أحبك عزيزتي أكثر من محاضرة فائضة عن الحاجة تقول شيئا ما عن الانتخابات البرلمانية
نيسان ـ نشر في 2020-05-12 الساعة 03:52
نيسان ـ لقمان اسكندر
بدت حزينة اليوم أكثر من أي وقت مضى. قلت لها: ينتابك حزن بطعم الغضب. اعلم أن فايروس كورونا يحاصرها. لم تقل شيئا. فقط ابتسمت باصفرار.
هذا المساء، كانت مشغولة بمحاضرة تتابعها عن بعد، بأمر من الدفاع. تجنّبتْ تعليقي، وعادت لمتابعة المحاضرة. أما أنا فنحيت نفسي جانبا، تماما في البقعة المقابلة من الكنبة. غزلتني عن غضبها، وبدأت اكتب في ملاحظات هاتفي: "دعونا نعترف اولا ان فايروس كورنا اعاد صياغة نظرتنا للحياة بأسرها. لكن ما زال مبكرا رؤية كيف؟ فماكينة الفايروس اليوم ما زالت مشغولة بطحن كل ما استقرت عليه البشرية".
لم يرق لها اعتزالي عنها. هي دائما ما تنبهني أن علي ان التصق بها أكثر، اذا ما شعرتُ بتوترها من شيء ما. حتى لو كنت أنا سبب توترها.
تذكرت ذلك، فاقتربتُ. نظرتْ إلي وصوت المحاضر يقول شيئا ما، وتمتمتْ: "لقد ابتعدت!" فاعتذرت بأني كنت اريد أن أفرّغها للمحاضرة. لم أكذب. ولم أكن صادقا أيضا.
"من المبكر استنباط خلاصة طحن كورونا للحياة المعاصرة، سوى أننا سنراها تدريجيا". كتبت في ملاحظات هاتفي.
شيء ما جعلني انتبه للمحاضر وتعليقات الجمهور. كانوا يقولون شيئا ما عن الانتخابات البرلمانية والتحضير لها.
خشيت لو أقول لها أن كل ذلك حرق للوقت فتنفجر في وجهي. قلت لنفسي: لعلها ستدرك هذا لاحقا. لم تمض دقائق حتى بدا عليها الملل مما يقوله المحاضر والمعلقون.
سعدت أنا بمللها منهم. الان ستتفرغ لي. فكرت في نفسي. لكني على أية حال مسكت هاتفي وكتبت التالي: "أرى أن الفايروس يعيد الاعتبار لجوهر البشرية. هو اليوم ينفض الغبار الملون الذي علق على حياتنا لأكثر من قرن".
المحاضر اياه ما زال يثرثر عن الانتخابات النيابية والتحضير لها. هي تعلم أن كل ذلك لا يغريني بفلس.
لهذا تابعت كتابة ملاحظاتي عن دورة حياة البشرية لحقبة ما بعد كورونا: "اذا كان من الصعوبة حاليا التنبيه للشكل النهائي لحياة الناس لما بعد الفايروس، فإن دور واحد من الأشخاص يبدو اليوم جوهريا، لصياغة المستقبل؛ إنه المفكر.. دور المفكرين مركزي جدا، اذا ما ارادنا اعادة عربتنا الى سكتها.
فجأة بدأ غضبها بالانطفاء، فاقتربت منها. اقتربت أكثر. سوى أنها ما زالت تقبض على هاتفها لمتابعة المحاضرة.
ليكن. فلتفعل ما تريده. أما أنا فكتبت: "ها قد وقعت عربة البشرية عن السكة المعاصرة التي ظننا أنها متينة. وها قد رأينا كم هي هشة، وقابلة للتداعي بفايروس".
لاحظت هي أخيرا "حركشاتي"، ويبدو أن ذلك راق لها. لكني على أية حال كنت قد بدأت ادخل في حواري الداخلي عن بشر ما بعد كورونا فقلت لنفسي: "البناء الحضاري الذي انتجته البشرية منذ مئة عام يهوي بثقل وزن فايروس. ليس لأنه غير ثابت، بل لأن بنيانه كان غلط".
هكذا يجري الأمر: عرش المدنية المعاصرة يتداعى. أما المجتمع الذكي فهو الذي سيذهب الى خلاصة مفادها أن الفايروس جرس انذار. جرس علقه الفايروس على رقبتنا. لهذا علينا أن نعيد صياغتنا - افرادا وجماعات -لشكل جديد لحياة "ما بعد المعاصرة".
هذه المرة بدت كأنها تريد أن انفعل معها، واسحبها عن محاضرة فائضة عن الحاجة تقول شيئا ما عن الانتخابات البرلمانية.
استجبت. عموما كان فنجان النسكافيه الذهبي قد انتهى، وآن موعد اطفاء الضوء. قامت هي وأطفأته. فابتسمتُ أنا بخبث. قلت لها أحبك عزيزتي أكثر من محاضرة عن الانتخابات البرلمانية. فنكزتني.
