اتصل بنا
 

عندما تقتل الأنثى لأنها أنثى

كاتب

نيسان ـ نشر في 2020-05-09 الساعة 11:42

نيسان ـ القاتل ذكر والضحية أنثى.. هكذا تبدو العناوين بكل ما تحمله من ألم و وجع يعصف بقارئها! فتاتين قتلن في أقل من شهر كان آخرههن طفلة لم تبلغ الرابعة عشر من عمرها، قتلها أخيها بسبب حساب فيسبوكي! خبر القتل يمر مرور الكرام، وتكتفي وسائل الأعلام بنقل الخبر دون إعطاءه مساحة كافية لإبراز خطورة الظاهرة و بيان اسبابها وكيفية الحد منها، ان لم يكن هناك إعلاما يزيد الطين بلة، ومنابر قد تحرض الذكور على النساء و تربط مفاهيم الرجولة بالهيمنة والسيطرة على المرأة ، و تبرز الذكورية السامة او السلبية وتعززها، بدلا من ابراز المنظومة القيمية والاخلاقية الشرف باعتباره قيم جوهرية للانسان، سواء كان رجلا او امراة، فالشرف قيم إنسانية عليا للإنسان بوصفه إنسان وليس لجنس دون آخر، ولا سيطرة او افضلية جنس على آخر، وأن الأساس أن ما يعاب على المرأة بجب ان يعاب على الرجل، من حيث المبدأ ان كان هناك مبدأ أصلا! .
يعتبر قتل المرأة أقصى درجات العنف ضد المراة، العنف القائم على الجنس، في مجتمع تقليدي يعطي حق الوصاية للذكر على المرأة نتيجة اختلال موازين القوى التي تعززه الثقافة والأعراف الذكورية السلبية، و التي تمنح الرجل حق بسط نفوذه وسيطرته على جسد المراة بوصفها ضلع قاصر أو جزء من ممتلاكته، يعكس مفهوم الشرف بقوة العنف ضد المراة! أكثر من ثلث الجرائم في الاردن ضحيتها نساء ، وخمس النساء الضحايا هن طفلات اقل من 18 عام، ثلث النساء الضحايا يتم قتلهن بذرائع الحفاظ عل الشرف او يسمى غسل العار، ولكن في الواقع قد تستخدم تلك الذريعة لقتل المراة لاسباب أخرى كحرمانها من الأرث!
من اهم اسباب قتل النساء العنف الاسري والخلافات العائلية، شكوك في سلوك الانثى، اي اعتقاد في نفس الجاني تجاه سلوكها، خلافات نتيجة الفقر والحالة الاقتصادية ، الزواج المبكر، وأسباب أخرى، كالخوف من فضح اغتصابها و مراودة الجاني للضحية. اكثر من 86 بالمئة من مرتكبي الجرائم ضد المراة هم ذكور. كالاخ ، الزوج، الأقارب والاب، والنسبة التي ترتكبها نساء تكون بالاشتراك وتحريض الذكور، اكثر من80 بالمئة من الضحايا اللواتي يقتلن بداعي الحفاظ على الشرف ومحو العار هن بريئات أساسا مما اتهمن به، وخاصة بعد الكشف عليهن من قبل الطب الشرعي.
للاسف ان العنف ضد المراة يواجه في احيان كثيرة بقبول مبطن يأخذ شكل الصمت وتبرير الجريمة ، والذهاب لتجريم ولوم المرأة الضحية، حتى في غياب السبب، ويواجه بتسامح في مجتمع يعتبر الرجل مناط به حماية الشرف الذي يختزل في جسد المراة دون الرجل، وكأن الشرف شأن أنثوي خالص، الرجل يثأر والمراة تحمل شرف العائلة والعشيرة والقبيلة، جسدها ليس ملكها، بل امتداد للعائلة والعشيرة والقبيلة، الذين يحددوا احداثياته و أوضاعه وحدوده وتفضيلاته وفق الثقافة وانتاجها التشريعي الذكوري في الحقيقة لانتاج وتشكيل هذا الجسد السياسي بكافة ابعاده وكيفما تتفق التيارات المتصارعة عليه!
المراة تقتل لمجرد اعتقاد وشك في سلوكها والرجل غالبا يحتفى بغزواته الجنسية دون ادانته ولومه وتجريمة لذات الفعل. القتل مرفوض شرعا وقانونا، مهما كان السبب، ولا يجب أن بتم تنفيذ اعدامات ميدانية باسم اعراف ظالمة يرتكبها ذكور مغرر بهم، بمباركة شعبية او فهم مغلوط للدين والقانون! لينصب ذكرا نفسه وصيا دائما يقرر الحياة والموت ويمنح حق الحياة او ينزعه من جسد آخر، لاعبا بذلك دور الشرطي والحاكم والجلاد بمعزل عن القانون والأخلاق .
إن السبيل للحد من قتل النساء يكون بفك هيمنة و وصاية وسلطة الرجل على كيان وجسد المراة، والاعتراف بكينونتها واهليتها و هويتها المستقله عنه واحترام تلك الكينونة، وعدم التمييز في الحقوق والمعاملة بين الجنسين منذ نعومة الأظافر، ومهما كان الفعل جسيما فهناك خيارات و وسائل قانونية واخلاقية وقيمية للتعامل مع اي سلوك، وان الدين النصيحة، سواء في التعامل مع الذكر او الأنثى. المراة كائن لم يخلق ليقتل ولم يخلق ليهان ولم يخلق ليتم اعتبارها انسان او مواطن من الدرجة الثانية، ولا انسان قاصر ولا ليتم التمييز ضدها في اي حق انساني، بل هي انسان كما الرجل، لها ما لها وعليها ما عليها على اساس حق المواطنة والانسانية وحق الحياة وتقرير المصير، في القرن الواحد والعشرين، لا زالت المراة تقتل لأنها إمرأة!

نيسان ـ نشر في 2020-05-09 الساعة 11:42


رأي: فراس عوض كاتب

الكلمات الأكثر بحثاً