اتصل بنا
 

واقع وتحديات مادة التربية الاجتماعية ( الاجتماعيات ) في الأردن

نيسان ـ نشر في 2020-04-18 الساعة 11:11

نيسان ـ تعتبرمادة التربية الاجتماعية ( الاجتماعيات ) أو الدراسات الاجتماعية كما يُطلق عليها في بعض البلدان من أهم المواد الدراسية ، وتبرز أهميتها في التنشئة الاجتماعية من خلال التعرّف على الماضي ودراسة الحاضر واستشراف المستقبل ، والتوعية بالمحيط البيئي ، ودراسة مختلف التفاعلات الاجتماعية ، وتعمل على غرس القيم الدينية والوطنية والكونية ، وتتميز مادة التربية الاجتماعية ( الاجتماعيات ) بطبيعة خاصة ، حيث أنها تربط بين البعدين الزماني والمكاني ومختلف تفاعلاتهما ، وتمكّن المتعلمين من استخدام قدراتهم العقلية والمهارية لفهم وتحليل وتفسير مختلف الظواهر والأحداث ، كما تُعد حقلاً جامعاً لتخصصات مُتعدّدة إذ من الصعب وضع حدود لمادة التربية الاجتماعية ( الاجتماعيات ) لإتساعها وتعدّد أبعادها ، وتداخلها مع مجالات علمية مُتعدّدة ، وتُشكّل كذلك بيئة خصبة تُسهم بدور كبير في إعداد الأفراد والمجتمعات وتعريفهم بالتطوّرات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وبالبيئات الحضارية المختلفة داخل مجتمعهم وفي المجتمعات الأخرى.
لقد تطوّرت مادة التربية الاجتماعية ( الاجتماعيات ) ( التاريخ ، الجغرافيا ، التربية الوطنية ) شأن باقي العلوم الإنسانية ، منذ مطلع القرن العشرين وبسبب التطوّر العام الذي عرفته الإنسانية ، في جميع المجالات العلمية والتقنية ، وفي تطوير أساليب ومناهج البحث ، ويُعزى هذا التطوّر إلى سرعة انتقال الأفكار والاتجاه نحو التخصص ، فانعكس هذا التطوّر بشكل ايجابي على تنوّع وغزارة الناتج العلمي ، وهو ما ساهم بشكل كبير في تطوير طرق ومناهج تدريس مواد التربية الاجتماعية ( الاجتماعيات ).
تُدرّس مواد التربية الاجتماعية ( الاجتماعيات ) في جميع مراحل التعليم المدرسي في الأردن ، وتتميّز بكونها مادة دينامية تواكب التطوّرات التقنية واستخداماتها في المجالات العلمية والمعرفية ، وتطبيقاتها الصناعية والاقتصادية والعمرانية ، ولم يعد تدريس مواد التربية الاجتماعية ( الاجتماعيات ) يُقتصر على إعطاء المتعلمين مجموعة من المعارف والمفاهيم ، بل أصبحت تقوم على خدمة فضولهم العلمي لفهم وظيفة المجتمعات سواء داخل الدولة أم خارجها ، ومعالجة المشكلات المجتمعية والبيئية والاستفادة من توظيفها في الحياة اليومية ، وفي تمكينهم من اكتساب مهارات وأدوات العمل الجغرافي ، وبذلك يمكن القول إن مادة التربية الاجتماعية ( الاجتماعيات ) تؤدي دورًا حاسمًا في التكوين الفكري والوجداني للمتعلمين ، وتجعلهم يتطورون من خلال هيكلة تمثّلهم للزمان والمكان ، وإدراكهم للحقوق والواجبات.
ويتميز تدريس مواد التربية الاجتماعية ( الاجتماعيات ) في مختلف انماط التعليم المدرسي ، بتنوّع المناهج ، واعتماد أساليب وتقنيات في عمليات التعلّم الذاتي التي تساعد المتعلّم على تكوين شخصيته وقدرته على اتخاذ القرارات المناسبة ، والانفتاح على الآخر، وهي أهداف تنشدها كفايات التعلّم الذاتي والبنائي لدى المتعلّم.
