اتصل بنا
 

تَشربُ كأساً من النَبيذِ المُعتّقِ ثمّ تَصرخُ بأعلى صَوتكَ: مَنْ انا ؟!

كاتب أردني

نيسان ـ نشر في 2020-05-29 الساعة 17:39

نيسان ـ هيَ قِطعةُ موسيقى تَضربُ على أعصابِكَ المُتآكلةِ، ثُمّ تُعيدُ تَعريفَ الكونِ بناءً على بُعْدٍ جَديدٍ اكْتشفهُ أحدُ القابعينَ في مُختبرِ الفيزياءِ النظريّةِ..فتَشربُ كأساً من النَبيذِ المُعتّقِ، ثمّ تَصرخُ بأعلى صَوتكَ: مَنْ انا ؟!
ولا مُجيبَ إلاّ الصدى !
مُنذُ أكثر مِن أسبوع وانا مُعزولٌ تماماً، مُنطوٍ وَ مُنّغَلِقٌ على نفسي، أحاوِلُ ترتيب قُطَعي المتناثرة هنا وهناك، أُرَّقِمُ ذاتي المكسورة، أعزِف بعض حُلُمْ، أقاتِلُ الفراغْ، و أحاوِلُ أن أنتصر.
هَجرتُ مواقع التواصل الإجتماعي، دون أن ألتَفِتَ خلفي، كُنت واثقاً بأنني داخل هذه المنظومة الحسابية مُجردُ رقم لا أكثر، وإن غبتُ او حضرت لا فرق الا في عدد ( اللايكات) عند بعض الأصدقاء فقط، والحفاظِ على بعض ( الميغابايت) التي تمنحها لي شركة الإتصالات عند تجديد الإشتراك، ولكن لا بُدَّ وأن تُخطئ في حساباتك او في قراءتك للمشهد، فلا جريمة كاملة ولا غياب دائم، فما هي إلا جولة تفقدٍ واحدة لما وصلني عبر ( الماسينجر) حتى عاد الروتين الذي هممتُ للهروب منه، وهربتُ اليه!
ما أثارني طلب مراسلة كان قد أثار في داخلي الكثير من التساؤلات، وكثيرةٌ هي الحواراتُ التي كتبتها قبل الرد!
( كاساندرا) : هل توقعت أن أجلس كل تلك الفترة التي تواعد بها أنتَ (حبيبتك) التي وقعتَ في حبها، رُغمَ تحذيراتي لكَ بأنها ستكون جرحاً غائراً فيك ما حييت وأن أقع في حب شابٍ آخر، ويحصل بيننا زواج، وهو يتكلم بنبرة صوت قريبة من نبرة صوتك، ويحاول أن يكتب كما تكتب، ويجاهدُ في كل مساء أن يحدثني كما كنت تفعل انت، انت وحدك فقط من أثار في حياتي خواءً لن يزول، سأموت في كل يوم، وأنا أشاهدكَ خِلسه؟! "
و أضافت قائلة":"أنا لست عاطفية! ، انا رومانسية مثلك تماماً، ببساطة يا رأفت... لأن الشخص العاطفي يفكر بأشياء سوف تدوم، والشخص الرومانسي يثق تماماً بأن هذه الأشياء لن تحصل ابداً"
عزيزتي: نحن وُلدنا على عجل، مهرولين نحو ضوء الحياةِ الزائف، فنحن لازلنا نبحث عن حياة، ولا زلنا نبحث عن وطنٍ نريح رأسنا على كتفه ذات تعب...
كاساندرا كانت دائماً ما تغني لي أغنية المسلسل المكسيكي المشهور (كاساندرا) والذي رُبط عرضه بالاردن في الساعة السابعة مساءً في السابق بِتكرار حوادث (سرقة الأغنام) حيث كان الكُل يهرب من يومه نحو ( مسلسل كاساندرا)...
حيث كانت تغني وتقول:
بسمة الأيام
شفاهاً و عيوناً
نعمة الأحلام
جنوناً
لترسمي أسرارك
نجمة جديدة
لتكتبي أيامك البعيدة
كاسندرا
ربيع العمر أخذه هوانا
كاسندرا
فهذا شوق في العينين و أحياناً
كاسندرا
ازرعي وعداً و اقطفي السماء
و الأمان و الحنان.....
قَبِلتُ طلب المراسلة هَممت للإطمئنانِ عن حالِها.. وقبل الإرسال وجدت منها رسالةً جديدةً تقول:" الكون ينهار، بسبب الكورونا والشي الوحيد الذي يهمني أنكَ ما تزالُ بخير"
دخلتُ إلى صفحتها ولا زِلتُ مُحدِقاً في صورتها، فأنا أقدّرُ الفن، و ما النمشُ المتناثِرُ على صدرِها إلا بقايا التشكيل!...

نيسان ـ نشر في 2020-05-29 الساعة 17:39


رأي: رأفت القبيلات كاتب أردني

الكلمات الأكثر بحثاً