اتصل بنا
 

يا جميلة الرشيد...فجأةً ثَملتْ الآلهةُ فَمَنحتْ حياتنا نصف بهجة بِمَحضِ الصُدفةِ

كاتب أردني

نيسان ـ نشر في 2020-05-05 الساعة 20:45

نيسان ـ في الليلِ تفترضُ قليلاً من مستحيلاتكْ
ثمّ تعزفُ موسيقاكَ بلا كمنجةٍ
ثمّ تستبدلُ توقيتَ العالمِ بتوقيتكَ الهلاميّ
ثمّ تغفو على عرشكْ !
في البدءِ كُنّا نَكتبُ موسيقى النَشْوة الأولى على الحيطانِ ولا نَقرَؤُها، ثُمّ صِرّنا نَكتبُ قصائدَ حُبٍّ على مَرايا العُمرِ الجميلِ ولا نَفهمُها، ثُمَ تَلحَّفْنا بِعَباءَةِ ليلٍ طَويلٍ يُحَيِّدُ كُلَّ شَيءٍ حَولَنا، يَصْحبُنا نِصفُ قَمَرٍ تاهَ عن مَجرَّتِنا ثمَّ طلبَ حَقَّ اللجوء في عِلِّيَةِ الدارِ،بَعدَ أنْ عانَقَ مَناشير عِشّقٍ أدْمَنّا عليها قَبلَ سِنِّ الرُشدِ.

في البَدءِ كانتْ الآلِهةُ وحيدَةً تحْتفلُ وَراءَ سِتار يَحتضِنُ ظَلَّها, والقناديلُ مُطفَأةٌ في الزقاقِ المَهْجورِة إلاّ من بعضِ العُشّاقِ الجُدُدِ، ثمّ جاءتنا بَعضُ الشُهُبِ المُتَمَرِّدةِ على قوانينِ الجاذبِيَّةِ كَيْ تَطلُبَ الغُفران في مِحّرابِ الليلِ الثَمِلَ بِسَوادهِ بَعدَ أنْ طَرَدَ كُلَّ النجومِ، وفجأةً ثَملتْ الآلهةُ فَمَنحتْ نصفَ القمرِ جوازَ سَفرً وضَمَّتْ النجومَ إلى صَدرها بَعدَ أنْ مَزَّقتْ عَباءةَ الليلِ ثُمَّ جادَتْ عَلينا بحُرّيَةٍ سقطتْ من جُعبَتها بِمَحضِ الصُدفةِ.
هكذا بدأت (جميلة الرشيد) كلماتها في الأمس من على شُرفةِ منزلها وهي تنظر نحو البعيد وتبتسم، كانت تَشرُدُ لِبُرهةٍ ثُمَّ تُكمِلُ حديثها لأحفادها، أحفادها الأوائل (هُمُ الراءات) هم وحدهم فقط الذينَ احتضنتهم منذُ الولادة، وأغدقتهم بحبٍ وغزلٍ، وأذكر أحد (راءاتها) حين قال: " جميلة!... سَنةً أخْرى كَيّْ أُحِبّكِ الآنَ أَكْثرْ
سَنةً أخْرى كَيّْ أتَعبَّدَ في مِحّرابِ قَلبٍ صارَ بِحَجمِ الكَوْنِ أوْ أكْبَرْ
سَنةً أخْرى كَيّْ يَبْتَسِمَ اللهُ مَرَّةً أخْرى لأَنَّكِ أجْملُ ما خَلَقَ وما صَوَّرْ
أعْلِنُ أنَّ لِلأرْضِ قَمَرَينِ، قَمرٌ في مَدارِ الأرضِ وأنتِ في مدارِ قَلْبٍ قدْ أَزْهَرْ
أُعْلِنُ أنّي أحِبُّكِ الآنَ أكْثَرْ"...
تناوَلَتْ ( الجميلة) وهي مُرتبكٌ وخَجِلَةْ دلة قهوةٍ هي صديقتها في كل يوم،
وقالت ضاحكةً وهيَ تُقدّم لي فنجاني:
أنا أصنعُ القهوةُ بالحبْ !
......
وهوَ كذلكَ يا حبيبتي ، أجملُ حُبّْ!.
كانتْ تُخبّئنا منْ حَبّاتِ المطرِ وأبناءها ذات غضب
وكانتْ تُقْرِضُنا ضُحْكَتها عندما تَضيعُ الضحكاتُ في الطريقْ
وكانتْ تُطعِمنا خُبزاً سِرّيَّ الخَلطةِ
نعمْ!
كانتْ و ستبقى ولا أجمل!.
في المَسافةِ بَينَنا
نِصفُ مِترٍ
و صورةٌ قديمة ذات زمن
رُغمْ حُمّى القلقِ
تَختلطُ كلُّ الصورِ في مُسْتنقعِ الذاكرةِ
إلاّ هي
فهي ما تَبقّى منْ يَقينْ...
وثلاثةُ كُتبٍ مُقدّسةٍ
وما تَيسَّرَ منْ فلسفةِ العَذارى
جميلة في رصيدها الكثير من الحب، فهي الرابِحُ الأكبر في مدارها يدور ثلاثُة أقمارٍ، وخمس نجماتٍ، وتسعةٌ وعشرون كوكب.
في ظلّ زَيّتونةٍ ( رومانِيّةٍ) كانتْ البِدايةْ
كانتْ تحّفرُ ابتِسامَتها على حَوّافِ الأفقِ هناكْ
كانتْ تَتوجّسُ من خُطُواتِ العصافيرِ حتّى لا يكونَ أحَدُ ( العَوازلِ) في الجِوارْ
كانتْ تَرّبطُ مِنديلَها على غُصّنِ الخَرّوبةِ المُجاورةِ
ثُمَّ تُصّلي للريحْ
كانت تُمارسُ طقوسَ الشَوّقِ ذي الوجّنَتيّنِ المُتوردّتيّنْ
كانتْ تُعانقُ النرّجسَ البريَّ بشغفٍ حَتّى حضرَ الطوفانْ
هي الآنَ تَعومُ ضِدَّ التَيّارْ!....

نيسان ـ نشر في 2020-05-05 الساعة 20:45


رأي: رأفت القبيلات كاتب أردني

الكلمات الأكثر بحثاً