عما يعتل بداخله، هذا بالضبط ما فعله الطَّيفُ حين رافقني في زياراتي للسلط،
حيث تركته ينشُدُ للسلط : "أحبك حبين حب الهوى وحبا لأنك أهل لذاك"....
فسلامٌ على السلط وأهلها، وسلامٌ على من مر بها مُتنعماً بجمالها، وسلاماً على من حط بها مفترشاً لوردها وريحانها.

نيسان ـ نشر في 2020-04-07 الساعة 15:02


رأي: رأفت القبيلات كاتب أردني

الكلمات الأكثر بحثاً