اتصل بنا
 

حكومة الرزاز.. من الريع إلى الإفلاس

نيسان ـ نشر في 2020-04-26 الساعة 22:59

x
نيسان ـ نيسان خاص ... تميل خطابات الدكتور عمر الرزاز، عمومًا، إلى التحليق في مستويات الشعاراتية والعاطفية أكثر من ميلها إلى الواقعية، فقد رفع شعار الانتقال بالدولة من الريع إلى الانتاج طوال الأشهر الأولى من تسلمه زمام الحكومة، لكنه وفي سبيل تمرير موازنة 2020، ذهب إلى أقصى ما يمكن أن تنفذه دولة الريع من التوسع في الانفاق الجاري.
ويتضح ذلك عمليا من خلال الموازنة وتوجهات الحكومة للتوسع في الانفاق المغطى بالقروض المحلية والأجنبية.
بداية، لا يجوز أن تتولى الاتجاهات غير المجربة والليبرالية، حتى في معاقل الليبرالية والنيوليبرالية في أوروبا وأمريكا، مراكز إدارة سياسة الدولة المالية، حيث لا حظنا أن خطابات الدكتور محمد العسعس كانت متحمسة، بل ومندفعة لأرقام الموازنة، التي هي بالأساس ارقام وقيم افتراضية.
نعم، لقد ذهب العسعس بعيدا إلى درجة أنه غيّر رقم نسبة الزيادة في النفقات الرأسمالية في الموازنة المنتظرة أكثر من مرة، والغريب أنه لم يذكر النسبة الصحيحة ولا مرة، بل إنه تجاهل أن أرقام الانفاق الرأسمالي وهمية تماما، واذا أراد أن يتوصل للأرقام والنسب الحقيقية، ولو أراد لكان عليه مراجعة النفقات الحقيقية في موازنة 2019 ، حيث تراجعت الحكومة عن الانفاق حسب قانون الموازنة وألغت معظم تلك المخصصات.
لكن هذا كله، كان قبل كوفيد 19 ، الذي لم يمنح الحكومة فرصة النجاة من 2020 ، كما نجت هي وسابقاتها من الحكومات المتتالية، على مدى السنوات السابقة، بل إنه تسيّد المشهد عنوة، وأخضع شعارات الحكومة وأرقامها وخططها للامتحان الصعب، وحدث ذلك برغم اعتماد الحكومة على استثمار الوباء سياسيا، حيث تعجلت فرض قانون الدفاع، ليصبح الرئيس، السياسي الناعم، حاكما عسكريا؛ يفرض حظر التجول، ويصدر آوامر الدفاع تباعا، وكأن البلاد دخلت معركة مصيرية تستدعي النفير العام.
وهنا؛ ليست القصة التهوين من خطورة جائحة الكورونا، بل انه ليحق للمتابع استهجان حجم استثمار الجائحة، من قبل بعض مراكز القرار، التي حاولت الزج بالمؤسسات العسكرية والأمنية؛ لتكون هي الصدّام الذي يحمي هيئة النظام الأمامية، من مواجهة الجماهير المسكونة بهموم ما قبل وما بعد الكورونا.
فالتقييمات العلمية العالمية، الموضوعية، صممت أكثر من برتكول للتعامل بواقعية مع هذا المرض، بحيث يتم التركيز على تعزيز المنظومة الصحية، والتشديد على الجوانب التوعوية التي تمكن الوقاية على المستوى الاجتماعي، مع ضرورة استمرار النشاطات الاقتصادية التي تضمن استمرار عمل سلاسل توريد المواد الأساسية والخدمات، وبالتالي ضمان استمرار تدفق الدخول للعاملين في هذه القطاعات الواسعة والمتشعبة.
أخيرًا، لقد حيّرنا هؤلاء السادة الليبراليون؛ ففي الوقت الذي أدخلوا البلاد في ألف عنق زجاجة اختبار وتجريب، هاهم يتجهون لاستخدام أدوات وحلول اقتصادية ثورية، مثل الاقتطاعات من الدخول وتقديم الدعم للمتضررين وطرح أفكار شبه تأميمية، للخروج من أزمة كورونا...
ماذا يعني ذلك؟! بالتأكيد ليس لذلك إلّا معنى وتفسير واحد؛ إنه الافلاس السياسي، بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، نعم، فلم يعد لدى هؤلاء الليبراليين الجدد ما يقدمونه.

نيسان ـ نشر في 2020-04-26 الساعة 22:59

الكلمات الأكثر بحثاً