بدت حزينة اليوم أكثر من أي وقت مضى. قلت لها: ينتابك حزن بطعم الغضب. اعلم أن فايروس كورونا يحاصرها. لم تقل شيئا. فقط ابتسمت باصفرار.
هذا المساء، كانت مشغولة بمحاضرة تتابعها عن بعد، بأمر من الدفاع. تجنّبتْ تعليقي، وعادت لمتابعة المحاضرة. أما أنا فنحيت نفسي جانبا، تماما في البقعة المقابلة من الكنبة. غزلتني عن غضبها، وبدأت اكتب في ملاحظات هاتفي: "دعونا نعترف اولا ان فايروس كورنا اعاد صياغة نظرتنا للحياة بأسرها. لكن ما زال مبكرا رؤية كيف؟ فماكينة الفايروس اليوم ما زالت مشغولة بطحن كل ما استقرت عليه البشرية".
لم يرق لها اعتزالي عنها. هي دائما ما تنبهني أن علي ان التصق بها أكثر، اذا ما شعرتُ بتوترها من شيء ما. حتى لو كنت أنا سبب توترها.
تذكرت ذلك، فاقتربتُ. نظرتْ إلي وصوت المحاضر يقول شيئا ما، وتمتمتْ: "لقد ابتعدت!" فاعتذرت بأني كنت اريد أن أفرّغها للمحاضرة. لم أكذب. ولم أكن صادقا أيضا.
"من المبكر استنباط خلاصة طحن كورونا للحياة المعاصرة، سوى أننا سنراها تدريجيا". كتبت في ملاحظات هاتفي.
شيء ما جعلني انتبه للمحاضر وتعليقات الجمهور. كانوا يقولون شيئا ما عن الانتخابات البرلمانية والتحضير لها.
خشيت لو أقول لها أن كل ذلك حرق للوقت فتنفجر في وجهي. قلت لنفسي: لعلها ستدرك هذا لاحقا. لم تمض دقائق حتى بدا عليها الملل مما يقوله المحاضر والمعلقون.
سعدت أنا بمللها منهم. الان ستتفرغ لي. فكرت في نفسي. لكني على أية حال مسكت هاتفي وكتبت التالي: "أرى أن الفايروس يعيد الاعتبار لجوهر البشرية. هو اليوم ينفض الغبار الملون الذي علق على حياتنا لأكثر من قرن".
المحاضر اياه ما زال يثرثر عن الانتخابات النيابية والتحضير لها. هي تعلم أن كل ذلك لا يغريني بفلس.
لهذا تابعت كتابة ملاحظاتي عن دورة حياة البشرية لحقبة ما بعد كورونا: "اذا كان من الصعوبة حاليا التنبيه للشكل النهائي لحياة الناس لما بعد الفايروس، فإن دور واحد من الأشخاص يبدو اليوم جوهريا، لصياغة المستقبل؛ إنه المفكر.. دور المفكرين مركزي جدا، اذا ما ارادنا اعادة عربتنا الى سكتها.
فجأة بدأ غضبها بالانطفاء، فاقتربت منها. اقتربت أكثر. سوى أنها ما زالت تقبض على هاتفها لمتابعة المحاضرة.
ليكن. فلتفعل ما تريده. أما أنا فكتبت: "ها قد وقعت عربة البشرية عن السكة المعاصرة التي ظننا أنها متينة. وها قد رأينا كم هي هشة، وقابلة للتداعي بفايروس".
لاحظت هي أخيرا "حركشاتي"، ويبدو أن ذلك راق لها. لكني على أية حال كنت قد بدأت ادخل في حواري الداخلي عن بشر ما بعد كورونا فقلت لنفسي: "البناء الحضاري الذي انتجته البشرية منذ مئة عام يهوي بثقل وزن فايروس. ليس لأنه غير ثابت، بل لأن بنيانه كان غلط".
هكذا يجري الأمر: عرش المدنية المعاصرة يتداعى. أما المجتمع الذكي فهو الذي سيذهب الى خلاصة مفادها أن الفايروس جرس انذار. جرس علقه الفايروس على رقبتنا. لهذا علينا أن نعيد صياغتنا - افرادا وجماعات -لشكل جديد لحياة "ما بعد المعاصرة".
هذه المرة بدت كأنها تريد أن انفعل معها، واسحبها عن محاضرة فائضة عن الحاجة تقول شيئا ما عن الانتخابات البرلمانية.
استجبت. عموما كان فنجان النسكافيه الذهبي قد انتهى، وآن موعد اطفاء الضوء. قامت هي وأطفأته. فابتسمتُ أنا بخبث. قلت لها أحبك عزيزتي أكثر من محاضرة عن الانتخابات البرلمانية. فنكزتني.
نيسان ـ نشر في 2020-05-12 الساعة 03:52
رأي: لقمان اسكندر