اتصل بنا
 

في جامعة مؤتة..

كاتب اردني

نيسان ـ نشر في 2020-05-13 الساعة 21:15

نيسان ـ بعد مرور واحد وعشرين عاما على تخرجي ، لم أكن قد شرعت في العد ، غادرت المنزل مع ابنتي الاء لاستكمال إجراءات القبول في الجامعة،
في تلك اللحظة وحسب تفكيري النمطي لطالب في جامعة مؤته ارتديت أجمل ملابسي وحلقت ذقني وسرحت شعري وتعطرت، ففي حضرة الجميلات عليك أن تكون اكثر أناقة..
الصفعة الاولى:
حرس البوابة الرئيسية الشمالية رفض ادخالي الى الجامعة الا بعد تسليمه الهوية واعطاني تصريح ...
الجدير بالذكر يوما ما كنت اعرف جميع النشامى الذين يحرسون الباب ومعي كتب ودفاتر تشي بشخصيتي.
اخذت بيد ابنتي ومشينا باتجاه عمادة شؤون الطلبة..
قلت لابنتي الاء هل تصدقي أنني كنت طالبا هنا يوما ما ؟
من الممكن انها لم تصدقني او انها راحت تفكر كيف كانت الجامعات والطلبة في تلك الأيام...
وكانت تلك الصفعة الثانية ..
عندما وصلت الى ساحة النافورة سألتني صبية بعمر ابنتي وهي تنادي عمو عمو عمو لو سمحت وين العمادة؟؟
يا إلهي كم كبرت ...
أين ضاعت كتبي ودفاتري .
أين ضاع اسمي ..
اين هويتي الجامعية ؟؟
اين زملائي وزميلاتي...واساتذتي..
كيف بلغت من العمر عتيا....
وأصبحت( عمو) دفعة واحدة!!
كانت ابنتي قد أجابت على سؤال الصبية وانا كنت غارقا في صمتي ...
انا الطاعن في كل هذا العمر..
انا سيد الخيبات..
انا سيد الأحلام التائهة ما بين مد وجزر .
على إدراج كلية التربية قابلت صديقي سامي ...
سامي لم يعد شابا مثلي .. فقد صار استاذ في كلية التربية
حتى صار اسمه الدكتور سامي الختاتنة..
في البداية قلت اهلا بك عزيزي سامي ..
الأمر لم يروق لي بعد أن سمعت عدد من الطلبة يتحوقلون حوله ويقولون دكتور سامي .
اذن..
سامي كبر مثلي ..
كنت أفكر..
انا وسامي كبرنا..
حرس البوابة ايضا كبروا ..
بائعي المطاعم وسائقي الباصات ايضا يكبرون..
لست وحدي من يفعل ذلك ...
لماذا كبرنا بسرعة ......
كنت أفكر في زملائي الذين ربما بقوا هنا ...
بحثت في جميع مكاتب الجامعة حتى وجدت أحدهم هو صديقي (يحيى المحادين ) يا الهي كم تغيرت ملامحه هو ايضا كبر معنا ...
يحيى كان موظف في الجامعه وكان يدرس في الجامعة اللبنانية ، كان صديقي العزيز .. كنت احفظ ملامحه عن ظهر حب ...
كيف كبرت يا يحيى على غفلة مني ....
كبرت يا جدتي الى الحد الذي لم تعد حكاياتك تروق لطفولتي
كبرت يا أمي حتى أنني لم اعد قادرا على البكاء ..
كبرنا أيها الصحب الطيب الى الحد الذي أصبحت فيها همومنا أكبر من أحلامنا...
ما اشقانا وما اتعبنا.. بحياتنا ..
ولا حول ولا قوة الا بالله ..

نيسان ـ نشر في 2020-05-13 الساعة 21:15


رأي: محمود الشمايلة كاتب اردني

الكلمات الأكثر بحثاً