اتصل بنا
 

مناكفة الخميس

نيسان ـ نشر في 2015-08-03 الساعة 10:24

نيسان ـ

تنازل الأكاديمي عما اقترحه، وتقهقر متجنباً هجمة بربرية -أكاديمية وغير أكاديمية- متوعداً بجولة أخرى بعد أن يفتح المجال لتقبّل الطرح بمرور الوقت إن عجز الحوار المحايد عن الإقناع.
عندما اختُرِع القطار وخطا على أول سكة حديد، ثار الناس ضده، وادّعوا بأن دجاجهم ما عاد يبيض هلعاً من كومة الحديد السائرة، هكذا يتقبل العوامّ الطرح الجديد النوعي، ولهم فيه عذر! إلا أن الأكثر دهشةً مناكفة فئات أكاديمية ومسؤولين عاملين وسابقين في نفس القطاع بحجج ظاهرها يتعلق بالمصلحة العلمية والتطور والتعليم، وباطنها إحباط طرح مميّز جُلّه مصلحة الطالب نفسه، وتضييق فترات الفراغ، وإشغاله في يوم علمي، وقتل للطاقة السلبية "شجار، مشاحنة، والآفات الاجتماعية الاخرى"، أيضاً فيها توفير هدر مادي يزيد عن خمس مصروف الطالب، ويوم إضافي لعاملٍ تثقل الدراسة كاهلهُ وأسرتهُ، وساعات إضافية لنشاط غير منهجي ولبحث علمي والمبادرة تخدم المجتمعات المحلية.
أخشى بأن هدفهم تسفيه طرح راقٍ وخطى حضارية ترقى بالتعليم والتعليم العالي، ومكاسب ومناصب وإقليمية! أدهشتني هشاشة الطرح المعاكس، وعاظم دهشتي ندرة ممتلكي الشجاعة من مؤيدي الفكرة لا صاحبها؛ لعله أرعبهم حجم التحشيد وسرعة مباغتته، وانقضاضهِ. تولى النقد فكان منه العلمي الأكاديمي الذي يمكن الاسترشاد به في تطوير الفكرة، وآخر لم يتعدَّ فكرة محبطة تركزت على أن إمكانية تطوير الإنسان غير ممكنة؛ كأنَّ الحد الأقصى للاستيعاب لدى المتعلم لا يتجاوز الخمسين دقيقة مقسمة على الأنشطة، وإن استطاع المتعلم فلن يستطيع المعلم، بل لن يقوى المعلم على تطوير إمكاناته وأدواته التعليمية ليشغل وقت الساعة والنصف.
إعلان للجميع: لن يُعترف بمخرجات التعليم التي تتبع محاضرات (ن،ر) وفقا للنص السابق، أقصد بأن الطالب في محاضرات الاثنين والاربعاء لا يتعلم ومستواه متدنٍّ مقارنة بالوقت الآخر.
إذن، ووفقا للنقاش المعاكس، فعلى الجامعات إلغاء محاضرات الإثنين والأربعاء أو إضافة السبت لها لتصبح كما في الأحد والثلاثاء والخميس ساعة دراسية. هذا يتنافى ومنطق التطور والتقنية وضرورة مواكبتها، ولنا في التعليم الإلكتروني المتزامن قدوة، فقد قصّر المسافة والوقت وفتح آفاق تعليمية حداثية لم تخطُ أية مؤسسة أكاديمية أردنية نحوه بشكلٍ عملي، لا بل تخشاه وتضع العراقيل أمام الاعتراف به من غير مؤسساتنا.
لمؤسساتنا الأكاديمية الأردنية إنجازات كبيرة تُحسب لها، وشراكات دولية يندر أن يُنشَر عنها، فهي وإن عُرّج عليها إعلامياً تُسجّل بهدوء مُطبِق، وكأنه خبر لشؤون دولة أخرى، في حين تشتاط الهمة نشاطاً في النقد السلبي المبني على أسس موضوعية أو غير موضوعية، لا لغاية علمية ما، بل لمبررات متنوعة مختلفة تتخللها الأهواء والاستقطابات والعلاقات.
بموضوعية، كانت فكرة طيبة، وبها منافع، وعليها قليل من المساوئ، فخيرها يغلب شرها، والنور عاجلا أم آجلا سراجها، فحلقة التطور تسير كالدولاب، وعند الدوران ووصولها لنقطة الخلل تعرج وترتج معلنة الحاجة للإصلاح والتطوير. كوبرنيكوس -الذي سجن مدى الحياة- وبرونو -الذي أعدم حرقا- وجاليليو -الذي أجبر على التخلي عما كان يعتقد- كلهم تنبأوا بكروية الأرض، وغيروا المعتقد الديني السائد بتسطيح الأرض، فكان موقف المتدينين والقساوسة نصرةً لمبادئهم وعلومهم الدينية، لا لأهواء وتكتلات مصلحية.
أدعو لقيادة تربوية نخبوية ترسم خطى التعليم في وطني، وتتبنى مثل هذه الأفكار وتدرسها وتضع لها تصوراً عملياً محكماً بمراحل تشمل عناصرها جميعاً، وتتابع سيرها وتُقيّم آداءها لضمان نجاحها، كما أرفض القيادة التربوية الفردية وإن جاد فكرها لسببين، هما: يُسجَّل النجاح لصاحب الفكرة ومتبنيها ويؤخذ عليه فشلها، وعليه؛ يكثر الأعداء والحاسدون والمتشمتون، والآخر، موت الفكرة بخروجه من مركزه، وبالغالب، يكون خَلَفُهُ ناكرا لأيِّ مُنجَز ويَشرَع بإقاف المشروع برمّته، ويبادر بأفكار أخرى، وهكذا دواليك.

نيسان ـ نشر في 2015-08-03 الساعة 10:24

الكلمات الأكثر بحثاً