اتصل بنا
 

القرية في الحظر..ُ ام الحب وسيدةُ التفاصيلْ

كاتب أردني

نيسان ـ نشر في 2020-04-18 الساعة 21:34

نيسان ـ فِي الحظر الشامِلْ، تُراقِبُ القَريَةَ بِصمتٍ يتكلّمُ لغةَ ضجيجَ المدينَةِ وَصخبَها،
*الصَمتُ والكَلامُ لُغَتانِ لا تَتقاطَعانِ إلاّ في أطْرافِ الحَنينْ
وَبَعضُ وجوهٍ وذكرياتْ، لتَكتُبَ القصائِد واحِدَةً تِلو أخرى، وتنتَظِرُ حباتِ المَطَرْ وَلايُهِمُّكَ أنْ تَغرَقْ، وتحتَضِنُ آمالَكَ، لِتَبقَى نِسبياً يَحلُمُ بِالمُطلَقْ.
لُغتكَ باتتْ الآنَ ضَحّلةً كأَنا، وقَزَميّةُ الحُروفِ باتَتْ تُحاصِرُكَ في مُسّْتَنّْقعٍ للحُضورِ في العَبثِ، بُتَّ مُتَّهماً أنت بأنّكَ إحْتمالٌ في الغِيابْ .
و لِتَغدو مُتّهماً بأنّكَ تحالفتَ معَ ( قَبيلةِ ) الجفافِ
ضِدَّ خُيولِ المَطرْ
وبِتُّ الآنَ مُتّهماً بأنّكَ تآمَرتَ معَ العَتْمةِ
كَيّْ ( تَسّرِقَ) الضَوْءَ منْ صَدْرِ القَمَرْ
بِتَّ الآنَ مُتّهماً بأنّ لُغتكَ خَشبيّةٌ
وبأنّكَ طَلّقتَ اللّونَ في موناليزا الشجَرْ
( أنتَ بَريءٌ منْ كُلِّ التُهمِ إلاّ في حُبّ المَطرْ فأنتَ عاشِقَ حَبّاتِ المطرْ).
هوَ ( احْتمالُ الربيعِ في جَغرافيا البِداياتِ) يا سيّدَتي، وهذا الّلونُ (القاني) على أرْصفةِ الطَريقِ باتَ يَرسُمُ تفاصيلَ ابتسامَةٍ وأمل يا سيّدتي، وليصبِحَ الحُلُمْ ( محاصَراً) بِظِلِ جارَتِكِ حينَ تُداعِبُ شُجيراتِها، و زهرَةَ الياسمينَ التي تحتلُ الحائِط.
فِي القرية، يُعلِنُ العشاقُ عن اشتياقِهِم بصافِرَةٍ مِن خلفِ الحائِط، وبصوتِ حجرٍ يراقِصُ شباكاً، تتسلل (كالروان) في الحقول، تستَرِقُ السَّمَع وَ تَبتَسِمْ، فِي الأمس تلصصتُ على أحدِهِمْ، فكان يلتَصِقُ بِجدارِ مَنزِلِ حبيبته وَ يقول:
"مِثلُ التَمَرّدِ في عقاربِ الساعةِ على تَعّريفِ الفُصولِ والسِنينْ
إنّي أحبّكِ
مِثلُ موناليزا الخَجلِ في وجَنتيّكِ هُناكَ على أسوارِ الثانويّةِ
وفي مَدرسةِ البَنينْ إنّي أحبّكِ"
لتقولَ لِنفسِكْ، بعد أن تمتَدِحَ حُبَ القرويين وصدقهم، لا بُدَّ مِن هجرةٍ عكسية، من حُبْ فتاةٍ يملؤها ضجيج الفراغ في المدينة، إلى (حواء) تصنع عالماً كلما تبتسم،كَيف لا وَهِي تَعلَّمَتْ الحُبَ مع الرضعةِ الأولى فالقريةُ ام الحب وسيدةُ التفاصيلْ.
فِي القرية تسمعُ أيضاً والِدْكَ حين يبدو شارِداً ويقول:
*"ما زالَ الحُلُمُ زَنْبَقَةً جَميلَةً ونَحنُ ما زِلْنا النَدى
وما زالَتْ المَدينَةُ الفاضِلَةُ طَيْفاً بِلا صَوتٍ ونَحْنُ ما زِلْنا الصَدى
وما زالَ طَيْفُ أبي بِمِنّْجَلِهِ يُعانِقُ سُنّْبُلَةً تُصَلّي للشَمْسِ
وخَرّْطوشاً تُرّكِياً يَتيماً كَيّْ يَرُدَّ العِدى"
في القريةِ يا عزيزي مَساؤكَ يَنتمي إلى قبيلةِ زهورٍ تَتمرَّدُ الآنَ في الزَنّْبقْ
مساؤكَ الآنَ مُشّْتَقٌّ منْ قمَرٍ كانَ في الليّْلِ أنتِ بعدَ أنْ بانَ كالشمسِ ثُمَّ أشْرقْ
مساؤكَ ينّتسبُ إلى طَيّفِ وردٍ جّوريٍّ/ بالرّحيقِ قدْ أغدَقْ
مساؤكَ من القريةِ إلى كُلّ مَضاربِ يَعْربٍ مكّسُوٌّا بالليّلكْ..
مساؤكِ أحلى من كُلِّ الحبِّ المُعَتّقْ.
هيَ خَفْقةٌ واحدةٌ تلكَ المسافةُ بينَ قَلبي ووطَنْ
هيَ قُبْلةٌ واحِدةٌ تلكَ المَسافةُ بينَ شَفَتيَّ اليابِستيّنِ واحتمالِ الخَطيئةْ هوَ التّيهُ عندما يَصيرُ هويّةْ.
الآنَ....
باتَتْ بِلا حُدودٍ هذه الكَلِمات
ألْمحُ فيها وجَعاً مُعَتّقاً وفِنجانَ قَهوةٍ وعُلبةَ سَجائرٍ وشِبهَ جريدةْ
باتتْ الحُروفُ تَلدُ كُلَّ يومٍ وَطناً ورسالةً وبَريداً..
ولَمّا اكتشَفتُ أنّي أحّْمِلُ ( جيناتِ) الوجعِ الجميلِ في عُروقي، قَرّرتُ أنْ أُواصِلَ رِحلةَ البحْثِ عن ( جيناتِ) الفَرحِ المَمنوعِ في ثَنايا روحي.
لأنّها ما زالتْ تُكَلّمني منْ وراءِ حِجابٍ، (أتسامرُ) الآنَ أنا والسَرابْ.
فِي الخِتام أُريدُ أنْ أُقْلقَ ( مَنامَ) ديكارتْ هذا المساءَ فأقولُ : ( أنا أحِبّكِ إذاً أنا مَوّجودْ)
وأقولُ ايضاً:
في عَيْنَيْكِ فيزْياءُ ملائِكَةٍ لا تَنامُ
وعَلى وَجْنَتَيْكِ أرَقٌ يُشْبِهُ إلْياذَةَ الرَمادِ
ورومانْسِيَّتُكِ تَنمو في جَغْرافيةٍ ضَحّْلَةٍ بَيْنَ الحَلالِ والحَرامْ
والآنَ كأنّكِ تُفَسِّرينَ التاريخ بَخَطٍّ يَتيمٍ مِنْ أحْمَرِ الشِفاهْ !

نيسان ـ نشر في 2020-04-18 الساعة 21:34


رأي: رأفت القبيلات كاتب أردني

الكلمات الأكثر بحثاً