لكن واقع تدريس التربية الاجتماعية ( الاجتماعيات ) في الأردن ليست بالمهمة السهلة وذلك بالنظر إلى التصوّرات النمطية السلبية التي تشكّلت عنها مثلا كونها مادة مملة ومادة للحفظ وطول مقرراتها وتعدّد افرعها ، ....... الخ ، ومن هذا المنطلق فإن حقل تدريس المادة لا زال في أمس الحاجة إلى التطوير من أجل تحقيق الجودة المطلوبة ، لكن هذا الأمر لا يعني اهمالها بعدم ادراج هذه المادة من ضمن المواد الاجبارية للصف الثاني عشر ( الفرع الأدبي ) ، بالاضافة لم يتم شرحها على قنوات درسك 1 ودرسك 2 ، في ظل تطبيق نظام التعلّم عن بعد بسبب انتشار فيروس كورونا وتعطيل الطلاب عن مدارسهم ، وحتى وللاسف اتخذت مجموعة لا بأس بها من المدارس سواء في القطاع العام الحكومي أو القطاع الخاص حذو وزارة التربية والتعليم بإهمال هذه المادة من حساباتهم ، وأود الاشارة هنا بأنه قيل ويقال من لا تاريخ له لا حاضر له لأن التاريخ هو الحافز الأساسي للتقدّم والنجاح والتعلّم من الدروس والعبر ، لذلك كلّما كانت الأمة متمسّكة بتاريخها المشرق تكون في حالة أفضل من قريناتها ، ولهذا السبب نلاحظ أن حرب اليوم هي حرب العقول وغزو الثقافات كي يُقضى على جذور الأمم الأضعف ثقافة ولا يبقى منها أي أثر ، وثمة دولاً ليس لديهم أي ارث حضاري سرقوا تراث وتاريخ غيرهم ’ وأوجدوا لهم تاريخًا وإرثًا نسبوه لأنفسهم ومجّدوه وتغنّوا به على أساس أنه تاريخهم العريق.
ينبغي على قطاع التربية والتعليم في مملكتنا الحبيبة ولاحقاً ، وبعد الانتهاء من أزمة فيروس كورونا بالاعداد لندوة أو مؤتمر لتشخيص واقع مادة التربية الاجتماعية ( الاجتماعيات ) بالمدارس الأردنية بشكل خاص ، وكذلك في إبراز المفاهيم الأساسية لعملية تدريس مادة التربية الاجتماعية ( الاجتماعيات ) والمهارات المرتبطة بها ، وأهم الاستراتيجيات والاتجاهات الحديثة في تدريسها ، وكذلك العمل على تقديم نماذج متنوّعة من مناهج التدريس وأساليب وأدوات تقويم نواتج التعلّم المعرفية والمهارية والوجدانية في هذا المجال ، الأمر الذي سيساهم في انفتاح البحث العلمي الأكاديمي على مناهج وطرائق تدريس مواد التربية الاجتماعية ( الاجتماعيات ) من اجل إعادة الاعتبار لهذه المادة لإن دراستها تساعد على فهم العلاقة التي تربط الإنسان بالمجتمع المحيط من حوله ، حيث أن التواصل بين البشر يساعد على زيادة الإدراك والوعي لدى الإنسان ، ولذلك يتم تدريس مادة التربية الاجتماعية ( الاجتماعيات ) ، وكما أشرت سابقاً لتوضيح شكل العلاقة بين الإنسان ومجتمعه ، كما أنها مادة جامعة تحتوي على مجموعة من العلوم الاجتماعية ، ويمتد محِتواها المعرفي والمنهجي ليتداخل مع بعض العلوم الأخرى مثل علم الاقتصاد وعلم الإحصاء وغيرهما من العلوم ، بالإضافة إلى أن ما تشتمله المادة من مضامين ومهارات تكون متميزة بالجاذبية والإثارة ، وتُساهم في التكوين الثقافي والمعرفي للمتعلّم ، كما تُساهم في التكوين الذاتي للمعلم بشكل مستمر.

نيسان ـ نشر في 2020-04-18 الساعة 11:11


رأي: قيصر صالح الغرايبة

الكلمات الأكثر بحثاً