اتصل بنا
 

لا تستهبلوا علينا

أكاديمية أردنية

نيسان ـ نشر في 2020-05-11 الساعة 22:59

نيسان ـ سألت رجل تجاوز السبعين من العمر، عمي هل تذكر حدوث وباء مثل كورونا؟ قصدت من سؤالي وباء يشمل جميع العالم بنفس التوقيت، أجاب: لا، زهقته بسؤال آخر، طيب عمي لو صار وباء شو راح تتصرفوا؟ أجاب: ما كنا عرفنا أصلاً. أردفت خائفة من العم وسألت: حجي بالله عليك لمتى رح يظل الكورونا؟ أبتسم وقال: هااا ليش هو في كورونا؟ حينها أدركت أن العم عايش هدات البال ومش سائل. بالمجمل لم أكن مع نظرية المؤامرة ولا فكرة وباء عالمي، و لا ندري إلى متى، ولا ماذا نفعل ما باليد حيلة، ولا مع تكتيكات الانتخابات الأمريكية والأزمة الصينية، لا يهمني طالما أن البيئة السياسية العالمية عبارة عن كوكتيل بخلاط، الخلاصة عصير لذيذ أو عصير "بنشر بش" كله بخلط في كله، والمعصور هو الشعب من نزاع أحادي أو ثنائي أو تعدد قطبي، أدعو الله تضرعاً وخشية أن "يُقطُبكم" بخيط وإبرة مثل ما كان والدي رحمة الله عليه يُقطب الجُربان المهترئ.
المهم في القضية الناس وصلت لمرحلة "الفرفطة" بمعنى، لن التزم بأي شي طالما ما في حماية لحقوقي كمواطن، يعني بالبلدي "فكوا عن سمانا"، صديقة تسأل: التصاريح للأربع وعشرين ساعة لبعض الأشخاص هل يتم مراقبتها؟ تُضيف الحبيبة: أراهم في ظل الحجر الصحي يقيمون عزائم الإفطار في بيوتهم أو يقبلوها بذريعة معهم تصريح، وأنا لم أستطع ضم حفيدتي لصدري منذ ولادتها وقد بلغت الشهرين.
والأدهى، المستأجر وما أدراك بمتاهة آخر الشهر والشهر على الباب، أحدهم يستنجد قائلاً: صاحب البيت يُطالب وأنا لا املك فأين أذهب منه ومن الإيجار، والجيران أكلوا وجهي "أعطيه فهذا حقه"، طيب وأنا من يعطيني الحق بالعيش بكرامة يا أصحاب المعالي والكرامات! هل وصل الحال بالسيدات العفيفات المستورات الإعلان عبر مواقع التواصل الاجتماعي العمل في البيوت وبأقل الأسعار وإذا ما عجبك الشغل لا تدفع! مقولة بأن "الحاجة أم الاختراع" نضحك على أنفسنا إذا صدقناها في ظل هناك من يتجرع الفقر والعوز والآخر ينهب من مقدرات الوطن، ضمن التساؤل الأخير عبر الإعلام المقروء "وين راحت المليارات يا...؟".
لا نختلف بأن الطبيعة تصالحت مع الكون والطيور والحيوانات تنفست الصعداء، إلا أننا أمام كارثة مجتمعية أشد وأعتى من الكورونا، الشعب يختنق من تجاوزات الواسطة والمحسوبية، المواقع الإخبارية العالمية ما عندها شيء مخبأ كله ع المكشوف، والمصداقية المحلية تنقل المعلومة من موظف الوزارة وأبن عم الوزير وخاله وعمه لموظف من وزارة ثانية وثالثة، وكله يصب تحت بوتقة واحدة تسمى "الخبر سيصل للمواطن". إذا نزل المواطن لن يرضى بالدوار الرابع ولا ساحات الوطن، لن تحميكم يا أصحاب المعالي لا الكمامات ولا الكفوف، وشعارهم: "ما هي فارطة فارطة ما ضل أشي نخاف عليه"، بدليل اليوم صفقوا لوزير الصحة وعند التقصير غير المقصود بدأوا "بتمزيعه"، اليقين والعقل يقول بأن المواطن ليس له صاحب إلا حقه، ولا تراهنوا على قدرته على التحمل، هي هيك " أعشق تراب وطني بس لا تستهبلوا علينا".

نيسان ـ نشر في 2020-05-11 الساعة 22:59


رأي: د. الهام العلان أكاديمية أردنية

الكلمات الأكثر بحثاً