مواطنون أم رعايا
نيسان ـ نشر في 2015-08-03 الساعة 16:59
نيسان ـ
في الوقت الذي تتعهد به الدول الغربية حماية مواطنيها، وتدوّن ذلك نصا صريحا على الصفحة الاولى في جواز سفرها، تلوح دولة عربية بتحميل مواطنيها غرامات مالية في حال فقدان جواز السفر.
"جواز السفر" يعني لحامله انه يتمتع بحقوق المواطنة وواجباتها. ويعني انه ليس منبتا، وأن وراءه دولة وليست عشيرة، او طائفة. دولة مثل كندا تحرص على تعزيز المواطنة صراحة في ذهن مواطنيها وذلك عبر كتابتها على الصفحة الاولى في جواز السفر: (نحرك أسطولنا من أجلك).
ودولة مثل بريطانيا لا تخرج عن الفكرة ذاتها، عندما كتبت التالي على صفحة الجواز الأولى: (ستدافع المملكة المتحدة عن حامل هذا الجواز حتى اخر جندي على أراضيها).
ودولة مثل أمريكا التي كتبت: (حامل هذا الجواز تحت حماية الولايات المتحدة الامريكية فوق اي ارض وتحت اي سماء).
أما في دول عربية كثيرة فتسقط كل هذه المعاني من حسابتها، وتؤكد على ان فقدان الجواز سيقابله غرامات مالية (رادعة) ثم نسأل عن الفرق بيننا وبينهم.
هل تنظر تلك الدول لمواطنيها بوصفهم مواطنين ام انهم مجرد رعايا؟
المسألة ليست مجرد كلمات. فالدول التي تحترم مواطنيها تفرض على الاخرين احترامهم.
ماذا لو تعرض بريطاني لحادث سير في عمان أو بغداد او الرياض او الكويت او بيروت أو تونس .. أو .. أو .. عندها ستقف المؤسسات المعنية على قدم وساق خدمة ورعاية له. أليست الأمور تسير بهذه الطريقة؟
المبكي ليس في هذا بل في ان المواطنين العرب استسلموا لهذا المعنى وانساقوا إليه، ومن دون ان تصدر تعليمات واضحة. يدرك رقيب السير في اي عاصمة عربية أنه في حال وقع حادث سير بين مواطنه ومواطن كندي مثلا ان عليه الاهتمام بالمواطن الكندي أولا، الذي سيحظى بالرعاية التي يفرضها علينا (جواز سفره).
اتذكر يوما وقع حادث سير في القاهرة بين حافلتين الأولى كان يستقلها مواطنون والأخرى لحافلة سياحية تقل سياحا غربيين.
في اليوم التالي صفعت الصحف ووسائل الاعلام المواطن المصري وهي تكشف له عما جرى.
ما جرى ان السياح المصابين نقلوا على عجل الى افخم المستشفيات المصرية واشهرها فيما نقل المصابون المصريون الى مستشفياتهم الحكومية التي تشكوا من كل شيء سوى الصراصير.
ليس هذا فقط. قبل نقل السياح الاجانب الى مستشفيات (5 نجوم) وراح الدفاع المدني المصري او اي كان اسمه يرعى (الخواجا) بمقلة العين، فيما رأى المصابون المصريون (نجوم الظهر) وهم ينقلون بسيارات خاصة أو ربما تركوا ليواجهوا مصيرهم في صمت.
تلك الحادثة جرت على وقع الربيع العربي.
المصيبة ان مصر اليوم افظع حالا وربما لو وقع حادث سير مثيل اليوم في (مصر السيسي) لكان على رسام كاريكاتير ان يرسم التالي: رجل امن يتخلص من الجرحى باطلاق النار على رؤوسهم فيما ينشغل رجال الاسعاف بنقل السياح الصفر الى نجومهم الخمس.
نريد ان نرى دولا عربية لا ترى في مواطنينا مجرد ارقام سواء في سوريا التي تذبح او في مصر التي تطحن، أو في بيروت التي تعجن بصمت ورويدا رويدا من الوريد الى الوريد.